السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

علي التركي: هل تستطيع «الذهنية الإلكترونية» صناعة صحيفة ورقية؟ «20»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لا أخفيكم سرًا، أن مقالي رقم «16»، من سلسلة مقالاتي، عن المواقع الإخبارية، وآليات تطويرها، الذي حمل عنوان «الذهنية الورقيّة تحرق المواقع الإخبارية»، جلب لي الكثير من المتاعب، فالبعض أخذها على محمل «شخصي» ضيق، رغم أني تحدثت عن الفكر، وليس الأشخاص.

«المساحة الضيقة»، التي استقبل بها بعض الزملاء، امتدت لفترة طويلة، بعضها برسائل عتاب ومكالمات هاتفية، حملت كل عبارات الاستهجان، ولم يُلفت انتباهي كثيرًا، ما قيل، فالمعاني واضحة تمامًا، إلا أن إحدى الثرثرات جاءت من أحد أصدقائي الذين يعشقون «الوهم»، اتهمني فيها، بعدم الموضوعية والانحياز الواضح، وطالبني بالإجابة عن هذا السؤال بنبرة تحد: «هل تستطيع الذهنية الإلكترونية صناعة صحيفة ورقية؟».

ولأن «الثرثرة» ليست عيبًا بل مرضًا، ولأن التحدي جاء من صديقي الذي يعشق الوهم، ولأني أبغي أن يتمتع بالحكمة، سأقبل التحدي كي أحرره من أوهامه.

هيا بنا نبدأ

السؤال هنا شبيه بموقف طريف، تعرضت له شركة «إيرباص» العالمية، حين ذهب فلاح فرنسي إلى مقر الشركة، وطلب من إدارة المبيعات، تصنيع عربة «كارو»؛ لتساعده في الزراعة، وهو ما أثار ذهول كل من في الشركة، وطرحوا سؤالًا على كل العاملين: «هل نستطيع صناعة عربة (كارو)»؟.

المثال السابق، قريب الصلة بسؤال: «هل تستطيع الذهنية الإلكترونية صناعة صحيفة ورقية؟»، فارق السرعة بين الطائرات «الإيرباص»، والعربة «الكارو»، قريب من فارق السرعة بين الصحف الورقية والمواقع الإخبارية، لكن في كل الأحوال يجب أن نبتعد قليلًا عن السمات والخصائص لكل وسيلة.

عندما طرحتُ هذا السؤال على بعض الصحفيين، الذين ينتجون مواد صحفية صالحة للنشر في «الصحف الورقية والمواقع الإخبارية»، قال أحدهم نصًا: «أي محرر يقدر يصنع صحيفة ورقية»، مؤكدًا هذه الإجابة «حماسية جدًا»، ما دفعني لطرح عدد من الأسئلة؛ لاستكشاف أسباب استهتارهم بصناعة الصحافة الورقية، فكانت إجاباتهم تُركز على 3 عوامل متعلقة بـ«السرعة، والفورية، والتحديث، ومعايير الانتقاء، والسياسة التحريرية.. إلخ». 

ورغم اختلافي مع بعض ما طرحوه، من إجابات، واتفاقي مع بعض منها، إلا أن الرد يجب أن يكون أكثر تفسيرًا ويعطي انطباعًا عمليًا، توضح كيف ستبدو «الذهنية الإلكترونية» مع «الحبر والورق»، كما أن الحديث كله يجب أن يدور، في جوانب الصناعة نفسها، وليس طبيعة الوسيلة، فالعبرة في إيجاد طريقة؛ لنجعل المعلومات التي نحصل عليها أكثر ملاءمة لحاجات المستخدمين، سواءً في «الورقي أو الإلكتروني».

ومن هنا.. سنجد الفارق بين صناعة «الصحيفة الورقية» و«المواقع الإخبارية»، يضيق جدًا بشكل قد يكون متطابقًا، فكلاهما يحتاج إلى منظومة متكاملة الأركان، في جانبين رئيسيين، «الإدارة، والتحرير»، وهنا يأتي محور المقارنة الرئيسي بينهما. 

