الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

عجز الموازنة يقفز إلى 339.5 مليار جنيه..زيادة في المصروفات وتراجع في الإيرادات..والدين المحلي يسجل 2.75 تريليون جنيه..خبراء: ضرورة الإنتاج وتعديل السياسة الاقتصادية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أزمة في الحكومة، عفريت الموازنة يطاردها، العجز مستمر، المجموعة الاقتصادية فشلت في وضع خطة لمواجهة العجز، أرقام الديون الخارجية والمحلية مخيفة ومقلقة، الخبراء لا يرون حلا إلا برحيل الحكومة واستبدالها بأخرى أكثر قدرة على الخروج من عنق الزجاجة مع سرعة دوران عجلة الإنتاج وتعديل السياسة الاقتصادية وتبني مشروع قومي لتنشيط قطاع الخدمات لجذب العميل الخارجي. 
كانت تقارير حكومية قد كشفت نهاية شهر ديسمبر الماضي، للعام المالي 2015 / 2016 أن العجز الكلى للموازنة العام وصل 339.5 مليار جنيه وهو يعادل 12.3 % من الناتج المحلى الاجمالى، وقد وصل العجز خلال العام 2014/ 2015 الى 279.4 مليار جنيه فيما يعادل 11.5 % من الناتج المحلى.
وقالت وزارة المالية، إن الإيرادات العامة ارتفعت بنحو 26.3 مليار جنيه بنسبة وصلت الى 5.6 %، بينما ارتفعت المصروفات العامة بمقدار 84.5 مليار جنيه بنسبة تصل 11.5 %.

وفى تقرير للبنك المركزي صدر شهر يناير الجاري جاء به أن حجم الدين الخارجي المصري ارتفع بنحو 4.4 مليار دولار بنسبة وصلت الى 7.9 % ليصل إلى 62.2 مليار دولار فى سبتمبر عام 2016 رغم انه كان 55.8 مليار دولار خلال يونيو 2016، مشيرا إلى ارتفاع نسبة رصيد الدين الخارجي إلى الناتج المحلى الإجمالي إلى 16.3 % فى نهاية سبتمبر الماضي.
أشار التقرير أن الدين العام المحلى أيضا قد ارتفع إلى 2.758 تريليون جنيه فى سبتمبر 2016 منه 87.2 % مستحق على الحكومة وهو يقدر بـ 2.403 تريليون جنيه و4.3 % على الهيئات الاقتصادية، و8.5 % على بنك الاستثمار القومى.




ويؤكد الدكتور محمد أبو الفتوح نعمة الله، مدير مركز وادى النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن ديون مصر الخارجية تجاوزت الـ 67.6 مليار دولار حتى نهاية ديسمبر 2016 وتسعى الحكومة المصرية حاليا لطرح سندات دولارية واستلام شرائح أخرى من قرض الصندوق بخلاف وجود اعباء سنوية يجب اداءها للوفاء بالتزامات مصر تجاه الديون الخارجية، وتابع ان الخطة المعلنة للحكومة اقتراض 22 مليارا منها 12 مليار من صندوق النقد تم استلام الشريحة الأولى منها ثم نجد لدينا القرض الروسي والذى ستتعدى قيمته 30 مليارا ستسعى مصر لتدبير حصتها والمقدرة بخمسة مليارات من خلال قروض دولية فلو أضفنا أعباء ذلك التمويل سنجد أن الديون المصرية ستتخطى 100 مليار دولار.
