السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

في اليوم العالمي للعناق.. العالم في حاجة للمحبة والسلام

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أنا لم أزل في دروب الهوى.. أسيرُ إليك وحملي ثقيل

بغيرِك يومي يزفُّ الشقا.. عديمُ الضياءِ كقبرٍ كحيل

فيا طُهرَ حلم سرى في دمي.. تعال أضمك قبل الرحيل

وعانق فؤادي بِلُطفٍ ولينٍ.. فقلبي يحبُ العناقَ الطويل

مقطع من قصيدة "العناق الطويل" للشاعرة العراقية صباح الحكيم، التي كتبت كغيرها من شعرائنا العرب في العناق، مُعبرة عن الاشتياق ولهفة المحبين، وهنا يطيب لنا أن نعرض لأعمال أهم الأدباء التي تناولت فكرة إطفاء لهيب الشوق بالعناق الطويل، سواء كان عناق الأخ، الأب، المحب، الصديق، وكذا رؤية العلم الحديث لفائدة العناق وتأثيره على تحسين الحالة النفسية والمزاجية، ولاسيما أن العالم يحتفل اليوم 21 يناير بمرور 30 عامًا على اليوم العالمي للعناق، وكان الأمريكي كيفين زابورني أول من اقترح الاحتفال في ولاية ميشيغان في العام 1986، حين وجد أن الناس قد تجد حرجًا في التعبير عن مشاعرها للأصدقاء وأفراد العائلة علنًا، ومن هنا جاءت فكرة الاحتفال بالعناق في يومين من كل عام، من خلال مظاهر كرنفالية يُظهر بهما الناس مشاعرهم؛ وهما عيد رأس السنة في بداية شهر يناير وعيد الحب في شهر فبراير.


ومن العناق دواء

رأى الكثير من الباحثين أن الأحضان تؤثر بصورة كبيرة في علاج الآلام والأمراض وتحسّن المزاج العام وتقلل من الغضب والاكتئاب والشعور بالوحدة، مؤكدين أن الحضن العميق يفيد في بناء الثقة والإحساس بالأمان لدى الطرفين، ويفتح المجال للتواصل الصادق، كما يساعد في إفراز هرمون الاوكسيتوسين والذي يسمى هرمون الحب، ويقلل من الشعور بالوحدة والعزلة، ويزيد من مستويات هرمون السعادة "السيروتونين"، الذي يساعد في تحسين المزاج والشعور بالسعادة، خاصةً إذا عانقت شخصًا لمدة طويلة، بالإضافة إلى إسهامات يسهم العناق في تقوية الجهاز المناعي، خاصةً أن الضغط بلطف على القفص الصدري يحفز الغدد الصماء على إفراز الهرمونات المنظمة للتوازن بالجسم وإنتاج كرات الدم البيضاء، التي تقوم بدورها في الحفاظ على صحة الجسم وخلوّه من الأمراض، كما يُشعر الشخص بالثقة في نفسه وحب ذاته، فحاسة اللمس إحدى أهم الحواس التي تمنحنا إياها أسرنا منذ اللحظة الأولى لولادتنا، ومن ثم يصبح اللمس جزءًا رئيسيًا من النظام العصبي؛ لذلك تظل الأحضان وسيلة ارتباط بمن نحب، وهو ما يشعرنا بأننا مازلنا محبوبين، كما أن عضلات الجسم تتأثر بالعناق، فالأحضان تقلل من الألم وتوتر الجسم وتعمل على راحة العضلات وتهدئة الأوجاع عن طريق تنظيم أداء الدورة الدموية، ويرى الباحثون أن الأحضان تُعلمنا فن المشاركة، ذلك لأنك ترسل وتستقبل مشاعر من الطرف الذي تعانقه، وهو ما يُعلمنا كيف نتبادل مشاعر الحب دون أنانية، ويمنح فرصة التأمل والابتسام لتتدفق الطاقة الإيجابية داخلك، وبذلك تخرج من أنماط التفكير التقليدية.

