الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"التوكاتسو" منهج وهم لتطوير التعليم يطرحه الوزير الهلالي الشربيني.. يهتم بالشكل العام للمدارس وسلوكيات تلاميذ الابتدائي.. خبراء: مسروق من اليابان.. وتربويون: الأولى الاهتمام بالمناهج وكثافة الفصول

الهلالى الشربينى
الهلالى الشربينى وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ليس بـ"التوكاتسو" ينصلح حال التعليم، هكذا علق الخبراء فور الإعلان عن الافتكاسة الجديدة للوزير الهلالي الشربيني، الذي رأى أن يهتم بالشكل للعملية التعليمية وينحى الجوهر، "الهلالي" ترك تنقية المناهج وتطوير المدارس والفصول الدراسية ومواجهة خطر الكثافات، وقرر طرح " التوكاتسو" لتحسين واجهة المدارس ونظافة الأفنية والأثاث والسلوكيات، خبراء أكدوا أن النظام الجديد مسروق من اليابان، وأنه محاولة من الوزير للفت النظر واستبعاد فكرة رحيله من الحكومة في التعديل الوزاري المرتقب. 





و"التوكاتسو" هو نوع من الأنشطة التربوية التى تطبقها الوزارة فى المدرسة اليابانية قى جميع مراحل التعليم، وتقوم على تنمية الشعور بالجماعة والمسئولية لدى التلاميذ والطلاب تجاه المجتمع بدءًا بالبيئة المدرسية المحيطة بها والمحافظة على المباني الدراسية والأدوات التعليمية والأثاث المدرسي وغير ذلك.
وكانت وزارة التربية والتعليم قد قررت تطبيق التجربة فى 12 مدرسة مصرية بدءًا من العام المقبل، على أن يمتد الأمر إلى 100 مدرسة أخرى، وذلك بالتنسيق مع الجانب اليابانى لتوحيد آليات وأسلوب العمل بمدارس هذا المشروع.
وقالت الوزارة فى بيان لها إن التجربة اليابانية على أنشطة التوكاتسو فى المدارس المصرية، هدفها تحقيق التنمية المتوازنة بين الجوانب الاجتماعية والعاطفية والأكاديمية للتلميذ، إضافة إلى تنمية روح التعاون ومهارات التعامل مع الآخرين لإعداد شخصية إنسانية متزنة ومتكاملة، والسؤال.. وماذا نجني من تطوير مع تطبيق "التوكاتسو" وكيف يسعى وزير التربية والتعليم لتطبيق أحدث النظم اليابانية الحديثة فى ظل نقص صارخ فى عدد الفصول وزيادة كبيرة فى عدد التلاميذ بالفصول وصلت إلى 120 تلميذًا فى الفصل الواحد، مع انهيار للبنية التحتية فى المدارس وخاصة بالريف والصعيد، إضافة إلى وجود مناهج بها خلل شديد تعتمد على الحفظ والتلقي. 