أضاف نعمة الله، أن الحكومة المصرية قد ضاعفت حجم الدين الخارجي على الأقل خلال فترة لا تتجاوز عام ونصف في الوقت الذى لم تزيد فيه قيمة الصادرات المصرية عن 25 مليار دولار وهو ما يعني زيادة الضغوط على سعر العملات الأجنبية خلال الفترة المقبلة وربما نفاجأ بانفلات غير مسبوق فى الاسعار والدخول لمرحلة غير مسبوقة من التضخم والعجز التجاري والنقدي، مؤكدا أن لوضع الراهن ينذر بخطر حقيقي في ظل غياب رؤية أو خطة اقتصادية شاملة ومحكمة، مضيفا أن القرض الروسي يعد قرضا إنتاجيا من المفترض أن يسدد من عائدات إنتاج الكهرباء فنجد عدة محاذير على المشروع برغم طول فترة السداد تتمثل فى ارتفاع الفائدة المتمثلة فى 3 % سنويا بالمقارنة بالأسعار السائدة بالأسواق الدولية بالإضافة لاحتساب الفائدة باليوم وفرض غرامات مبالغ بها إذا تم التأخر عن السداد لعشرة أيام لتصل الفائدة إلى 150 % من فائدة التأخير سواء للقسط أو للفائدة ولعل الجزء الاخطر في هذا التمويل هو ارتباط صرف كل شريحة من التمويل بموافقة روسيا وهو ما يهدد عدم استكمال المشروع او تدبير احتياجات التمويل ذاتيا في أي لحظة.
تابع نعمة الله، أن العقدة الحقيقية فى هذا التمويل والتي اعتبرها حجر الزاوية والأكثر خطورة ودراماتيكية برغم أن أحدا لم ينتبه إليها ولم يرد ذكرها بالعقود أو ملاحقها وهى نقطة التقادم الفني لتلك النوعية من مشروعات الطاقة وخصوصا أننا نتحدث عن 22 عاما تتراوح بين عمر الإنشاء وسنوات السداد فى الوقت الذى توجد فيها تقنيات للطاقة الحرة شبه المجانية تهدد عرش المحطات التقليدية لتوليد الطاقة بما فيها التقنيات النووية، مؤكدا أنه لديه براءات اختراع مسجلة فى مجالات توليد الكهرباء بتكلفة حرة شبه مجانية لكنه لا يستطيع تطبيقها قبل إنهاء إجراءات الحماية الدولية فالتسجيل المحلى لا يحمى الملكية الفكرية دوليا.
أشار مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية، أن قرار تعويم سعر صرف الجنيه جاء متسرعا وسبق وأن حذرنا من خطورته عواقبه، موضحا أن السياسات الاقتصادية الحالية تؤدى لزيادة عجز الموازنة وعجز الميزان التجاري وحجم الدين العام بشقيه المحلى والأجنبي وهو ما يهدد بتفاقم معدلات التضخم وانخفاض سعر صرف الجنيه إذا لم نتخذ سياسة رشيدة للخروج من عنق الزجاجة.
وأضاف تابع نعمة الله، أنه سبق طرح عدة مشروعات وتقنيات جديدة تكفل حل مشكلة الاقتصاد المصري خلال عام واحد منها استخدام تقنيات جديدة للزراعة بماء البحر بشكل مباشر وبدون تحلية وإنشاء غابات ومراعى طبيعية على مياه الأمطار فضلا عن بعض التطبيقات فى مجال الطاقة الحرة والمحركات ذاتية الحركة وهو ما يكفل سد الفجوة الغذائية فى المحاصيل الرئيسية كالزيوت والحبوب ومحاصيل الأعلاف والمحاصيل السكرية وغيرها من بعض أنواع الخضر والفاكهة والأخشاب ومحاصيل الوقود الحيو ى وخفض أسعارها ومضاعفة الإنتاج السنى من الثروة الحيوانية والداجنة إلى عدة أضعاف بما يكفل القضاء على عجز الموازنة وعجز الميزان التجاري بل وتحويل مصر إلى دولة مصدرة ليس فقط للسلع الغذائية ولكن للتقنية أيضا سواء فى تلك المجالات أو مجالات الطاقة الحرة شبه المجانية والمحركات ذاتية الحركة وما يرتبط بها من تطوير فى العديد من المجالات، لافتا إلى أنه سبق أن تقدم بخطة اقتصادية لا يستغرق تنفيذها أكثر من عام لتنفيذ عدد من المشروعات، وللأسف بعض هذه المشروعات تمت دراستها وإقرارها فنيا واقتصاديا من جانب مؤسسات بحثية تابعة لمجلس الوزراء وأوصت بسرعة تطبيقها منذ نحو العامين ولم يحدث شىء.



