الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"أبناء الزعماء".. ترامب ليس أول من يستعين بأنجاله في إدارة شئون بلاده.. فعلها "روزفلت" بعدما أصيب بالشلل.. وابن "جون آدامز" انتحر بسبب الضغوط

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"مع كل كلمة ننطق بها، مع كل إجراء نتخذه، يجب أن نعلم أن أطفالنا يراقبوننا، نحن كآباء قدوتهم الأكثر أهمية".. قالتها السيدة الأول الأمريكية السابقة ميشيل أوباما التي سلمت مكانها لميلانيا ترامب السيدة الأولى الأمريكية الأحدث، كأنها تؤكد بطريقة غير مباشرة أنه إن كان ربُ البيتِ بالدفِ ضارب فمن الطبيعي أن تكون شيمـة أهلِ البيتِ الرقص، هذا ما أكده التاريخ كذلك، فأغلب الرؤساء أصحاب الأيادي المليئة بدمامل الفساد تورط أبناؤهم في فساد أيضا، فقد ذكر في كتاب "دوغ ويد" الذي يحمل اسم "أطفال الرؤساء.. انتصارات ومآسي في حياة الأسر الأمريكية الأولى" أن هناك ستة عشر ابنا على الأقل تولى مناصب بسبب حكم والده.
قال كيليان كونواي، محامي الرئيس الأمريكي الذي نُصب في مطلع هذا الأسبوع "دونالد ترامب" أن المحامين استطاعوا إيجاد ثغرة في ما يسمى قانون "بوبي كينيدي" وهو النظام الأساسي الاتحادي الذي يحدد نوع الوظائف التي تمنح لأبناء الرؤساء وعائلاتهم، وقال إن الثغرة عبارة عن استثناء، إذ يمكن للرئيس تعيين من يرغبهم في الجناح الغربي "لأن الرئيس يملك حرية التصرف في اختيار حاشيته"، وأضاف أن القانون لا يتحدث عن الخدمة داخل البيت الأبيض بل عن منع أفراد الأسرة من العمل داخل مجلس الوزراء.
لأبناء ترامب الثلاثة إيفانكا، أريك ودونالد الابن، والذين يعملون في مؤسسة ترامب، وضع غير عادي بالمقارنة مع العديد من أطفال الرئاسة السابقين، نظرا لأنهم جزء لا يتجزأ من نظام الرئيس المنتخب الوظيفي؛ هذا يجعلهم ينضمون لقائمة الرؤساء الذين ضموا أبناءهم إلى أعمال البيت الأبيض أثناء ولايتهم، لأنهم أصبحوا الآن يجلسون في اجتماعات مع الزعماء الأجانب وينظر لهم كجزء من "المكتب البيضاوي. 
لن يكون ترامب الأول بل سبقه "فرانكلين ديلانو روزفلت" فمنذ أن أصيب الرئيس بالشلل اتكأ على سواعد أبنائه جيمس وإليوت ليكونا هناك المؤتمرات المهمة أثناء حقبة الحرب العالمية الثانية، فقد جاء في سيرته الذاتية التي كتبها "دوريس جودوين" وحصلت على جائزة بوليتزر "معظم الناس لا يعرفون أنه كان مشلولا، فقد كان يتكئ على أذرع أبنائه القوية ليظهر كأنه يمشي" بالإضافة إلى اعتماده على زوجته بشكل كبير، والخبرة التي حصلت عليها أثناء فترة ولاية زوجها سمحت لها بالحصول على مسار وظيفي في الشئون العامة لاحقا.
عندما ذهب زوج ابنته "آن" مع الجيش عام 1943 انتقلت هي إلى البيت الأبيض، وقامت بدور السيدة الأولى داخل البيت الأبيض خلال العامين الأخيرين في ولاية أبيها، أبقى "روزفلت" آن في مقربة منه فقد كان يحب النميمة والقيل والقال، وكانت "آن" الشخص المناسب لمشاركته هذه الأحاديث دون أن تصل إلى الصحافة وتتسبب في فضيحة، بالإضافة لمتابعتها لصحة والدها، ويقول "جودوين" في كتابه "الجبهة الرئيسية في الحرب العالمية الثانية": "آن بما فعلته داخل البيت الأبيض سمح لأليناور روزفلت أن تقوم بدور السيدة الأولى خارج البيت دون أن تشعر بذنب، لتصبح بهذا أول سيدة أولى تحول المنصب الشرفي إلى نشاط بناء حقيقي".