ويرد أيمن البيلى، الخبير التعليمى: لن نجني شيئًا من التوكاتسو، وقال إن سياسة وزارة التربية والتعليم الحالية فى استخدام تجارب الدول الأخرى هى سياسة متجزئة بمعنى أن هناك تجارب كاملة لهذه الدول حققت نجاحات بشكل كامل نتيجة اكتمال التجربة بكافة جوانبها، لكننا فى مصر اعتدنا على ما يسمى بسياسة القص واللصق، مضيفًا أن وزير التربية والتعليم اتخذ من التجربة اليابانية فقط أنشطة التوكاتسو والغرض فى اليابان من تطبيق هذه الأنشطة اعتماد الطالب على نفسه وتنمية روح القيادة ومهاراته والمشاركة الاجتماعية والفاعلة داخل محيطه لبناء الذات.
وأضاف البيلي، أن وزارة التعليم تسعى للاستفادة من هذه الطريقة بإخفاء بعض المشكلات وعدم حلها، فعلى سبيل المثال هذه الأنشطة تكون فى بيئة تعليمية متكاملة تتوفر فيها الخدمة التعليمية، بينما هنا نجد أن المدرسة أُهملت وهُمشت ولا نجد فيها الخدمات التعليمية المتوازنة وفقًا للمعايير التعليمية الحقيقية مثل ارتفاع كثافة الفصول وعدم وجود أنشطة كاملة داخل المدرسة وخدمات لتلك الأنشطة وعدم وجود إنفاق حقيقي على تلك الأنشطة وميزانيات متوازنة، فهناك ما يسمى بالحساب الموحد الذى طُبق فى عام 2012 وكانت مخصصة على الإنفاق على الأنشطة المدرسية وأصبح تابعًا للبنك المركزي ووزارة المالية مباشرة وهناك صعوبة فى الصرف للإنفاق على تلك الأنشطة المدرسية.
وأوضح البيلي: هناك تدنٍ وإضعاف لدور الأخصائي الاجتماعي، مؤكدًا أن دوره تخلف كثيرًا فى الإشراف على تلك الأنشطة المدرسية، وتابع: "وإذا طُبق النظام الجديد فلن يستطيع الأخصائي الإشراف عليها بشكل كامل"، إضافة إلى عدم وجود ديمقراطية التعليم الحقيقية فى العلاقات داخل المؤسسة التربوية، فعلاقة المُعلم بطلابه فى مصر مختلفة عن علاقة المُعلم بطلابه فى اليابان، كما أن المناهج الدراسية المصرية لا تنمى فكرة الانتماء فى محيطهم وبيئتهم التعليمية كالحفاظ على المدرسة والالتزام بالسلوكيات التربوية والأخلاقية الراقية، ولكننا نجد حجم الخسائر فى الأساس "المدرسة" يكلف ملايين الجنيهات نتيجة عدم انتماء الطلاب لمدرستهم التعليمية، موضحًا أن هذه الأنشطة لا بد وأن توازيها تربية ثقافية لفكرة أن المدرسة هي بيت الطالب وأن الطالب حين يقوم بنظافة فصله فكأنه يقوم بنظافة بيته، إضافة إلى أن طلاب المدارس لا يملكون هذا الانتماء نتيجة العلاقات المتفسخة وغياب كتب السلوك والآداب العامة التي يجب أن تكون مقررة على التلاميذ فى مرحلة التعليم الأساسي لتنمية سلوكيات الطالب وتطويرها.
تابع البيلي، لدينا أزمة كبيرة في مركزية اتخاذ القرار داخل المدرسة التعليمية بين مدير المرسة والمعلمين وما بين المعلمين والطلاب، فهناك علاقات مشوهة لا تساعد بشكل أو بآخر على تطبيق أنشطة التوكاتسو، فهي تحتاج لبيئة تعليمية جاذبة وهى غير موجودة وعلاقات ديمقراطية وغير موجودة ومناهج متطورة لتنمى روح الانتماء وهى غير موجودة.