وكشفت دراسة اقتصادية للدكتور وليد عبدالرحيم جاب الله، الباحث والخبير الاقتصادي، أن أهم أسباب المشكلة الاقتصادية "الفوضي في التصريحات والخطط الشو"، وتابعت أنه بالنظر إلى مؤشرات الاقتصاد المصري نجد أن تقارير وزارة الاستثمار تتحدث عن زيادة معدل النمو الاقتصادي من أقل من 2% خلال الفترات التالية لثورة يناير2011 إلى ما يجاوز4 % خلال عام 2016/2015، إلا أننا نجد أن عماد هذه الزيادة تمثل في قطاعات البنية الأساسية والإنشاءات والعقارات بنسبة نمو تجاوزت10 %، وهذه القطاعات وإن كانت تمثل قاطرة للتنمية وأداة للتشغيل، إلا أنها لا تمثل مصدرا للعملات الأجنبية، في حين نجد أن معدلات نمو القطاعات التي يمكن أن تكون مصدرا للعملات الأجنبية لازال محدودا للغاية، حيث نجد معدلات نمو الصناعة أقل من1% والزراعة 3.1 % وقناة السويس 1.3% والسياحة "نمو سلبي" قدره -28.7 % فضلا عن انخفاض تحويلات المصريين بالخارج، ويرجع ذلك للعديد من الأسباب أهمها، حالة الركود العالمي، وانخفاض أسعار البترول، والتأثر بحالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة، فضلا عن معاناة الدولة من حالة عدم الاستجابة الكافية من الكيانات الاستثمارية الكبيرة للحوافز الاستثمارية التي تقدمها الدولة.
وماذا بعد، وكيف نخرج من المازق الاقتصادي الراهن ؟ ويرد جاب الله، أن الحل المقترح هو استغلال قطاع الخدمات المصري في جذب العميل الخارجي، بما يمثله ذلك من اضافة إلى محاولات تعزيز تدفقات الدولة من العملات الأجنبية، وأساس هذا الحل يتمثل في تعزيز استغلال الميزة النسبية التي يضيفها قطاع الخدمات للاقتصاد المصري على اختلاف مجالاتها مثل الخدمات الصحية والتعليمية والرياضية والفنية والعقارية والمهنية على اختلاف أنواعها حيث نجد أن الاقتصاد المصري يمتلك جيشا من الفنيين المهرة في مجالات الخدمات المختلفة، وتعاني العديد من المنشآت الخدمية المصرية من حالة عدم الاستغلال الكلي أو الجزئي لها فضلا عما هو مخطط إليه من إنشاءات خدمية جديدة، كما يمثل انخفاض قيمة الجنية عامل جذب للعميل الخارجي وبديل أرخص للذهاب إليه من العديد من الدول الأخرى.
تابع جاب الله، أن أهم قطاعات الخدمات المقترحة لجذب العميل الخارجي تتمثل فى قطاع الصحة بما تمتلكه مصر من أطباء مهرة ومنشآت طبية لا تعمل بكامل طاقتها، فضلا عما هو مخطط إليه من إنشاءات طبية جديدة، وقطاع التعليم حيث يمكن أن تكون مصر منافسا لدول أمريكا وأوروبا للحصول على نسبة أكبر من البعثات التعليمية لدول الخليج في ظل تقليص مخصصات تلك البعثات بسبب انخفاض أسعار البترول، ورخص البديل المصري في ظل انخفاض سعر الجنيه فضلا عن تسويق ذلك القطاع للمواطنين بالخارج أنفسهم كبديل مناسب لأصحاب الطموح العلمي ممن لم يحصلوا على منح تعليمية من حكوماتهم، فضلا عن كون مصر بديلا تاريخيا لتعليم المواطن العربي والإفريقي، اضافة الى قطاع التدريب حيث تمتلك مصر الكوادر التدريبية بالإضافة إلى امتلاكها للمنشآت التي يمكن أن تساهم في مجال التدريب على رأس العمل المطلوب جدا في السوق الخارجي، وأيضا قطاع الرياضة عن طريق استغلال المدربين والمنشآت الرياضية المصرية الغير مستغلة كليا أو جزئيا في جذب المعسكرات والبطولات والفعاليات الرياضية من خارج البلاد.