أوضحت دراسة أمريكية مؤخرا أن العناق يساعد على انتظام ضربات القلب، واعتدال ضغط الدم، كما أنه يخفف من الإحباط، ويحث على الاسترخاء. 

وأوضحت الدراسة أن السبب في ذلك يعود إلى قيام المخ بإفراز هرمون "أوكسيتوسين" الذي يساهم في شعور المرء بالأمان، حيث تكفي سبع دقائق من العناق للإحساس بنشوة السعادة. 

العناق وفوائده الصحية 

اختار الباحثون دراسة العناق وفوائده الصحية لأنه يعتبر إشارة ودليلا على العلاقة الوطيدة والحميمية التي تجمع بين الأفراد. 

ويقول الباحثون: إن الفرد الذي يتشاجر مع الآخرين أو الذي ليست لديه علاقة طيبة مع أحد ليست لديه القدرة على مكافحة الفيروسات أيضا، أما الشخص الذي يتلقى دعما اجتماعيا من أصدقائه وأحبائه وعائلته، محمي بشكل جزئي من الإجهاد وأمراضه كالاكتئاب مثلا. 

وقد أظهرت النتائج أن الدعم الاجتماعي والعناق يحميان من الالتهابات الناجمة عن الإجهاد والمشاكل.


العناق في لسان الأدب

كما أن الأدباء والمبدعين عبروا في إبداعاتهم عن قيمة "العناق"، فنجد العديد من الشعراء والمبدعين هاموا عشقًا في العناق لما له من تأثير على ممارسيه حيث قال أمير الشعراء أحمد شوقي:

لم أدر ما طيب العناق على الهوى حتى ترفق ساعدي فطواك..

وتأودت أعطاف بانك في يدي واحمر من خفريهما خداك..

ودخلت في ليلين: فرعك والدجى ولثمت كالصبح المنور فاك..

وتعطلت لغة الكلام وخاطبت عيناي في لغة الهوى عيناك...

كما قال الروائي والقاص البرازيلي باولو كويلو: "العناق حركة قديمة بقدم الإنسانية ذاتها، ومعناها أبعد بكثير من لقاء جسدين، فالعناق يعني أنني لا أشعر بأنك تهددني، ولا أخشى من قربي منك إلى هذه الدرجة، أستطيع أن أسترخي، وأن أشعر بالارتياح، وأن أشعر بالحماية وبحضرة من يمكن له أن يفهمني. يقال إنه في كل مرة نعانق فيها أحدًا بحرارة، نكسب يومًا إضافيًا في الحياة".

ومن أرق وأعذب ما قيل في العناق على لسان الشاعر الكبير جلال الدين الرومي:

أعانقها والنفسُ بعدُ مشوقة ٌ إليها وهل بعد العناق تداني

وألثمُ فاها كي تزول صبابتي فيشتد ما ألقي من الهيمان

ولم يكن مقدار الذي بي من الجوى ليَشْفِيهِ ما ترشفُ الشَّفَتان

كأنَّ فؤادي ليس يَشْفي غليلَه سوى أنْ يرى الروحَيْن تمتزجان


ولم تخل قصائد وكلمات الشاعر العربي الكبير محمود درويش من ذكر العناق والأحضان فقال في إحدى قصائده:

أتعلم عيناك أني انتظرت طويلا

كما انتظر الصيف طائر

ونمت.. كنوم المهاجر

فعين تنام لتصحو عين.. طويلا

وتبكي على أختها،

حبيبان نحن، إلى أن ينام القمر

ونعلم أن العناق، وأن القبل

طعام ليالي الغزل

ويقول الشاعر حسين القباحي في قصيدته "عناق":

ووددت لو أفنيت فيك العمر

حين ضممتني

ووددت.. لو أسكنت روحي خافقيك

ونسيت أنك قاتلي

ووددت لو أني ارتميت

أو أن راحلتي – ببابك – قد جئت

أو أنها ماتت – كما أني 

وما عادت تسافر

ووددت تقتيل المشاعر

لكنما اللحظات طالت

والمصابيح استدارت

والعناقيد التي في راحة الأشواق مالت