ورأى حسين إبراهيم، الأمين العام لنقابة المعلمين المستقلة، الخبير التعليمي، أن الوزير يغازل مؤسسة الرئاسة بعد الحديث عن التعديل الوزاري الوشيك، مضيفًا أن التجربة اليابانية هى تجربة ثرية وجديرة بالاهتمام والدراسة لا شك وجديرة أيضًا بتطبيقها، ولكن بما أن الوزارة صرحت بأن التجربة اليابانية قد تم تطبيقها بالفعل في 12 مدرسة فعليها أن تعلن أولًا نتائج تقييم التجربة في هذه المدارس وهو أمر صعب بل مستحيل أن يتم الآن ونحن ما زلنا في منتصف العام الدراسي، وهذا ما يؤكد فكرة مغازلة الوزارة للرئاسة.
وتساءل إبراهيم، هل وفرت الوزارة بيئة تعليمية متوافقة مع تلك الموجودة في اليابان؟، وهل الوزارة تعمل على تقليل الكثافة في الفصول وإصدار تشريعات تحقق للمعلمين المناخ الصالح لأداء رسالتهم السامية أم أنها ستتركهم ليواجهوا مصيرًا مجهولًا في تدبير احتياجات بيوتهم وتلبية مطالب أسرهم ومع ذلك تطلب منهم أقصى جهد ممكن، مضيفًا أننا نريد أن نعرف المرحلة التعليمية وأيضًا ما هى المناهج التي تم تدريسها في المدارس التي تم تطبيق التجربة بها وما هى نوعية التدريس والوسائل التعليمية ونظم التقويم والامتحانات، أم أن الوزارة ستعقد امتحانات خاصة لطلاب هذه المدارس، وما هى نوعية المؤهل الذي سيحصل عليه هؤلاء الطلاب؟، ونريد أن نعرف ما هي تكاليف تطبيق هذه التجربة ومصادر تمويلها أيضًا؟، فعلى الوزارة الإفصاح عن كل هذه المعلومات بمنتهى الشفافية للرأى العام بدلًا من ترك الأمر لتخمينات المواطنين.



وقال طارق نور الدين، معاون وزير التعليم الأسبق، إنه لا يمكن أبدًا من كان سببًا في المشكلة أن ننتظر منه الحل، فعدم التزام الوزير الحالي بما انتهى به السابقون وسياسة البدء من الصفر هى أول مؤشرات فشل أي مشروع، مضيفًا أن إهماله للخطة الاستراتيجية 2014 التي وضعها محمود أبو النصر مع كل أطياف وفئات المجتمع والخبراء والتي كانت حلًا لكل المشكلات الآن، فإهماله لها جعل سياسة الوزارة الآن كمَن يجرى فى محله.
تابع نور الدين، أن هناك الكثير من الأنشطة التعليمية اليابانية قليلة للتطبيق فى مصر كنظام تدريب المعلمين وساعات الدراسة والعمل بروح الجماعة من المعلم والطالب ولكن هذا يتوقف على توفير البيئة المناسبة وعدم التطبيق الأعمى لها، مشيرًا إلى نشر الوعى بين الطلاب بأهمية نظافة فصولهم حتى يقوموا بأنفسهم بفعل ذلك، وذلك عن طريق دورات تثقيفية، ومن ناحية القيم والأخلاق فى اليابان بتدريس مادة مخصصة لهم بذلك ففى عام 2014 تمت طباعة كتب عن القيم والأخلاق ووزعت على المدارس المصرية وتم تدريب المعلمين عليها، مطالبًا بإيجاد حلول سريعة لمشكلة كثافة الفصول قبل تطبيق التجربة اليابانية وخاصة فى القاهرة الكبرى.




وأضاف عبدالحفيظ طايل، مدير مركز الحق فى التعليم، أنه قد تكون هذه الفكرة لامعة، فالأولى أن تطبق على جميع المدارس المصرية وليس عدد محدود من المدارس أو أنها تكون فكرة تجريبية تطبق فى عدد من المدارس، وإذا نجحت ستعمم، مضيفًا أنه بطبيعة الحال فإن دور المدرسة يكون بالتكامل بين الجوانب الوجدانية والعقلية والمعرفية بتنمية جميع جوانب الشخصية الإنسانية لدى الطفل بما يحقق مصالح الطفل العليا، مضيفًا أننا لدينا مشكلة رئيسية وهى عمل تجارب ناجحة فى عدد محدود من الأماكن لخلق كوادر ذكية فى أماكن محدودة فقط وهذا متبع فى التعليم فى السنوات الماضية بحيث تطبق التجربة فى عدد محدود من المدارس ولا تعمم إذا نجحت وأن هذا غالبًا يكون مربوطًا بمنحة من الدولة التى نطبق تجربتها وعندما تنتهى المنحة يتوقف المشروع لأن أمواله انتهت.