الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

"الألباستر".. كنز تراث الصعيد مهدد بالانقراض

حرفة  الألباستر
حرفة " الألباستر"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"الألباستر" حرفة يدوية قديمة عرفها المصريون،ضمن عشرات الحرف التي برعت بها الأيادي الماهرة، مهنة تعود لعشرات السنين ارتبطت بالحجارة والجبال والنحت، يعيش عليها بعض سكان الوجه القبلي تحديدًا قرية القرنة بمحافظة الأقصر، إلا أن الحرفة باتت تسجل تراجعا ملحوظا شأنها شأن حرف كثيرة كانت تعتمد في المقام الأول على السائح الشغوف بكل ما يتعلق بالحضارة الفرعونية ورموزها وأبجديتها والحقب التي مرت بها.
"البوابة نيوز" رصدت معاناة صناع حرفة صناعة الألباستر واستمعت لأوجاعهم.
وتعتبر "الألباستر" من أهم الصناعات التى تتأثر بمناخ السياحة، وهى عبارة عن نحت دقيق ومحاكاة للتماثيل الفرعونية الأصلية، يقوم بها عمال مهرة من أشهرهم أبناء قرية القرنة بمحافظة الأقصر، حيث ظلت تلك الحرفة مصدر رزق الأهالي لأكثر من نصف قرن.
ويشترك في تلك الصناعة الكبار والصغار النساء والرجال كل له دوره بحسب مهاراته وإمكاناته، الأطفال هنا معنيون بجلب الحجارة من الجبال ثم يتولي الرحلة من بعد ذلك بعض الشباب ممن يقومون بصنفرة تلك الأحجار و تهذيبها بشكل يجعل عملية النحت أكثر يسرا على الصانع أو النحات.
الأمر لم يقتصر على نحت التماثيل فقط، وهو ما أخبرنا به محمد الطاقي، أحد الصناع، والذي اتبع حديثه قائلا: نحن نرسم على الجدران أيضا لوحات وشخصيات فرعونية، وهذا يكون بالطلب، فضلا عن اللوحات الحجرية التي تعد خصيصا للألمان والروس.
الحياة في الأقصر كانت تحظى باستقرار عام قبل اندلاع ثورة يناير الأولى، إلا أن الأمر تبدل وساد الكساد بالمحافظة وترنحت الكثير من الصناعات التي كانت تعتمد على السائح، حتى إن الألباستر "أخذ يتراجع بشكل لافت، وهو ما تسبب في حالة ضياع وفقر مدقع لكل من يعمل في هذه الحرفة التي لم تعد تجد زائرا، حسب تعبير، طارق 28 نحات.
وقال علي، أحد أصحاب البازرات، 25 عاما: لا أعرف سوى تلك المهنة، حيث ورثتها أبا عن جد، ويشهد الله أني كنت أجني الذهب من ورائها، أما الآن فأجبرت على تسريح 25 عاملا وغلق المصنع الخاص بالألباستر، وبيوتنا اتخربت ولا أحد يدري كيف يعيش الآن حرفيو تلك المهنة.
الرحلة شاقة ومراحل تصنيع الألباستر غير تقليدية، حيث أوضح الحاج سعد الجمال، الذي يتولي نقل الحجارة من جبال القرنة للمصانع والورش، أنه يبدأ عمله مع انطلاقة الفجر يصعد الجبال ليقتطع منها بعض الحجارة وقد يأخذ البحث يومان أو 3 أيام، ثم يقوم بحملها على ظهر الناقة أو الجمل لمسافات بعيدة تصل لعشرات الأميال مشيرا إلي صعوبة الطرق الجبلية وأنها ليست ممهدة على الاطلاق لدخول السيارات ما يجعل الدواب هي الحل المتاح.
"يوميتي 10 جنيهات" جملة قالها الصغير طه، الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره، ويعمل مع أبيه في صناعة الألباستر، حيث يناوب الصغير أباه في كثير من الأعمال التي تتعلق بصنفرة الحجر وتنعيمه.
وأسعار الحجارة التي تعتبر الأساس في تلك الصناعة ليست عالية الثمن وتتراوح بين 10 إلى 50 جنيها على حسب حجمها بينما تباع بعد النحت بألوف الجنيهات، حسبما أخبرت به هنية مصطفي التي تشارك الرجال في جلب الحجارة من جبال "القرنة".
ولأن الصين لم تدع مجالا إلا واخترقته لذا حارب الألباستر الصيني نظيره المصري الذي تميز بروعة تفاصيله، حيث لفت ثروت عثمان، إلى أن الصين باتت منافسا قويا وحرقت الصناعة بسبب رخص منتجاتها مقارنة بالمصري، معقبا: الصين لا تنحت على الحجارة وتستخدم خامات قابلة للكسر اما المنتج المصري فلا يعلي عليه ولكنه أغلى.
وطالب أهالي القرنة بسرعة التدخل الحكومى لإنقاذ تلك الصناعة وتوفير مواد خام بأسعار تتناسب مع إمكانية الصناع سواء من ألوان أو صبغات مع المطالبه بفتح أسواق خارجية للألباستر لما له من مكانة في قلوب الكثير من البلدان التي أهمها ألمانيا وروسيا وأمريكا.