الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الخروج الآمن للمفلسين..إلغاءعقوبة الحبس والاكتفاء بالغرامة فى قضايا الإفلاس والتعثر في سداد القروض.. وزيرة الاستثمار: يشجع المستثمرين..خبراء: باب خلفي للفساد ويهدر المليارات على الدولة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الحظ يبتسم لقضايا الإفلاس في مصر، مشروع قانون جديد يلغي عقوبة الحبس والاكتفاء بالغرامة فى قضايا الإفلاس والمعثرين في سداد القروض البنكية، مراقبون وصفوا القانون بـ"الخروج الآمن للمفلسين والمقترضين من البنوك"،البعض يؤيده ويرونه فاتحة جديدة للاستثمار في مصر، والبعض يرفضه ويراه باب خلفي للفساد وثغرة جديدة لإهدار المليارات على الدولة، فيما أكد قانونيون أنه تقليد غير مكتمل لقانون أمريكي يطبق منذ سنوات. 



كان مجلس الوزراء، قد وافق على مشروع قانون إعادة الهيكلة وتنظيم الإفلاس والذى يتضمن إلغاء عقوبة الحبس والاكتفاء بالغرامة فى قضايا الإفلاس، بهدف تقليل الدعاوى القضائية وتشجيع المتعثر على السداد وتبسيط الإجراءات. 
وجاء بنص مشروع القانون أن يتم إنشاء إدارة إفلاس في المحاكم الاقتصادية، ووضع جدول لخبراء لجنة إعادة الهيكلة، كما يعتمد القانون على التوافق بين الدائن والمدين.
و علقت وزيرة الاستثمار داليا خورشيد على مشروع القانون أنه يأتى استكمالًا لقانون الاستثمار الجديد، وتطوير المنظومة التشريعية لتشجيع المستثمرين.


علي العكس وصف الدكتور مجدى عبدالفتاح، مدير مركز البيت العربى للدراسات والبحوث الاستراتيجية، القانون الجديد بأنه تعبير عن تردى الأوضاع الاقتصادية فى مصر أكثر من تشجيع للمستثمرين، مضيفا أن القانون يعود أكثر على رجال الأعمال "الخاسرون" الذين يريدون الخروج من السوق بشكل أمن وهذا يصب فى مصلحتهم، مؤكدا أن هذا مرتبط بحجم العمالة الموجودة لدى هذا المفلس وحجم الأموال المستحقة عليه سواء كانت للدولة أو لأفراد آخرين اقترضها منهم وهناك نماذج كثيرة حدثت من قبل مع مستثمرين أخرين وأصبح العمال فى الشوارع متشردين.
أضاف عبدالفتاح، أن فكرة تخفيف العقوبة على المفلس تشجع أكثر على الإفلات من العقاب واستسهال إعلان الإفلاس والخروج من الأسواق ويضيع على الدولة القروض التى اقترضها سواء من البنوك أو المال العام أو أراض حصل عليها من الدولة كما يضيع على الدولة البنية التحتيه التى وفرتها له فالأمر غير مرتبط بالمستثمر نفسه فقط ولكن النتائج المترتبة على القانون يشجع أكثر على الخروج من السوق فى ظل ظروف اقتصادية شديدة التعقيد حاليا وارتفاع فى الأسعار وانخفاض فى سعر العملة وارتفاع فى التضخم والسوق أقرب الى التوقف وليس الركود فقط، قائلا:" هذا القانون لن يشجع على الاستثمار على الإطلاق لأنه لو المستثمر إذا فكر فى أنه اذا خسر وافلس لن يعاقب فلن نأخذ منه أى انتاج أو إفادة للدولة ".
تابع عبدالفتاح، أن القانون " مُفصل للكبار " فى الغالب لأن إمكانيات الكبار فى توفير محامين وتجهيز إوراق هى المتوفرة ولكن إصحاب المشاريع الصغيرة الذين يمثلون 86 % من المنشآت وهو اقتصاد غير رسمى ليس لده بطاقة ضريبية وسجل تجارى وغيره ولا يمتلك أى أوراق لتجهيزها ليعلن إفلاسه، موضحا أن خطورة القانون هو التهرب من الحقوق التى ستضيع على الأخرين اولها الدولة وثانيها المواطنين الذين يعملون فى مصنع أو شركة المستثمر وأقرب هذه الأمثلة قضية مصنع كتان طنطا حيث أعلن المستثمر أنه سيفلس وسيغلق المصنع وترك العمال ولم يسدد أموال الفلاحين الذى أخذ منهم الكتان وظلت المعركة أكثر من 10 سنوات فى المحاكم واغلقت بيوت العمال وتشرد ما يقارب 6500 عامل ولم تحل الأزمة الا عقب ثورة يناير عندما اختلفت الأزمة فى مصر.



