الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

من وراء الوقيعة بين الشرطة وقبائل سيناء؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
معظمنا يعرف كيف ومتى ولماذا غزا الإرهاب سيناء ؟..
بالعودة إلى الذاكرة نجد أن الإرهاب بدأ منظما وخطيرا عقب زيارة الرئيس الأسبق مبارك لواشنطن عام ٢٠٠٤، ورفضه عرض الرئيس الأمريكى «الأرعن» وقتها جورج بوش الابن، خطة تبادل الأراضى التى أعدها الجنرال جيورا إيلاند مستشار الأمن القومى الإسرائيلى، والتى تقضى بتبادل الأراضى بين مصر وإسرائيل وفلسطين، بحيث تعطى مصر لإسرائيل مساحة ٧٢٠ كيلو مترا مربعا من سيناء، وضمها إلى قطاع غزة لإقامة الدولة الفلسطينية، مقابل ٢٥٠كم٢ تعطيها إسرائيل لمصر من صحراء النقب، وذلك لإنهاء الصراع العربى الإسرائيلى، وإقامة الدولتين!!.
وجاء الرد على الرفض المصرى سريعا، ففى السابع من أكتوبر ٢٠٠٤ بدأت سلسلة تفجيرات متزامنة بسيارة ملغومة استهدفت فندق هيلتون طابا الواقع بجوار بوابة العبور بين مصر وإسرائيل راح ضحيتها أكثر من ثلاثين قتيلا وعشرات المصابين من مصريين وجنسيات أخرى، فى نفس التوقيت وبذات الطريقة تم استهداف منتجعين سياحيين فى مدينة نوبيع جنوب طابا بستين كيلومترًا بسيارتين مفخختين.
لم تكن تفجيرات جنوب سيناء وما سببته من ضرب للسياحة فى عقر دارها والتأثير السلبى على الاقتصاد المصرى وارتفاع الدولار وقتها إلى الذروة، كافية لإقناع مبارك والمصريين بأن البديل الأمريكى هو الحل، بل تبعتها الكثير من العمليات، حتى جاءت عملية الرصاص المصبوب الإسرائيلية على غزة فى ٢٠٠٨ بعد ٤٨ ساعة فقط من زيارة تسيبى ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك لمصر، وتصريحها قبل مغادرتها القاهرة بأن إسرائيل لن تسمح بعد الآن باستمرار سيطرة حماس على غزة، وستغير الوضع، فى محاولة خبيثة ومكشوفة لإحراج القيادة المصرية من ناحية، وإجبار سكان غزة على النزوح إلى سيناء وفرض أمر واقع ترفضه مصر.
كانت هذه هى البدايات الحقيقية لحرب الإرهاب على مصر .. والمؤامرات الأمريكية والإسرائيلية لتنفيذ مخططهم بتكوين خلايا وجماعات تكفيرية وجهادية من حماس والإخوان، ودفعهم إلى السياسة وتزيين الحلم الذى تحقق بتسلمهم السلطة لمصر، ولكن مشيئة الله تعالى كانت أقوى من مؤامرتهم، واندحروا بعد سنة واحدة من الحكم، ولكن مازالت أيديهم تعبث فى سيناء من خلال أكثر من ٢٠ تنظيمًا مسلحًا تنتشر فى سيناء أخطرها تنظيم التوحيد والجهاد برفح و«تنظيم الرايات السوداء» بالشيخ زويد و«الجهادية السلفية» بأبورديس و«أنصار الجهاد» و«بيت المقدس» فى سانت كاترين و«شوري المجاهدين» فى جبل الحلال، وأغلب هذه التنظيمات تتلقي تدريبات قتالية متقدمة جدًا فى «دير البلح» بغزة ولكنها لا تختلف فى معتقداتها أو أفكارها حيث إنها مجرد تقسيم أدوار لا أكثر .