ولكن ما كتبه "جون تشامبرلين" ونشرته مجلة "لايف" المرموقة في أوائل عام 1945 قبل وقت قصير من وفاة روزفلت، وجاء فيه "ابنة أبيها المدللة كانت تفعل ما هو أكثر من مجرد استضافة قادة الدولة على العشاء إذ كانت تساعد والدها على إدارة شئون الدولة"، ووضح أنها قامت بوظيفة سكرتير البيت الأبيض "ميسي ليهاند" الذي أصيب عام 1941 بسكته دماغية وتوفي على إثرها، وكما وضحت مجلة "تايم" مازالت هناك إلى يومنا هذا الكثير من المسائل الغامضة في فترة الحكم تلك، ولكن المعلومات المطروحة على الساحة أكدت أنها لم تحصل على راتب مقابل خدمتها على عكس شقيقها "جيمي" الذي حصل على 10000 $ سنويا، ولهذا لن تجد اسمها في قائمة بروتوكول وزارة الخارجية، وهو ما يعني أنها لا تعيش رسميا في البيت الأبيض بل كانت تذهب للعمل كمضيفة لوالدها أثناء غياب والدتها.
كما أصبح ويب هايز البالغ من العمر 21 عاما – وقت ذاك - الحارس الشخصي واليد اليمنى لأبيه الرئيس التاسع عشر للولايات المتحدة رذرفورد هايز وكان يقوم بالدور الذي يسمى الآن رئيس أركان.
كان لبعض الأبناء مكاتب في البيت الأبيض، في تحايل واضح على القانون، بل وتم وضعهم على جدول رواتب الحزب، وبهذا يحصلون على دخل من الديمقراطية أو اللجنة الوطنية الجمهورية، وانتشرت ثرثرة تقول إن وجود جورج بوش الابن داخل البيت الأبيض أثناء ولاية والده هو أمر شديد الضرورة، وعُلل الأمر بأن الجميع كان يقول للابن ما لا يقدرون على قوله للأب.
انتخب جورج بوش الأب كرئيس الولايات المتحدة الأمريكية الواحد والأربعين في عام 1988 وبعد فترة وجيزة من تنصيبه عام 1989 كتب مذكرة من 44 صفحة لابنه والرئيس المستقبلي الأمريكي جورج بوش الابن يتحدث فيها عن كيف تنتهي حياة أبناء الرؤساء، وكانت في الواقع بائسة، بل شديدة السوداوية، وعلق على المذكرة في وقت لاحق قائلا واصفا حياة أبناء الرؤساء بالــ"لعنة"، وأوردت التقارير تفاصيل كيف كان لأطفال الرؤساء ميول للسكر أو المرض المبكر، أو التعرض للحوادث والموت في ريعان الشباب، وقالت المجلة الأمريكية "تايم": "بعض أبناء الحكام تركوا وظائفهم ولم يقدروا على القيام بأي عمل، وبعضهم فقدوا صوابهم تماما، وفي هذا مثل وهو جورج واشنطن آدامز، الابن البكر للرئيس السادس للولايات المتحدة الأمريكية جون كوينسي آدامز، والذي يعتقد أنه انتحر في عامه الثامن والعشرين من العمر، والآخرون تركوا الدراسة ولم يرتادوا المدارس والجامعات، أو كتبوا مقالات سيئة السمعة، أو شغل أنفسهم بتقديم محاضرات تبرر قيام الرئيس الثامن من رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية "مارتن فان بيورين" الذي كانت الهولندية لغته الأم بالاعتراض على ضم ولاية تكساس إلى العلم الأمريكي.
حتى الآن، يبدو أن أبناء ترامب البالغين لن يقعوا في هذا الفخ فقد صنعوا حياتهم المهنية بعيدا عن السياسة على الرغم من إننا لا نملك سوى أن ننتظر ماذا سيفعلون بعد أن يبدأ ترامب عمله في أول أيام العمل الأمريكية غدا الإثنين، أما في أفريقيا بحسب ما ذكرة موقع "أفريكان نيوز" الإخباري المرموق أن "إيزابيل دوس سانتوس" ابنة الرئيس الأنغولي خوسيه إدواردو دوس سانتوس استولت على "بانك دي فومنتو أنغولا" وهو أكبر بنك في البلاد، إيزابيل كذلك ترأس "سونانجول" أكبر شركات النفط في البلاد حسبما ذكر موقع "فوربس" الاقتصادي، وبهذا تكون أغنى امرأة في القارة السمراء ما لديها من ما يقرب من 19% من أسهم بنك  BPI، رابع أكبر بنك في البرتغال بثروة تقدر بـ 3.2 مليار دولار أمريكي من نشاطاتها الاقتصادية.
ويبقى قول فرانكلين روزفلت: "واحدة من أسوأ الأشياء في العالم أن يكون الطفل ابنا لرئيس، فهذا يجعله يعيش حياة رهيبة".