الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"اللعب في عداد الدعم".. الحكومة تسعى لتخفيضه لأقل من النصف.. "التخطيط": 50% من منتفعيه لا يستحقونه.. التموين: سعر الصرف أثر على توفير سلعه.. خبراء: إلغاؤه قادم وتدريجي والمجموعة الاقتصادية بلا رؤية

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"حكومة بُق" هكذا تبدو تصريحات وزراء المهندس إسماعيل شريف خاص ما يصدر من أنباء وأحاديث عن المجموعة الاقتصادية بالحكومة، تارة تصرح أن دعم الغلابة باقٍ، وتارة تقول إنه سيخفض إلى النصف، وأحيانا تخرج إيحاءات وتلميحات غير مباشرة أنه في طريقه للرحيل والإلغاء لصعوبة توفيره وغلاء السلع التموينية بعد تحرير سعر الصرف واستمرار التضخم والازمة الاقتصادية بالبلاد، الثابت أن الملف لغم،الحكومة تراوغ والمواطن لا يملك إلا الانتظار للقادم وسط قلق مصحوب بحذر من فكرة "رفع الدعم من خدمة الحكومة". 


وزير التخطيط أشرف العربى في تصريحات قبل أيام رمى كرة نار في ساحة الثلج وقال، إن 40 % الى 50 % فقط من المواطنين يستحقون الدعم التموينى، في إشارة إلى نوايا حكومية بالمساس بالدعم قريبا، موضحا أن 70 مليون مواطن من بين 90 مليون مصرى يستفيد من الدعم، مؤكدا أن منظومة الدعم فى مصر تعانى خللا كبيرا يتطلب من الحكومة تنقية قاعدة بيانات المستفيدين من غير المستحقين وقال إنه رغم مضاعفة مخصصات الدعم إلا أن نسبة الفقراء فى ازدياد. 
ورغم أن الحد الأدنى للأجور ثابتا عند 1200 جنيه منذ أن تم تنفيذه والأسعار تواصل صعودها، إلا أن الوزير أكد، أن هناك مراجعة دورية لقيمة الحد الأدنى للأجور بما يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية، موضحا أنه من غير المنطقى أن تواكب كل زيادة فى معدلات التضخم زيادة فى الأجور، كلام الوزير يبدو " لغزا " لكن اللغز الأكبر، كلامه الغير مفهوم بين السطور، فى ظل عدم توافر كثير من السلع التموينية وخاصة الأرز والسكر وقلة الزيت، يقابل ذلك تصريحات أكثر غموضا لوزير التموين اللواء محمد على مصيلحى، مضمونها أن تحرير سعر الصرف وامتناع المزارعين عن توريد محاصيلهم أدى لحدوث فجوة أثرت على مخزون السلع التموينية بسبب قلة الاستيراد وارتفاع الأسعار، ماذا يعني ذلك، وكيف تفسر مثل هذه التصريحات المقلقة.


ويرد الدكتور مجدي عبدالفتاح، مدير مركز البيت العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، ويقول: إن خطة الحكومة القادمة هو رفع الدعم عن المواطنين وخاصة بعد الظروف الاقتصادية الحالية، لافتا إلى أن الحكومة تسير بخطة موجهة بغض النظر عما يحدث من تغييرات وزارية من عدمه، هذه الخطة تصب في خفض الدعم ثم الغائه لاحقا، وتابع: "إذا اعتبرنا أن حديث وزير التخطيط أن هناك 35 مليون فقراء في مصر فأن عدد الفقراء قد زاد كثيرا وهذا دليل على أن الحكومة تضلل المواطنين". 
أضاف عبدالفتاح، أن وزارة التموين بالفعل خفضت من دعمها بشكل كبير في بطاقة التموين ورفعت الأسعار وبالتالي أن حصص المواطن فى الحصول على المواد التموينية انخفض فبعد أن كان يأخذ كيلو الأرز بـ 3 جنيهات أصبح سعره فى التموين 7 جنيهات، بالتالي نصيب الفرد فى شراء المستلزمات يقل هذا الى جانب ان السوق المحلى صار مفتوحا ولن تستطيع الحكومة ضبط اسعار السلع الاستراتيجية به وهذا يؤكد أن معدلات الفقر فى مصر سيزداد. 
في السياق كشف تقرير أعده الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن معدلات الدخل والأنفاق، أن الفقراء فى مصر يستهلكون أكثر من 70 % من دخلهم فى الطعام والشراب عكس الأغنياء لأن معدلات الدخل الكبيرة ينفقون أقل من دخولهم العالية ولكن معدلات الدخل الضعيفة يستهلكونها فى الحصول على الطعام والشراب وتابع عبدالفتاح أن استمرار تصريحات الحكومة يؤكد كذبها وعدم امتلاكها خريطة حقيقية أو استراتيجية بدعم المواطن.
وأضاف عبدالفتاح، أن تلميحات وزير التخطيط الأخيرة عن الدعم والتخفيض كارثية وليس بوقتها، وقال إنه من غير المنطقي أن تواكب كل زيادة فى معدل التضخم زيادة فى الأجور، ومن غير المنطقي أيضا أن تقوم الدولة بتخفيض سعر عملتها وأنها ليس لديها اقتصاد قوى ولديها زيادة فى البطالة وليس لديها مشروعات اقتصادية تعوض المواطنين وفى المقابل لا تضبط الأسواق وترتفع الأسعار، مضيفا أن الحديث عن أنه كلما زادت الرواتب زاد التضخم "كلام فارغ " لأن معدلات التضخم ترتفع بدون زيادة المرتبات لأن زيادة الأسعار سببها عدم سيطرة الدولة على الأسواق وانخفاض الإنتاج، موضحا أن عدم ربط الرواتب بالتضخم يساوى مزيد من عمليات التضخم والكساد ومزيد من الإفلاس للشركات لأنها لن تجد ما يشترى منتجاتها.

