الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الانتماء الوطني والهوية القومية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل هناك تعارض بين الانتماء الوطنى والهوية القومية؟
الإجابة على هذا السؤال المحورى بـ«لا» على سبيل القطع واليقين.
فنحن عن سبيل المثال مصريون نعتز بانتمائنا إلى وطننا الغالى مصر ولكننا فى نفس الوقت عرب نشعر بعمق إلى انتمائنا إلى الأمة العربية، وقد انعكس هذا الانتماء فى سلوك النخب العربية سياسية كانت أو فكرية والجماهير العربية معا.
وأذكر أننا كنا فى أواخر الأربعينيات وبداية الخمسينيات وقبل اندلاع ثورة يوليو ١٩٥٢ وكنا ما زلنا طلبة فى مدرسة رأس التين الثانوية فى الإسكندرية نخرج فى مظاهرات حاشدة فى ذكرى صدور وعد «بلفور» بإنشاء دولة إسرائيل الصهيونية احتجاجا على هذا الوعد المشئوم ولنصرة الشعب الفلسطينى وتثبيت حقه فى وطنه.
لم نكن - ونحن فى بواكير الشباب- قرأنا ساطع الحصرى كما أننا لم نكن نعيش فى عصر «جمال عبد الناصر» الذى كان رائدا عظيما من رواد القومية العربية، ومع ذلك سلكنا بالفطرة هذا السلوك السياسى كتعبير أصيل عن انتمائنا الوطنى والقومى معا.
كان فى مصر قبل ثورة يوليو ١٩٥٢ عروبيون عظام فى مقدمتهم الفريق «عزيز المصرى» باشا الذى كان يعتبر الأب الروحى للضباط الأحرار وكذلك «عبد الرحمن عزام» باشا و«علوبة» باشا وهو من أبرز السياسيين المصريين العروبيين فى مصر.
وأبعد من ذلك كيف ننسى واقعة تاريخية شديدة الدلالة على عروبة مصر من دخول الجيش المصرى فى عهد الملك «فاروق» إلى فلسطين عام ١٩٤٨ لنصرة الشعب الفلسطينى ضد العصابات الصهيونية الغازية؟
ولا نريد أن نسترسل فى ذكر أحداث تاريخية متعددة لأن عصر «جمال عبدالناصر» كان هو حقبة توهج عقيدة القومية العربية والتى توجت بأول مشروع وحدوى حقيقى فى العالم العربى وذلك بتأسيس الجمهورية العربية المتحدة التى أصبحت تضم سوريا والتى أطلق عليها الإقليم الشمالى ومصر بكل ثقلها والتى أطلق عليها الإقليم الجنوبى.
صحيح أن مشروع الوحدة سقط تاريخيا بحكم تضافر المؤامرات الدولية وبعض أنظمة الحكم العربية على إسقاطه ولكن ذلك لا ينفى دلالته التاريخية البالغة الدلالة.
وهذه الدلالة تتمثل فى أن النخب السياسية والعسكرية السورية قدموا إلى مصر حتى مهمة تاريخية لمقابلة الرئيس «جمال عبدالناصر» يطلبون إنجاز مشروع وحدوى تصبح فيه سوريا ومصر دولة واحدة. ولم يستطع «عبدالناصر» بالرغم من تردده لأسباب سياسية شتى أن يرفض وهكذا نشأت الجمهورية العربية المتحدة.
نسوق هذا النموذج الوحدوى لهؤلاء الذين يعارضون ترسيم الحدود بين مصر والسعودية وإعادة تيران وصنافير إلى السيادة السعودية على أسس ضيقة تتعلق بالانتماء الوطنى مع أن هذا الانتماء كما أكدنا لا تعارض بينه وبين الهوية القومية العربية.
وليس معنى ذلك إخلاء مسئولية الحكومة المصرية فى موضوع الخلل الإجرائى فى طرح الموضوع أمام النخبة والجماهير معا. فقد كان ينبغى طرح الموضوع فى إطار وحدوى أوسع من موضوع من يملك ماذا ومن له السيادة تاريخيا.
ولو كان الخيال السياسى لدى النخب السياسية الحاكمة العربية أوسع مما هو موجود لكنا وصلنا إلى حلول فعالة فيما يتعلق ببعض المناطق الحدودية التى تثير خلافات بين بعض الدول العربية.
خذ على سبيل المثال موضوع حلايب وشلاتين التى نشأ بصددهما خلاف بين مصر والسودان وكل دولة تذهب إلى أنها تابعة لها.
كان يمكن حل هذه المشكلة وغيرها من المشكلات المماثلة باعتبار هذه المناطق المتنازع عليها مناطق للتكامل الاقتصادى العربى والتى يمكن أن تدار بصورة مشتركة. وبالتالى لا تثار مشكلات حول التنازع حول السيادة كما هو حادث الآن فى مشكلة الجزيرتين ولعل أحدا لم يطرح السؤال الاستراتيجى المهم وهو ماذا فعلت مصر بالجزيرتين وماذا ستفعل بهما السعودية لو صدر قرار نهائى بإعادتهما إلى السيادة السعودية. وهل هناك مشروعات استراتيجية أو صناعية ستقام عليهما أم أن مجرد بسط السيادة عليهما سيحل المشكلة؟
نحن مصريون حقا ولكننا عرب أيضا وفى السعودية هم سعوديون حقا ولكنهم فى نفس الوقت عرب أيضا.
بعبارة قاطعة ليس هناك أى تعارض بين الانتماء الوطنى والهوية القومية العربية.
eyassin@ahram.org.eg