تابع جاب الله، اضافة الى قطاع الثقافة، حيث تمتلك مصر قوة ناعمة من الفنانين والموهوبين في كل أفرع الفن يمكنهم أن يكونوا عامل جذب لمن يريد تعلم الفن، والاشتراك في أعمال فنية تناسب التسويق الخارجي، وايضا قطاع الانشاءات والاسكان، فالاتجاه نحو تحرير العلاقة الإيجارية يترتب عليه دخول أعداد كبيرة من الوحدات السكنية المغلقة لسوق الاسكان مما يزيد المعروض منها فتقل الأسعار ويقل معها هامش الربح الاستثماري، الأمر الذي سوف يترتب علية تحول جانب كبير من الاستثمارات من ذلك القطاع إلى قطاع الخدمات السكنية التي يمكن تسويقها للعميل الخارجي أو غيرها من القطاعات التي تعد مصدرا للعملات الأجنبية، اضافة الى تقديم كافة التسهيلات لكل مقدمي الخدمات الأخرى الذين يمتلكون خطة لجذب العميل الخارجي.
وأكد جاب الله، أن الية الحل تتمثل فى، تبني مشروع قومي لتنشيط قطاع الخدمات الموجهة للعميل الخارجي والنظر إلي هذا العميل بنظرة مختلفة عن النظرة التقليدية له كسائح، من خلال تشكيل فريق لإدارة هذا المشروع تابع لوزارة الاستثمار ليكون حلقة وصل تجمع بين من يتقدم للاشتراك في هذا المشروع من الجهات الخدمية العامة والخاصة بالداخل، وبين العميل الخارجي الذي يمكن الوصول إليه من خلال وحدات التمثيل المصري بالخارج، فضلا عن التعاقد مع شركات تسويق تعمل على جذب العميل الخارجي للاستفادة بما تقدمة له مصر من خدمات، الأمر الذي سوف يترتب علية في النهاية زيادة في أعداد زيارات العملاء الخارجيين حيث تمثل نفقات زياراتهم زيادة في تدفقات العملات الأجنبية للدولة تتناسب طرديا مع مدى التوسع في هذا المشروع.

فيما أوضح عبد الرحمن حسن، خبير الادارة المحلية، أن تنامي الدين العام الخارجي والداخلي وتضخمهما بشكل واضح ليكسر حاجز الـ3.5 تريليون جنيه، يرجع إلى القفزة الكبيرة التي حدثت في سعر الدولار عقب قرار تعويم العملة المصرية "الجنية"، مشيرًا إلى أن الصناعات الصغيرة والصادرات هى كلمة السر لحل الأزمة.
وأشار حسن إلى أن الصناعات الصغيرة هي أكثر وأسرع ما يمكننا تقديمه في الوقت الحالي، والمراقبة على جودتها وبحث متطلبات السوق الدولية هو روشته تطويرها، بحيث تصل بها إلى حد جودة المنتجات العالمية، وتستطيع أن يثبت نفسها في السوق الدولية، بهذا نستطيع جلب العملات الأجنبية ونستطيع الرفع من قيمة الجنيه.
وأعرب حسن عن استيائه من جودة المنتجات الزراعية التي تقدمها مصر للسوق الدولية، من فواكه، مشيرًا إلى أن تلك المنتجات أصبحت تُصنف على أنها غير صالحة للاستخدام الأدمي بسبب قلة جودة المنتج، مشيرًا إلى أن الرفعة من شأن المنتجات المُصدرة وتطويرها وإضافة منتجات جديدة هو كلمة السر الحقيقية فى إعادة الاقتصاد المصري إلى مساره السليم.