وتوحدت كل هذه التنظيمات الإرهابية فى تنظيم واحد «ولاية سيناء» وأعلنت مبايعتها لـ«داعش» وزعيمه أمريكى الصنع أبوبكر البغدادي، الذى أعطى أولوية لدعم جماعات التوحيد والجهاد والتكفير والهجرة وفلول القاعدة، وأعدادها تتجاوز ٢٥٠٠، وتعزيز قدراتهم بالأسلحة المهربة من السودان وليبيا عبر أنفاق غزة . 
وكلنا نسمع ونشاهد عن البطولات التى يسطرها جنودنا فى الجيش والشرطة، ومن خلفهم أبناء سيناء الشرفاء لكل هذه التنظيمات الإرهابية، وتوجيه ضربات موجعة أفقدتها الكثير من قدراتها.. إلا أن هذه التنظيمات اندست وسط الكتلة السكانية فى كل من رفح والشيخ زويد والعريش واتخذت من أهلها دروعا بشرية، تختفى فى بعض بيوتها بين أفرادها مستغلة عوامل الشكل واللهجة والزى فى التخفى والخداع مع التهديد والتوعد الصارم بقتل كل من يبلغ عنهم أو قتل أفراد أسرته، مع بث الرعب فى قلوبهم من خلال صورهم وهم يذبحون من يخرج عن أمرهم، كما يقول اللواء نصر سالم أستاذ العلوم الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية العليا!!.
وكلما كانت الضربات الأمنية التي تسددها قوات الجيش والشرطة للجماعات الإرهابية فى سيناء، موجعة وخاصة فيما يتعلق بهدم الأنفاق، مع غزة، كانت العمليات الإجرامية الإرهابية أشرس وأعنف ضد الأبرياء من أبناء سيناء الذين يدفعون ثمنا غاليا لوقفتهم الرجولية والبطولية مع الجيش والشرطة للقضاء علي تلك الجماعات.
لذا استغربت حالة التصعيد التى تبناها تجمع عدد من القبائل والعائلات السيناوية، ضد الحكومة المصرية، والفهم الخاطئ لديهم لما تقوم به الشرطة على وجه التحديد من حرب وعمليات تطهير لهذه البقعة المباركة من مدنسى الجماعات الإرهابية والتنظيمات التكفيرية لأرض ارتوت بدماء طاهرة من خيرة شبابها ورجالها!!.
كما استغربت البيان الذى أصدرته تلك القبائل والمتضمن ٨ قرارات، كالتالي: «رفض لقاء وزير الداخلية لأنه خصم للبلد، مطالبة نواب شمال سيناء بتقديم استقالتهم من مجلس النواب، الإفراج الفوري عن المعتقلين والمختفين قسريًا الذين لم تصدر ضدهم أحكام قضائية لأننا لم نعد نأتمن عليهم أحدا، التهديد بالعصيان المدني فى حالة عدم تنفيذ المطالب، معرفة مصير جثث أبنائنا الذين صدر باسمهم بيان وزارة الداخلية، فتح ديوان آل أيوب يوميًا لأبناء العريش حتى تنفيذ المطالب، دعوة كل عائلات ودواوين العريش لدعم قرارات المؤتمر تباعًا، تشكيل لجنة لمتابعة قرارات المؤتمر»!!. 
إن الفتنة التى زرعها البعض بين الداخلية وأهالى سيناء يجب وأدها فورا، فلا يمكن أن تنجح قواتنا فى دحر الإرهاب دون دعم القبائل السيناوية. وتحضرنى فى الختام كلمات قالها اللواء فؤاد نصار، مدير المخابرات الحربية، أمام الرئيس الراحل السادات والقيادات العسكرية، عقب انتصار ٧٣ ليثبت للعالم كله عزة وكرامة أبناء سيناء، الذين ضحوا بكل ما لديهم من أجل وطنهم: «لم تكن لدينا أقمار صناعية، لكن كانت لدينا هذه الأعين الثاقبة والصادقة من أبناء سيناء، لقد جعلوا المواقع الإسرائيلية كتابًا مفتوحًا أمام القوات المسلحة، فلولا أبناء سيناء ما كانت حرب أكتوبر وما تحررت سيناء».