الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

أمريكا وإيران.. صراع جديد على الحدود العراقية السورية.. عملية سرية نفذتها العشائر السنية في الأنبار بدعم القوات الأمريكية.. "القائم" تستقبل جميع المتطوعين الدواعش من كافة أنحاء العالم

داعش
داعش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صراع جديد بدأ يلوح في الأفق بين أمريكا وإيران، وهذه المرة سيكون مسرح الأحداث في المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا، حيث تجرى الآن عمليات تحرير مدينة الموصل ثاني أكبر مدينة في العراق وآخر معاقل تنظيم داعش في العراق، وهي ذات المدينة الواقعة على الحدود العراقية السورية التي ستشهد الصراع بين أمريكا وإيران.
فقد بدأت إيران ترسل بمواليها إلى المنطقة الغربية لمدينة الموصل في مهمة توطين شيعي بها، حيث تسيطر قوات الحشد الشعبي (المدعومة إيرانيا) على المحور الغربي لمدينة الموصل في أعقاب انطلاق المرحلة الأولى لتحرير الموصل والتي بدأت في السابع عشر من أكتوبر الماضي.
وبالرغم من أن معركة الموصل الدائرة حاليا لا تشهد وجود أي قوات أجنبية تشارك فيها إلا أن هناك فصائل عراقية فسر المراقبون أنها موالية لإيران وتلقى دعما ماديا وعسكريا من إيران، وهي قوات الحشد الشعبي التي انضوت مؤخرا تحت قيادة القوات المسلحة العراقية وأصبحت قوات نظامية رسمية.
فقد نفى حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة وجود أي مقاتلين أو قوات أجنبية بجوار الجيش العراقي في معركة الموصل، وذلك في مؤتمر حوار بغداد الذي عقده البرلمان العراقي، أول أمس، إلا أن "العبادي" أوضح أن القوات الأجنبية الموجودة هي قوات التحالف الجوي والتي تقدم الدعم من خلال المشورة والتدريب والعمليات الجوية فقط.
وفي بداية المرحلة الأولى لحرب الموصل أعلنت الحكومة العراقية أن قوات الحشد الشعبي لن تشارك بعمليات عسكرية أو يسمح لها بالدخول إلى مدينة الموصل،خشية حدوث مواجهات طائفية مع السنة من سكان المنطقة كالتي حدثت من قبل منذ عامين، بل يقتصر دورها فقط على مهام الإسناد للجيش العراقي.
وبعد أيام قليلة تغير الوضع واتجهت قوات الحشد الشعبي إلى المحور الغربي لمدينة الموصل، حيث منطقة تلعفر، وهي المنطقة الأكثر استراتيجية نظرا لوقوعها على الحدود السورية، ومنها كان يتم إمداد "داعش" بالأسلحة والمؤن من الرقة السورية لـ"داعش العراق".
وقد فسر المراقبون بأن وجود "الحشد الشعبي" في منطقة تلعفر إنما يشكل سيطرة إيرانية على تلك المنطقة الحيوية حيث يعد الطريق البري الوحيد لإيران للوصول إلى سوريا.
وفي المقابل، ونظرا للأهمية الجيوسياسية لمنطقة تلعفر الواقعة على الحدود العراقية السورية، فقد بدأت أمريكا التحرك ودفعت بعدد من العشائر السنية لإطلاق عملية عسكرية هناك، وهو ما يؤكد أن الصراع بين أمريكا وإيران سيتجدد في هذه المنطقة.
والصراع على الحدود ليس عسكريا فقط، بل سياسي أيضا، فالتحرك على حدود دولية يتطلب تنسيقا بين العراق وسوريا من ناحية، وبين أمريكا وإيران من ناحية أخرى، فقد تمنت إيران على إيجاد طريق بري مع حليفتها سوريا منذ سنوات، إلا أن أمريكا كانت تعمل جاهدة على منع ذلك بأي ثمن.
وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى ما قاله حيدر العبادي في نوفمبر الماضي خلال مؤتمر صحفي، حيث قال: "إن الحدود العراقية-السورية تحتاج إلى إجراءات أمنية لمنع عودة المتطرفين إلى العراق بعد طردهم من الموصل".
وكان "العبادي" قد أرسل وفدا إلى سوريا برئاسة مستشار الأمن الوطني فالح الفياض لمناقشة ذلك الأمر مع الرئيس السوري بشار الأسد.
وبعدها أعلن عدد من قادة الفصائل الشيعية استعدادهم لانتشار مقاتليهم على الحدود مع سوريا، وقدموا طلبا إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي لمنحهم هذه المهمة، إلا أن "العبادي" لم يوافق على هذا الطلب حتى الآن.