وقال رضا عيسى، الباحث والخبير الاقتصادي، إن هذه السياسة أو هذا الاتجاه ليس جديدا ومتبع منذ سنوات وتم الغاء جميع العقوبات المتعلقة بمشاكل رجال الاعمال واستبدالها بغرامات مالية كما حدث فى الجمارك وغيرها، ولفت إلى أن هذه السياسة تطورت لاحقا إلى موضوع المصالحة تحت شعار ومبدأ "..وماذا سنجنى من وراء حبس المتهم ولكن اخذ أمواله أفيد "، واشهر الوقائع في هذا الجانب، ما حدث من احتكار وتم الحكم على شركات الأسمنت المصرية بعقوبة 20 مليون جنيه فقامت الشركات بتحميل العقوبة على تكاليف الإنتاج وتحملها المستهلك بعد ذلك ".
أوضح عيسى، أن هذا القانون لن يشجع على الاستثمار ولكنه سيشجع على الفساد، مضيفا أن هذا يشبه قانون أمريكي يسمى " شابتر اليفن " وهو عندما يصل رجال الأعمال لمرحلة عدم السداد يتم أخذ شركته ووضعها تحت الحماية القضائية والمحكمة تحاول تسوى ديونه لمدة عام مثلا ولكن هذا لن يحدث فى مصر بالضبط، مضيفا أننا بمقارنة قوانين الاحتكار فى العالم سنجد انه فى بعض الدول العربية نفسها أن العقوبة تصل لسحب الترخيص وغلق المصنع وسجن صاحب المشروع ولكن لدينا بمصر غرامة فقط بدون سجن ولا غلق للمصنع. 



وتساءل النائب علاء سلام، أمين سر لجنة البيئة والطاقة بمجلس النواب، ما سبب الحديث عن إقرار هذا القانون فى مثل هذا الوقت لإلغاء عقوبة الحبس من المتعثرين والمقترضين أموال الدولة ؟، مؤكدا أن هذا القانون يعد بابا من أبواب الفساد لمجاملة بعض رجال الأعمال والفاسدين الذين اقترضوا أموال الدولة ولم ينفعوها بشيء لأنه بإقرار القانون يعنى أن العقوبة ستسقط من عليه وسيدفع غرامة فقط ولم يسدد ما اقترضه من أموال.
تابع سلام، أن هناك عددا كبيرا من المتعثرين فى سداد المديونيات المستحقة عليهم للدولة وبخروج القانون سيعلنون إفلاسهم سريعا عملا بمبدأ " قالوا للحرامى أحلف قال جالك الفرج "، وهنا ستسقط أموال الدولة التى اقترضوها ليبدأوا من جديد فى العمل فى استثمار آخر وكأنهم لم يهدروا أموال الدولة، هذا بالإضافة إلى أن إصدار القانون يعنى وجود حالات تعثر كثيرة فى السوق المصري وها لا يشجع المستثمر الأجنبي على المجيء لمصر. 



ورأى الدكتور عادل عامر، أستاذ القانون العام، ومدير مركز المصريين للدراسات القانونية والاقتصادية والسياسية، أن محكمة النقض حددت الهدف من العقوبة فى جريمة الإفلاس هى أن يعاقب بالحبس من يخفى الأوراق أو المستندات او التدليس ليضر بمديونيه أو دائنيه فى حالة تعثره، مضيفا أن الهدف الأساسي من قانون الإفلاس القديم هو حماية الدائنين من التدليس الذى يتم استخدامه من قبل المدين تجاه دائنيه أما غير ذلك يعتبر تعثر تجارى مشروع طبقا للنظم القضائية فعقوبة الحبس يجب ألا تكون مطلقة يجب ان تكون مشروطة فى حالة التدليس التي تثبت عكس حقيقة المدين، ولكن فى حالة التعثر الاقتصادي يكتفى بعقوبة الغرامة.
أضاف عامر، أن الإفلاس يعنى أن الديون المستحقة على رجال الأعمال تسقط ويتم بيع ممتلكاته لتعيين أمين عليها ليتم تسديد جزء أموال الدولة أولا ثم جزء من اموال الدائنين، موضحا أنه على الدائنين اذا توفرت لديهم أدلة عن عدم إفلاس رجل الأعمال سيتم تطبيق عقوبة الحبس على المفلس لتدليس المحكمة، مؤكدا أن مشروع القانون الجديد كان من ضمن طلبات رجال الأعمال في مؤتمر شرم الشيخ وطالبوا به كثيرا لأنهم خائفين من الحبس فى حالة التعثر والإفلاس وبتطبيق القانون الجديد لن يتم حبسه وبالتالي من الممكن أن يعود مرة اخرى إلى مباشرة أعماله من البداية.