الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هذه بيلاروسيا فماذا عن رجال الأعمال؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال الرئيس البيلاروسى أليكساندرو لوكاشنكو مخاطبا الرئيس عبدالفتاح السيسى أثناء افتتاح منتدى الأعمال المصرى البيلاروسى «طلباتكم أوامر، وسنقف إلى جانبكم بقدر ما تحتاجون».
بهذه الكلمات لخص لوكاشنكو وعيه بأهمية التعاون الاقتصادى مع دولة بحجم مصر، التى اعتبرها المنفذ الرئيسى إلى إفريقيا بالنسبة لبلده وغيرها من بلدان العالم. 
صحيح أن الرجل قد أسهب فى استخدام الجمل الإنشائية للتعبير عن مدى إعجابه بمصر كأقدم وأعرق حضارة على وجه الأرض، لكنه قدم أيضًا إطارًا عمليًا للتعاون فى مجالات التصنيع المختلفة، علاوة على مجالات الزراعة والخدمات الطبية والصناعات التكنولوجية الحديثة، قائم فى الأساس على شراكة كبيرة بين المستثمرين البيلاروسيين والمصريين، ونقل المعرفة التكنولوجية والصناعية إلى مصر، وعدم حجب أسرار تلك الصناعات، بحيث تتم كل تلك الاستثمارات على أرض مصر. العرض البيلاروسى مُختلف ونادر لأنه لن يكتفى بضخ استثماراته إلينا، بل سينقل المعرفة التكنولوجية وأسرار الصناعة إلى الخبراء المصريين فى المجالات التى سنتعاون فيها، ومنها صناعة آليات الإنتاج الزراعى الثقيلة والشاحنات وصناعة البتروكيماويات والبرمجيات وبعض مجالات التصنيع الحربي؛ وهو ما يجعله عرضا ثمين لا ينبغى تفويته، بحيث يبقى مجرد مذكرة تفاهم لا نعرف عنها شيئًا تمامًا كعشرات مذكرات التفاهم التى وُقعت مع دول مُهمة بالنسبة لنا مثل كينيا وأوغندا وجيبوتى والصين. المكاسب المعرفية والتكنولوجية التى تتحقق من وراء شراكات من هذا النوع تفوق بكثير فى أهميتها عائدها المادى، لأنها تعمل على توصيل ذلك النوع من المعرفة؛ وهو ما يساعد على خلق بيئة مؤهلة لتطويرها محليًا. هل يُدرك رجال الأعمال أهمية التفاعل الإيجابى والسريع مع ما توصلت إليه مذكرة التفاهم المُوقعة بين مصر وبيلاروسيا، أم أنهم سيكتفون بالحضور والظهور بالصورة دون فعل حقيقى. الرئيس البيلاروسى نفسه دعا رجال الأعمال المصريين إلى الرد على ما قام به الرئيس عبدالفتاح السيسى من أجل توفير استقرار سياسى واجتماعى وأمنى، بالعمل والاستثمار من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادى، وقال: «سنكون أسرع منكم لدعم مصر والوقوف إلى جانبها».
أظن أن على رجال الأعمال تقديم ما يشبه كشف الحساب للشعب المصرى الذى يربحون من خلاله، ولنرى ما إذا كانوا يشاركوننا دفع ضريبة الإصلاح الاقتصادى.
فما يُثير غضب غالبية المصريين إحساسهم أنهم وحدهم من يدفعون ثمن هذا التغيير الكبير فى طبيعة وشكل الاقتصاد المصرى، وأن الدولة ومؤسساتها وفى القلب منها الجيش وحدها من تتحمل عبء القيام بهذه العملية، من خلال ما تقوم به من مشروعات صناعية وزراعية، أو استثمارات فى البنية التحتية، بالإضافة إلى مشروعات الإسكان، وفى المقابل لن يُشارك معظم رجال الأعمال فى هذه العملية؛ فلا الدولة اقتربت منهم بتطبيق الضريبة التصاعدية على أرباحهم، ولا هم ردوا الجميل بمشاركتهم فى عملية إعادة بناء الاقتصاد بتنويع مجالات استثماراتهم، وضخ المزيد منها.
وعلى العكس من ذلك قاموا برفع سعر كل ما ينتجونه أو يستوردونه بأضعاف أضعاف قيمته الحقيقية بعد تحرير سعر الجنيه، وزيادة أسعار الوقود، بل وانتفضوا غاضبين فى وجه الحكومة عندما لوحت بوضع هامش للربح مثل دول رأسمالية كثيرة، بخلاف ذلك تورط بعض رجال الأعمال فى صناعة أزمات طاحنة، بدءا من لبن الأطفال ومرورًا بالسكر والزيت والأرز ووصولًا إلى الأدوية. 
إلى ذلك كله لم ير المواطنون من رجال الأعمال سوى لُهاث للاستثمار فى الإعلام، بافتتاح فضائيات جديدة أو شراء أخرى قديمة تُقدم برامج تُدافع عن مصالحهم، إما بنهش عرض الحكومة إذا صدر عنها ما يمُسهم، أو مدحها بنفاق واضح غير مستتر؛ وهو الأمر الذى يُشعرهم بعدم مصداقية الجميع.
لا بد أن تكون جهة ما فى الحكومة معنية برصد ما يقوم به رجال الأعمال من استثمارات فى سياق ترجمة مذكرات التفاهم مع الدول؛ فمن حقنا أن نعرف كيف تم التعامل مع تلك التفاهمات، خاصة بالنسبة لدول مُهمة من الناحية الاستراتيجية والاقتصادية، ونشر هذا النوع من المعلومات يُضيف للمواطن ثقة فى الدولة من ناحية، كما أنه يشكل نوعا من الضغط غير المباشر على هؤلاء الذين اعتادوا التربح إما بالاستثمار «التيك أواى»، أو حيازة أراضى الدولة بشكل غير قانونى.