الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لقاء المحبة.. والأنبا يوحنا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى هذا الوقت من كل عام وفى مناسبة عيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام كنت أكتب على صفحتى على الفيس بوك كلمات تهنئة للأشقاء فى هذا الوطن تقول (كل عام وإخوتنا المسيحيون بخير بمناسبة عيد الميلاد المجيد)، وكنت أكتب هذا المعنى فى مقالات صحفية فى مناسبات كثيرة للإخوة المسيحيين ! هذا العام أدركت أن التهنئة يجب أن تكون لنا جميعا كمصريين نعيش على تراب مصر، وأدركت أننا دون أن ندرى نكرس فكرة أننا لسنا كيانا واحدا، وأن تكرار الحديث عن عنصرى الأمة، وتعانق الهلال مع الصليب ومشاهد الشيوخ والقساوسة فى المناسبات هو خطأ نقع فيه دون أن ندرى، والحقيقة أن الشعب المصرى هو كيان واحد ويجب أن يظل كذلك، ويجب أن تختفى من كلماتنا وتعبيراتنا كل ما يشير إلى تفرقة أو تمييز، من أجل ذلك كتبت (كل عام وكل المصريين بخير بمناسبة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد) فنحن جميعا أولى ببعض.. الأمل واحد، والرجاء واحد، والألم واحد، والوطن واحد ندعوه جميعا من المسجد والكنيسة.. كلها بيوت الله.
فى أعوام سابقة كنت أشارك الإخوة فى قداس عيد الميلاد وعيد القيامة بكنيسة الملاك بالمهندسين سابقا مطرانيه شمال الجيزة حاليا، وكنت أشعر بسعادة بالغة خلال الوقت القصير الذى أقضيه معهم ثم أنصرف، وتوطدت علاقتى بالكثير من الآباء القساوسة بالكنيسة ودام التواصل بيننا وما زال.
هذا العام لم تتح لى الفرصة لحضور القداس فكان من الضروري الذهاب للمشاركة والتهنئة صباح يوم العيد.. انطلقت أنا والزملاء الأعزاء خالد إمام رئيس تحرير المساء الأسبق ومحمود حبسه رئيس تحرير جريدة الرأى إلى المطرانية وكانت فى استقبالنا الكاتبة والزميلة كلير نصيف رئيس اللجنة الثقافية والإعلامية بالمطرانية.. دخلنا إلى قاعة الاستقبال حيث يتصدر المجلس نيافة الأنبا يوحنا.. تبادلنا التحية والتهنئة ثم أجلسنا عن يمينه وعن يساره ودار حوار بيننا وبينه فى قضايا كثيرة لم يقطعه غير المهنئين الذين اصطفوا فى طوابير تبدأ من خارج القاعة وتنتهى أمامه، ومع كل فرد منهم - كبيرا أو صغيرا - يتبادل الأنبا يوحنا بعض كلمات الود والمداعبة بوجه لا تفارقه ابتسامة وقورة فهو يعرفهم بالاسم.
أعترف أننى تعلمت أشياء كثيرة فى هذا اللقاء.. فقد غاص بنا الأنبا يوحنا إلى أعماق التاريخ، وكأنى ركبت معه بساط الريح، وسمعت منه عن مصر فى التاريخ والجغرافيا والفلسفة ما لم أسمعه من قبل، وعن قدرة مصر وعظمتها وإرادتها الصلبة ما يؤكد أنها وطن يعيش فينا وليس وطنا نعيش فيه.
اللقاء استمر أكثر من الساعتين.. لقاء محبة من الطراز الرفيع.. لم يطرأ فيه على الذهن أو الخاطر ما يشير إلى أننا مختلفون، أو أننا فى بروتوكول.. الابتسامة لا تغادر الشفاه، وعلامات الرضا تكسو الوجوه، ونظرات العيون تنطق بما تعجز عنه الكلمات.. ليست هناك إلا الفرحة بالتواصل، والكرم فى الضيافة، ولولا توافد جموع المهنئين المصريين التى لا تنقطع لكان اللقاء استمر أكثر من ذلك. لقاء المحبة جمع كل الأحبة.. الأب أنجيلوس الذى تربطنى به علاقة وطيدة وطيبة لم تنقطع منذ سنوات، والأب شاروبيم الذى أسعدنى بالتعارف إليه، وإخوة كانوا سعداء بوجودنا بينهم رغم أننا لم نتبادل معهم أى حوار.. لقاء المحبة فاض بمشاعر جميلة وراقية وأدخل البهجة على نفوسنا، وضمد جراحنا، وجبر خواطرنا. كل عام وكل المصريين بخير.. كل عام ونيافة الأنبا يوحنا وكل من معه بالمطرانية بخير وأمن وأمان، وكل عام والأديبة الكبيرة كلير نصيف صاحبة الفضل بخير وصحة وسعادة.. وتحيا مصر.