ففي «الجانب الإداري»، لا يمكن أن تُقارن بين «ذهنية ورقية»، تعتمد في الأساس على «المركزية»، وهي أسهل النظم الإدارية على البشر، وبين «الذهنية الإلكترونية»، المعتمدة على «اللامركزية»، في كافة مراحل إنتاج المادة الصحفية.

حتى فيما يخص التنظيم، وتوزيع الأدوار والمهام والمسؤوليات، ستصب في النهاية لصالح «الذهنية الإلكترونية»؛ بسبب تعدد مهارات الأفراد في المواقع الإخبارية، ما يمكنهم من القيام بأدوار متعددة داخل خطوط إنتاج المواد، عكس الصحف الورقية.

ففي «الجانب التحريري»، نحن نحتاج للمقارنة بين «الذهنية الورقية والإلكترونية» في أسلوب تعامل كلاهما في 3 عناصر رئيسة: «السياسة التحريرية، معايير الانتقاء، نوعية المحتوى». 

ففي العنصر الأول الخاص بـ«السياسة التحريرية»، ستجد فارقًا كبيرًا للغاية بين «الذهنية الورقية»، التي تجعل من الصحف «سجنًا ضيقًا»، يرتكب انتهاكات واضحة المعالم، فيما يخص الموضوعية، في التناول، إما عن «قصد أو جهل»، مستخدمًا أسلوب «الانحياز بالمحاباة»، بحجب حقائق، وآراء الأطراف الأخرى المؤثرة في المعلومات التي ينشرها، وتسمى أيضًا بآلية «المنع»، وهي لا تحتاج أي مهارات، فأنت تُخاطب فقط «المتفقين معك في الرأي». 

في المُقابل ستجد تطبيق «السياسة التحريرية»، في المواقع الإخبارية، صعبا للغاية، فلا يمكن تجاهل أي أحداث تقع، حتى لو كانت لا تخدم التوجه الخاص بالموقع، أي ستفقد عددًا كبيرًا من المستخدمين، وهنا تظهر مهارات «الذهنية الإلكترونية»، في كيفية التعاطي معها، ومعالجتها، وهنا تقل المخالفات المتعلقة بالموضوعية، وتتمكن من تغيير اتجاهات المستخدمين، والتأثير على آرائهم. 

وينطبق المثال السابق على عنصر «الانتقاء»، مع إضافة أن عملية اتخاذ القرار بنشر المعلومات أو رفضها، لا تستغرق أكثر من «10 ثوانٍ» في المواقع الإخبارية، فيما قد تمتد لأكثر من «10 ساعات» في الصحف، وهنا سيكون من الظلم المقارنة بين «الذهنية الإلكترونية» القادرة على تطبيق «معايير الانتقاء» بسرعة الصوت، وبين «الذهنية الورقية» أبطأ من «النملة»، وذلك بعيدًا عن أن صافي الانتقاء، يصل إلى ما يقارب من 2000 مادة صحفية متنوعة في المواقع، فيما لا تزيد عن 60 مادة، في أي صحيفة عدد صفحاتها 16 ورقة. 

وفيما يخص «نوعية المحتوى»، فدائمًا الاتهامات توجه إلى قلة المواد المتعمقة في المواقع الإخبارية، لصالح الموضوعات القصيرة، وهنا ستكون المقارنة أيضًا لصالح «الذهنية الإلكترونية» أيضًا، فما تنشره المواقع من موضوعات مُتعمقة بمعالجات صحفية خاصة يوميًا أكبر بكثير مما تنتجه 7 صحف يومية على الأقل.

الخلاصة: لو كان إحياء الأموات ممكنا لتمكنت الذهنية الإلكترونية من إحداث نهضة حقيقية في سوق المطبوعات والصحف الورقية.