ولكن كيف يتم رفع الدعم؟، ويجيب أحمد خزيم، الباحث والخبير الاقتصادي، أن الدعم هو فرق التكلفة عن فرق سعر البيع للسلعة، وهذه القصة مختلقة منذ أيام يوسف بطرس غالى والسبب أن المنتج يقيم بالسعر العالمي والفارق فى بيعه بالسعر المحلى نعتبره دعم وهذه مناقشة لجزء من المشكلة ولم نناقش الجزء الآخر وهو تكلفة انتاج السلعة مقارنة بأجر العامل الذى يدخل ضمن تكلفة المنتج، متسائلا هل العامل المصري يحصل على نفس راتب العامل الفرنسي والأمريكي أو غيرهم الذى قيمت الحكومة عليه السعر؟ فالفارق هنا هو الدعم، السبب الثانى هو الإيرادات ومصادرها هى الضرائب وايرادات الدولة من نشاط المصريين وعندما يقوموا بتخفيض سعر العملة ويفقدها 60 % من قوتها الشرائية فأي دعم هنا نتحدث عنه عندما قل قيمة الجنيه لدى المواطن إلى 40 قرشا ؟، مضيفا ان مؤتمر شرم الشيخ وبعده مؤتمر الكوميسا وبعده مؤتمر دافوس وبعده مؤتمر اليورومنى وحتى الآن لم نصدر قانون الاستثمار وغيرها من منظومة القوانين التى تهيئ الاستثمار، مؤكدا أن الموارد الطبيعية المستغلة من مصر فقط 6.7 % من مواردها وطاقة قوة العمل 30 مليون مواطن وقد اهتم وزير التخطيط فقط بقانون الخدمة المدنية الذى يخدم 6.5 مليون عالم فقط فى الحكومة ولم يهتم قيد أنملة بقانون العمل القدم الثانية للاقتصاد المصري فى الاستثمار والقطاع الخاص.
أضاف خزيم، أن العالم كله فى سنغافورة واليابان وغيرها تهتم بتجربة الصناعات الصغيرة والمتوسطة ونحن فى مصر نضعها فى 6 وزارات وهى التنمية المحلية والصناعة والاستثمار والتعاون الدولي وغيرها وتضع تمويلها فى 7 أوعية وهى بنك ناصر والصندوق الاجتماعى وغيرها علما بأن فرنسا صنعت وزارة للتنمية والقيمة المضافة للاهتمام بهذا القطاع المهم والرئيسى والذى يسمونه فى الاقتصاد المضاد الحيوي السريع، موضحا ان المجموعة الاقتصادية الحالية بلا رؤية وعشوائية وبلا قدرات ولا تعلم قدرات مصر بل تنفذ ما يملى عليها بالتالي هى سبب الازمة الاقتصادية الحالية وليس حلها، وقد سبق لوزير المالة عمرو الجارحي أن الشعب المصرى طلب منى رفع الدعم وهذه تصريحات غريبة، فهذه الحكومة تتعامل مع الاقتصاد المصري بمنطق الحساب وعلى راسها البنك المركزي وليس منطق الاقتصاد التأثيري، فعندما خرج قانون القيمة المضافة لاستهداف 32 مليار جنيه أدى إلى ركود تضخمي سيؤدى إلى انخفاض الايراد العام بأكثر من 100 مليار جنيه نهاية العام وهذا يعنى أنه خسر 70 مليار جنيه وهذا يعنى أنهم لا علم لهم بعلم الاقتصاد إلا مجرد شهادات فقط ونحن الآن أمام مجموعة من الأزمات المنفجرة فكان معدل التضخم الطبيعي لدينا يتحرك بين 11 % إلى 12 % وعندما أشاروا على الرئيس تحرير سعر الصرف أصبح التضخم كبير جدا.


