الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

بين إضراب الشحاتين وأنف وثلاث عيون.. "عبدالقدوس" رجل المانشيتات

 الأديب الراحل إحسان
الأديب الراحل "إحسان عبد القدوس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
للعنوان المكتوب باللون الأحمر الذي يتصدر الصفحات الأولى للصحف ويسمى "مانشيت" أصول وقواعد تختلف عن أي عنوان صحفي في أي عمود من أعمدة صفحات الجريدة فهو الأقل عدد كلمات والأعلى تكثيفًا لغويًا والأكثر لفتا للنظر وإثارة للذهن؛ فكلماته تلقي ظلالا بعيدة المدى دائماً؛ فعندما اندلعت ثورة يناير أصدرت إحدى الصحف مانشيتها الأحمر في اليوم التالي تحت اسم "إنــــذار" وهي كلمة تشير إلى أن الشعب أصبح هو الحكم ويحق له إشهار الكارت الأصفر للرئيس؛ ذلك الكارت الذي يعقبه كارت أحمر فيما بعد؛ وهو ما حدث بالفعل.
ويأتي الأديب الراحل "إحسان عبد القدوس" الذي تحتفل الأوساط الثقافية بذكرى وفاته اليوم كأحد أبرز صانعي العناوين في مصر؛ فهو كاتب صحفي في الأساس لكن الفارق بينه وبين أي رئيس تحرير جريدة هو أنه نقل أسلوب هذه المانشيتات إلى أعماله الأدبية فتمتعت عناوين رواياته وقصصه بحالة جذب غير معتادة بين عناوين الأعمال الأدبية المصرية؛ إذ تدفع القارئ أن يقبل على الكتاب إقبالا أعمى بسبب ذلك العنوان الذي أثار ذهنه كثيرًا فما المغزى من وراء "في بيتنا رجل" كلمة رجل في حد ذاتها تفعل بذهن قارئها العجب؛ فربما يتخيل أن هذه العبارة تخرج من فم أنثى تتحدث عن مغامرة ساخنة تحدث في منزلها الذي دخله فجأة رجل غريب؛ أو ربما يحيله إلى حالة المجتمع الذكوري وما تعنيه كلمة رجل من الشدة وفرض القبضة على حكم الأسرة وحمايتها أو تدل على الشهامة وغيرها من الدلالات؛ أمور كثيرة تدفع القارئ لشراء الكتاب؛ والدليل تلك المبيعات الضخمة التي حققتها أعمال إحسان عبد القدوس مقارنة بأي أديب آخر من أدباء جيله؛ وعلى هذا المنوال جاءت أغلب عناوين أعماله التي تجاوزت الـ 80 عملا أدبيا ما بين قصص وروايات حولت معظمها إلى أعمال سينمائية؛ وتستعرض "البوابة نيوز" أبرز هذه العناوين لتقف على مدى عبقريتها وحرفتها في اجتذاب القارئ.

أنف وثلاث عيون
أنف وثلاث عيون هو عنوان رواية صدرت لإحسان عبد القدوس عام 1964 مكونة من جزئين ألأنف تشير إلى رجل والثلاث عيون تشير إلى 3 نساء ينشئن علاقاتا غرامية مع هذا الطبيب؛ فتدور الأحداث حول الدكتور هاشم وعلاقاته النسائية، حيث يتعرف على العديد من النساء، ومنهم "أمينة" التي تقع في غرامه، وبعد طلاقها تحاول العودة إليه، لكنه يكون قد وقع في غرام الشابة الصغيرة "نجوى"، يطرد "هاشم" "أمينة" من شقته حفاظًا على سمعته، ويحاول البحث عن علاقة جديدة بعد فشل العلاقات السابقة، ليتعرف على رحاب داخل إحدى البارات؛ فالقصة هنا مترعة بالخيال وممهورة بختم الواقع الذي يدور في ثنايا أحداثها ترفض حينًا وترضى أحيانًا، لما يجول في عقليات شخصياته من أفكار وبما يحملونه أو يتجاهلونه من قيم اجتماعية وخلقية ولكن القارئ بكل الأحوال يمضي إلى نهاية المطاف مع ذلك الأنف وتلك العيون الثلاثة.