للتواصل:

علي التركي

مدير عام تحرير موقع «البوابة نيوز»

Ali_turkey2005@yahoo.com

 

مقالات تهمك:-

مبادرة لإنقاذ الصحافة الإلكترونية «1»

لماذا «جوجل» منقذ الصحافة الإلكترونية؟ «2»

لماذا تخسر المواقع الإخبارية مع «جوجل»؟ «3»

كيف تربح المواقع الإخبارية؟ «4»

الكيان المؤسسي في المواقع الإخبارية.. الفريضة الغائبة «5»

فن صناعة المواقع الإخبارية.. «التخطيط» «6»

تصور مبدئي لإنشاء موقع إخباري ناجح «7»

شركات الإنترنت وتدمير «صحافة الفيديو».. «8»

كيف تحمي موقعك من النصابين؟ «9»

7 يفسدون موقعك الإخباري «10»

«مسمار جحا» في قانون الصحافة «11»

«أنا منافق إذا أنا موجود».. «12»

عن أزمة الصحافة.. كيف تصنع بطلًا من ورق؟ «13»

العلاقة بين الصحفي والمصدر «تجارة رقيق».. «14»

«التصميم التجاوبي» والمواقع الإخبارية «15»

«الذهنية الورقية» تحرق المواقع الإخبارية «16»

الصحافة الورقية «ماتت».. والإلكترونية مريضة بـ«التوحد»! «17»

«الصحافة» و«فيس بوك» صراع دائم وهدنة مؤقتة «18»

عبدالله كمال ونبوءة المحتوى المتعمق في المواقع الإخبارية «19»

هل تستطيع «الذهنية الإلكترونية» صناعة صحيفة ورقية؟ «20»

كيف جعلت الصحافة الإلكترونية «العلم في الراس والكراس»؟ «21»

لماذا تلجأ المواقع الكبرى إلى «الزيارات الوهمية»؟! «22»

المعايير الرئيسة لتقييم جودة المواقع الإخبارية «23»

لماذا كتاب «صناعة المواقع الإخبارية»؟ «24»

"صناعة المواقع الإخبارية".. مهام فريق التسويق «25»

صناعة المواقع الإخبارية.. التسويق لا يعني الزيارات فقط! «26»

10 أخطاء تسويقية تقع فيها المواقع الإخبارية؟ «27»

الخطة التسويقية للمواقع الإخبارية «28»

كيف نختار المعلومات الصالحة للنشر؟ «29»

دراسة السوق وتحديد الأهداف التسويقية للمواقع الإخبارية «30»

استراتيجيات ومحاور خطة التسويق في المواقع الإخبارية «31»

6 مهام رئيسة لقيادات المواقع الإخبارية «32»

«دورة النشر» في المواقع الإخبارية «33»

هل اجتماعات التحرير مضيعة للوقت؟ «34»

المشكلات التحريرية في المواقع الإخبارية «35»

السياسة التحريرية.. لعنات وتجاوزات «36»

4 عناصر تتحكم في السياسة التحريرية «37»

كيف نضع السياسة التحريرية للموقع؟ «38»

المحتوى الصحفي القصير.. المشكلات والتحديات «39»

المحتوى المتعمق.. نكون أو لا نكون! «40»

كيف نختار موضوعات الـ«Top Story»؟ «41»

المراجع التحريري.. المهام والصلاحيات والمسئوليات «42»

المراجع اللغوي.. المهام والمسئوليات والصلاحيات «43»

سكرتير التحرير.. المهام والصلاحيات والمواصفات «44»

رئيس القسم ونوابه.. المهام والصلاحيات والمواصفات «45»

مدير التحرير.. الواجبات والمسئوليات «46»

رئيس التحرير.. المهام والمسئوليات والصلاحيات «47»

الاستراتيجيات الصغيرة.. كيف يفكر مديرو المواقع الإخبارية؟ «48»

كيف يفكر مديرو المواقع الإخبارية الكبرى «49»

كيف يفكر مديرو المواقع الإخبارية المتوسطة؟ «50»

الميزانيات الكبيرة تصنع مواقع صغيرة أحيانًا! «51»

كيف تعمل المواقع الإخبارية متناهية الصغر؟ «52»

كيف تدار المواقع الإخبارية الصغيرة؟ «53»

كيف تدار المواقع الإخبارية المتوسطة؟ «54»

التنظيم المؤسسي للمواقع الإخبارية «55»

10 خطوات لإعداد الهيكل التنظيمي للمواقع الإخبارية «56»

بعد 7 سنوات.. نتائج هجرة المصريين إلى «فيس بوك» «57»