وقال هاني الحسيني، الخبير الاقتصادي، إن الحكومة لديها بالفعل توجهات بتخفيض عدد مستحقي الدعم من بطاقات التموين فكل فترة تعلن وزارة التموين عن تخفيض عدد منها وتنقيتها ودائما ما تخرج الحكومة بتصريحات وهى بداية لاتخاذ قرارات حقيقية لتخفيض عدد مستحقي الدعم فبدأ الحديث عن أن الذى دخله 1500 جنيه سيعفى من الدعم وبعدها قيل أن من دخله 3 الاف جنيه، هذا بالإضافة إلى أن رفع الدعم سيشمل رفع الدعم عن الوقود وزيادة المواد البترولية وهذا يتبعه زيادة فواتير الكهرباء أيضا على المواطنين. 
وتابع الحسيني، أن السياسة العامة للحكومة هو إلغاء الدعم بشكل كامل ثم يتم عمل ما يسمى بنظم الحماية الاجتماعية، موضحا أن نسبة الفقر الرسمية تقريبا 29 % يستحقون الدعم بشكل كامل لأنهم الذين تحت خط الفقر إضافة إلى تواجد نسبة مثلهم على الأقل أو أكبر تستحق الدعم أيضا لأنهم أيضا متوسطي الدخل تحولوا لفقراء.
وأوضح، أن هناك عجز فى الاستهلاك لدى الطبقات الفقيرة والمتوسطة مؤكدا أنها لا تلبى كل احتياجاته الغذائية والصحية وغيرها وبالتالي فلابد أن تتناسب الأجور مع التضخم، وقال إن فكرة الدعم نشأت من التوازن بين الأجور والأسعار نتيجة وجود فجوة بينهما فالأجور لا تغطى سعر السلع، مؤكدا أن الحد الأدنى للأجور غير منسب لنفقات المعيشة وبالتالي لابد من النظر فيه مرة أخرى.


فيما رأى الدكتور ايهاب الدسوقى، استاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الادارية، أن الحكومة بالفعل بدأت فى تقليل عدد مستحقي الدعم فكان عدد المواطنين فى بطاقات التموين 72 مليون تم ازالة 3 مليون منهم فأصبح المستفيد 69 مليون فقط، ولازالت وزارة التموين تحذف المزيد من المواطنين غير المستحقين لدعم التموين وهذا اجراء غير خاطئ لانه قد تجد اغنياء ورجال اعمال فى بطاقات التموين يتلقون الدعم التمويني لان بها ما لا يستحق الدعم، مضيفا أنه لابد من عمل حصر لمن يستحق الدعم التمويني ومن لا يستحق حتى يتم ازالتهم من البطاقات.
أضاف الدسوقي، أنه فى كل دول العالم دائما معدل زيادة الاجور يكون اعلى من معدل التضخم ونحن فى حاجة لتعديل الاجور فى ظل زيادة الاسعار لان المواطنين اصبحوا لا يستطيعون تكملة الشهر برواتبهم.


من جانب أخر قال الدكتور وليد جاب الله الخبير والباحث الاقتصادى، إن معنى رفع الدعم 50% من المصريين فهذه العبارة غير دقيقة وأتصور المقصود منها خروج 50% من المسجلين ببطاقات التموين من مظلة دعم السلع التموينية والخبز، مضيفا أنه إذا تم ذلك لا أتصور أنه يؤثر فى تلك الشريحة لمحدودية ذلك الدعم بالنسبة لهم، بينما سيكون لإعادة توجيه هذا الدعم في صورة زيادة في مستحقات الفئة الأكثر احتياجا دور أساسي في مساعدتهم على الظروف الاقتصادية الحالية.
أضاف جاب الله، أنه لابد من أن تتم المصارحة مع المواطن ليعلم أن ما يحدث في العالم من حالة ركود وماتمر به المنطقة من عدم استقرار وما يعانيه الاقتصاد المصري من عدم التشغيل الكامل لطاقاته لابد أنه سوف ينعكس عليه بالسلب في ظل استنفاذ الاحتياطات المصرية في مراحل عدم الاستقرار السابقة، ولكن علينا أن نتكاتف ونعمل على دفع عجلة الاقتصاد حتى نمر من هذة المرحلة الدقيقة فزيادة الإنتاج والعمل هما الضمانة لتحسن مستوى المعيشة وليس الزيادة الرقمية للدخول.
تابع جاب الله، أما عن خطوات حماية الطبقات الفقيرة، فلابد من أن ينعكس ما يتم من رفع الدعم عن السلع التموينية والخبز عن شرائح القادرين في زيادة في مخصصات الطبقات الفقيرة من الدعم فضلا عن تنظيم توزيع السلع التى تقدمها القوات المسلحة بأسعار التكلفة بالأسواق، والتأكيد على عدم المساس بمجانية التعليم وتطوير التأمين الصحي والمستشفيات الحكومية فضلا عن برامج الدعم الحكومي المتنوعة والتي تحتاج إلى مراجعة لتصل إلى مستحقيها الفعليين.