في بيتنا رجل
صدرت لعبد القدوس عام 1957؛ وتدور القصة حول رجل هو مناضل قومي اسمه إبراهيم حمدى نجح فى اغتيال رئيس الوزراء المتعاون مع الاستعمار ويتمكن من الهروب بعد إلقاء القبض عليه ويلجأ إلى منزل زميله الجامعى محى الذى ليس له نشاط سياسى، فترفض أسرة محى إيواءه فى أول الأمر لكنها تقبله فى النهاية؛ يعرف عبدالحميد خطيب ساميه وابن عمها فى نفس الوقت بوجود إبراهيم فيستغل الموقف للتعجيل بعقد قرانه على ساميه التى ترفضه؛ تقبل نوال الأبنة الصغرى للأسرة بأن تكون همزة الوصل بين إبراهيم حمدى وزملائه حتى يدبروا أمر هروبه من المنزل وإلى خارج البلاد، يحاول عبدالحميد إبلاغ البوليس السياسى بمكان وجود إبراهيم حمدى ولكن ساميه تمنعه فى الوقت المناسب، يشك رئيس البوليس السياسى فى الأمر ويعذب محى وعبدالحميد لمعرفة مكان اختباء إبراهيم، يرفض إبراهيم السفر إلى خارج البلاد ويعود ليساهم فى النضال ضد جنود ومعسكرات الاستعمار ويستشهد فى إحدى العمليات.

إضراب الشحاتين
تلقي القصة الضوء على الكفاح الوطني الشعبي ضد الاحتلال الإنجليزي في أعقاب ثورة عام 1919 حيث تدور حول حياة الشحاتين ومشاكلهم من خلال المتسولة شكل التى تقع في حب حسنين الوطني الثائر؛ تقوم شكل بمساعدة حسنين في مكافحة المستعمر الإنجليزي الذي يستولى على أموال البلاد على حساب أبناء الوطن عام 1923؛ في العنوان إثارة غريبة حيث سيتساءل القارئ كيف للشحاتين أن يضربون فالأضراب كلمة تلصق بالعمال الذين يتقاضون رواتب دائما.


ثقوب في الثوب الأسود
رواية صدرت له عام 1962 رواية تتناول قضية الماتيس وهم من يولد لأب أبيض وأم زنجية ويعيش منبوذا في المجتمع الأفريقي؛ سامي الماتيس يكتشف نفسه بمساعدة الطبيب النفسي المصري ويقرر أن يكون زنجيًا يدافع عن حقوق مجتمعه؛ ونجد في عنوانها شئ غريب إذ كيف ترى الثقوب في ثوب أسود إلى لو تم تلبيس هذا الثوب لجسم ناصع البياض.


لن أعيش في جلباب أبي
تدور أحداث الرواية حول قصة الصعود من القاع إلى القمة، فيبدأ عبد الغفور البرعي حياته العملية من وكالة الحاج إبراهيم سردينه أحد كبار التجار بوكالة البلح، ويتمكن باجتهاده وأمانته من الفوز بثقة الحاج سردينة، ولكنه في الوقت نفسه أثار ضده أحقاد مرسى كبير العمال الذي سعي لإفساد العلاقة بين عبد الغفور، ومحفوظ الابن الوحيد للحاج سردينة الذي تعمد إذلاله وإهانته؛ يعجب عبد الغفور بفاطمة بائعة الكشري، التي تبادله الإعجاب وتحاول مساعدته في مشواره الصعب، وتمر الأيام ويزداد عبد الغفور خبرة في عمله ويتمكن بمساعدة الحاج إبراهيم سردينة من سبر أغوار المهنة ويساعده في ذلك فهيم أفندي الرجل المتعلم العالم ببواطن الأمور؛ وبالتدريج يتمكن عبد الغفور من الاستقلال عن الحاج سردينة وإدارة عمل خاص به، ويتخذ من سيد مخلص البحيري الأخ الوحيد لفاطمة وفهيم أفندي مساعدين له، ويتزوج من فاطمة وينجب ولده عبد الوهاب، وأربع فتيات وبمهارته وذكائه يتمكن عبد الغفور من حجز مكانه وسط عالم التجار في الوكالة، ليصبح أحد أكبر رجال الأعمال في مصر، حتى أن محفوظ بعدما كان يعامله بازدراء سعى جاهدًا لنيل صداقته من جديد؛ وعلى الرغم من توافر مقومات السعادة في حياة عبد الغفور البرعي، إلا إنه عانى من ابتعاد ولده الوحيد عنه، وإصرار عبد الوهاب على بناء عالم خاص جدًا بعيدًا عن والده ونفوذهح فلم تكن الثروة التي جمعها عبد الغفور مصدر سعادة له حسب ما اعتقد الجميع لكنها كادت أن تصبح لعنة تطارد أبناءه الواحد تلو الآخر؛ الأزمة هنا في ذلك الأبن المتمرد المسمى بعبد الوهاب الذي رفض العيش على نفس طريقة أبيه وذهب وراء الأفكار الوافدة من الغرب طارة وطارة أخرى وراء الأفكار الظلامية؛ ليعود في النهاية إلى طريقة أبيه ويصبح تاجرا ثريا مثله ليتبلور المعنى النهائ لـ "لن أعيش في جلباب أبي.