وكانت منظمة بدر التي يتزعمها هادي العامري، إحدى أقوى فصائل "الحشد الشعبي"، ولها تمثيل سياسي في الحكومة والبرلمان طالبت بأن تقوم قوات "الحشد الشعبي" بحماية الحدود مع سوريا؛ بحجة أن قوات "الحشد الشعبي" مدربة تدريبا كبيرا على قتال المتطرفين.
وفي ضوء ذلك أعلن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، المعروف بعلاقته الوثيقة مع "الحشد الشعبي"، خلال زيارته إلى طهران الأسبوع الماضي أن "بإمكان الحشد الشعبي عبور الحدود والتوجه إلى سوريا لمساعدة إخواننا في القضاء على هذا التنظيم"، وهو التصريح الذي لاقى ردود فعل واسعة حينها وتم تصويره على أنه خطوة مماثلة لوجود حزب الله اللبناني في سوريا والذي يقاتل بجانب الجيش السوري ضد التنظيمات المعارضة المسلحة هناك.
وقد أثارت هذه التحركات والتصريحات من قبل سياسيي وعسكريي شيعة العراق حفيظة أمريكا، الأمر الذي دعاها إلى تنفيذ عملية عسكرية على الحدود العراقية-السورية في محافظة الأنبار، لمواجهة خطة إيران بدفع قوات "الحشد الشعبي" نحو الحدود العراقية-السورية عبر محافظة نينوى.
وقد أفادت تقارير صحفية، نشرت مؤخرا، أن الخميس الماضي قد شهد إطلاق عملية عسكرية قام بها مقاتلو العشائر في الأنبار لاستعادة السيطرة على ثلاث مدن ما زالت تحت سيطرة المتطرفين وهي عانة وراوة والقائم التي تمثل معقلا مهما لقادة داعش، والغريب أن الحكومة العراقية لم تعلن عن هذه العملية ولم تصدر بيانات يومية عن سير المعارك هناك.
ولكن مقاتلي العشائر في الأنبار قالوا إن العملية العسكرية جرت بالتنسيق مع الحكومة وبتشجيع من القوات الأمريكية الموجودة في قاعدة "عين الأسد" ذات الموقع الاستراتيجي القريب من الحدود.
وفي حديث لموقع "نقاش"، الذي يبث من ألمانيا، يقول عمر المحلاوي، أحد مقاتلي العشائر السنية في بلدة حديثة التي انطلقت منها العملية العسكرية نحو الحدود: إن قوة مشتركة من العشائر بلغ عددها أكثر من ألفي مقاتل وقوات أخرى من الفرقة السابعة التابعة إلى الجيش شنت هجوما مفاجئا على بلدة عانة ضمن خطة سرية لم يعلن عنها لمنع المتطرفين من الاستعداد لها". كما أكد "المحلاوي" أن العملية العسكرية جرت بالتنسيق مع ضباط كبار من الجيش الأمريكي تم الإعداد لها في قاعدة عين الأسد".
وأضاف "المحلاوي": في الأسابيع الماضية كانت الغارات الجوية للتحالف الدولي محدودة على مناطق غرب الأنبار الواقعة على الحدود مع سوريا، ولكن منذ أيام ازدادت الغارات الجوية بشكل كثيف وساهمت بتقدم أفواج العشائر نحو بلدة عانة أولى البلدات الواقعة على الطريق المؤدي إلى الحدود مع سوريا.
والحديث عن الحدود بين نينوى وسوريا مرتبط بانتهاء المعارك في الموصل أما المعركة من أجل الحدود في الأنبار ما زالت في بدايتها وستكون أشد صعوبة خلال الأسابيع القليلة المقبلة خصوصا عندما تقترب المعركة من "القائم" تلك المدينة التي تمثل عاصمة سرية لقادة تنظيم داعش، ولم تتعرض لأي عملية عسكرية برية منذ عامين.
فقد اختار داعش مدينة القائم لتكون المقر السري لقادته، وفيها يوجد أكبر مصانعه للعبوات الناسفة، ويتم استقبال المتطوعين في صفوفه من جميع أنحاء العالم هناك، وتحوي أهم معسكرات التدريب، وفي هذه المدينة يعقد قادة داعش في العراق وسوريا اجتماعات دورية لمناقشة أوضاع دولتهم.
الصراع بين أمريكا وإيران على الحدود العراقية-السورية سيكون شديدا بعد معركة الموصل، وسيستخدم كل طرف حلفاءه المحليين في هذا التنافس، تستخدم إيران حلفاءها من الفصائل الشيعية، بينما تستخدم الولايات المتحدة حلفاءها من مقاتلي العشائر السنية، ولكن الشيء المؤكد أن حماية هذه الحدود هو مفتاح انتصار العراقيين على تنظيم داعش.