الخميس 30 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

كلنا في التقشف «عرب»!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كلنا فى الفقر والتقشف «عرب».. فلم تقتصر برامج الإصلاحات الاقتصادية وحالة التقشف وربط الحزام التى أوجعت بطن الغلابة، وتسببت فى عسر هضم وحالات إمساك حادة للمواطنين على مصر وحدها، بل امتدت لعدة دول عربية أخرى مثل تونس، الجزائر، الأردن، العراق، المغرب، وأخيرا بعض دول الخليج مثل السعودية، فى محاولة لتعزيز النمو الاقتصادى الذى تباطأ منذ اندلاع الثورات العربية فى عام ٢٠١١، ولمعالجة عدد من التشوهات الاقتصادية الملحة، وعلى رأسها عجز الموازنة الذى تزايد فيها بشكل خطير بسبب تراجع العوائد الحكومية فى مقابل تزايد النفقات العامة.
وشملت البرامج التقشفية، تدابير بدءا من ترشيد دعم الوقود، والذى أدى إلى زيادات متوالية فى أسعار البنزين والسولار ومن أولى البلدان التى تبنت هذه الخطوة بالمنطقة هى الأردن التى رفعت أسعار البنزين والديزل فى نوفمبر ٢٠١٢ بنسب تتراوح بين ١٦ و٣٢٪، وفى يوليو ٢٠١٤، رفعت الحكومة المصرية أسعار المشتقات النفطية والغاز الطبيعى بنسب تتراوح بين ١١٪ إلى ١٢٢٪، وفى نفس الشهر، قررت الحكومة التونسية زيادة سعر لتر البنزين بنسبة ٦.٣٪. أما فى شهر نوفمبر من ٢٠١٦ فقد رفعت الحكومة السودانية أسعار المشتقات النفطية بنسبة تتراوح بين ٣٢٪ إلى ٣٤٪ وذلك بعد زيادة بنسبة ٣٧٪ تمت فى عام ٢٠١٣. فيما قامت الحكومة المصرية برفع أسعار المشتقات النفطية مجددًا فى نفس الشهر السابق بنسب تتراوح بين ٣٠٪ إلى ٤٧٪. 
ولم يقتصر إلغاء الدعم على المشتقات البترولية فحسب بل شمل السلع الأساسية، حيث ارتفعت السلع الأساسية كالغذاء والأدوية وغيرها بأسواق المنطقة العربية إلى مستويات غير مسبوقة نتيجة تحول البلدان إلى تبنى أنظمة سعر الصرف المرن بدلاً من نظم سعر الصرف الثابتة. 
ففى مصر على سبيل المثال، أدى قرار «تعويم الجنيه» تحرير سعر الصرف فى نوفمبر الماضى إلى ارتفاع أسعار الأغذية بالأسواق إلى أكثر من ١٠٠٪. وفى نفس الشهر، توقف بنك السودان المركزى عن توفير النقد الأجنبى لاستيراد الأدوية فالقرار الذى تم تجميده لاحقًا كان يعنى رفع أسعار الأدوية بنسبة لا تقل عن ١٠٠٪ أيضًا.
أما العنصر الثانى فكان زيادة الضرائب، حيث لجأت حكومات المنطقة العربية لتعبئة مواردها المالية إما عن طريق فرض زيادات جديدة فى معدلات الضرائب، لا سيما ضرائب الاستهلاك، أو توسيع القاعدة الضريبية. وفى هذا السياق، زادت ضريبة القيمة المضافة بمصر منذ سبتمبر ٢٠١٦ إلى ١٤٪ بدلاً من ١٠٪ سابقًا. بينما اعتبارًا من عام ٢٠١٧، تم رفع ضريبة القيمة المضافة بالجزائر من ١٧٪ إلى ١٩٪، بالإضافة إلى رفع الرسوم على العقارات والوقود والتبغ، واستحداث رسم على الأجهزة الكهربائية كثيفة الاستهلاك للطاقة. فيما أقرت تونس رفع الضرائب على السيارات فى موازنة عام ٢٠١٧، وتوسيع القاعدة الضريبية أيضًا بإخضاع بعض فئات المهنيين للنظام الضريبى كالأطباء والمحامين وغيرهم. 
وأخيرا تجميد الرواتب العامة ، حيث رصد تقرير نشره مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بعنوان « تجاوز الصدمة » للباحث إبراهيم الغيطانى إقرار حكومات المنطقة خططًا لترشيد فاتورة الأجور العامة التى تمثل النسبة الأكبر من النفقات الحكومية، كالجزائر التى تضمنت ميزانيتها لعام ٢٠١٧ خطة لتجميد الرواتب قد تمتد للسنوات المقبلة، فيما أقرت تونس زيادة فى الرواتب العامة ولكن على مدى عامين. يأتى تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادى بالمنطقة فى وقت مثالى على الصعيدين المحلى والإقليمى. ففى أغلب بلدان المنطقة، تبدو قوى المعارضة السياسية والاجتماعية فى حالة إنهاك وانزواء بعد تعثر الثورات العربية، بما يقلل من قدرتها على المقاومة، بينما على الصعيد الإقليمى، تعمل الأوضاع السياسية والأمنية المضطربة بالبلدان المجاورة كسوريا أو ليبيا..
ويبقى السؤال قائماً، لماذا يحدث ذلك ولدى العرب موارد طبيعية تفوق الغرب بأكمله ؟ 
والإجابة ببساطة هى تبعية حكامنا للخارج ، وكسل وجهل وتخلف شعوبنا والبعد عن منهج الإسلام فى الميدان الاقتصادى والسياسى والثقافي، والتوزيع غير العادل للثروة بين السكان، وتضاعف موازنات الإنفاق على الحروب والنزاعات، وحجب أثرياء العرب ومشاهيرهم، ثرواتهم وأموالهم عن الفقراء، ومنع توظيفها فى برامج تنموية تعليمية وصحية وغذائية وبناء مستشفيات ومصانع، بل عملوا بهذه الأموال على دعم التطرف ونشر الإرهاب فى العالم، عبر توظيف أموال طائلة فى الدعاية الدينية الإرهابية وتمويل حروب غير «مقدسة» فى المنطقة وخارجها.