الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأسد.. باقٍ 4 سنوات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ضمن مشروع التفاوض على الحل السياسى لإنهاء الحرب فى سوريا، يصر الروس والإيرانيون على بقاء بشار الأسد رئيسًا، متعهدين بأنه مستمر فقط لما تبقى من فترة حكمه الحالية «احترامًا للدستور»، مع تشكيل حكومة تمثل فيها القوى المعارضة، ووعود بصلاحيات مستقلة للأقاليم والمحافظات.
ومن يسمع هذا العرض المغرى سيقول إن كان هذا هو الشرط للسلام فمرحبًا به، وبالفعل لا يبدو بقاء الأسد مشكلة لو أن هناك من يَضمن تنفيذ التعهد.
لكن توجد علتان فيه؛ الأولى أن الرئيس ربح الانتخابات ولا أحد يعرف كيف، خصوصًا أنها نفذت وسط الحرب الرهيبة فى منتصف عام ٢٠١٤، فكيف سيتم إخراجه عندما يستتب له الحكم بالكامل وتنزع أسلحة المعارضة؟
والعلة الثانية أن موعد نهاية رئاسة الأسد بعيدة جدًا، ٢٠٢١، أى ستمر أربع سنوات طويلة أكثر من كافية لتتم فيها تصفية كل القوى المعارضة وشبه المعارضة.
الاقتراح الروسى للبقاء المؤقت، هو فى الواقع حكم مؤبد، وعلى المعارضة أن تدرك أنها إن قبلت به عليها التخلى تمامًا عن كل شيء والقبول بالعودة لما قبل انتفاضة عام ٢٠١١، وألا تحلم أبدًا بشيء مما كانت تطالب به، وأن كل ما تعد به من حكومة مختلطة، وضمانات دستورية، وقوانين مستقلة للمحافظات لن تكون لها قيمة لاحقًا.
ولو أن الوعود بضمانات دولية صادقة، مع أنه يستحيل تصديقها، بأن السنوات المقبلة ستكون مرحلة تصالح وتصحيح وانتقال فى الحكم، أتوقع أن تقبل بها القوى المعارضة المعتدلة، لأن الهدف لم يكن تدمير البلد والدولة، بل التغيير السلمى. فقد بدأت الانتفاضة سلمية، واستمرت عدة أشهر تعارض فقط بالمظاهرات واليافطات والأغانى، كانت دعواتها للانتقال السلمى مختلفة عن انتفاضتى تونس وليبيا وحتى مصر.
أما الحديث عن احترام الدستور، الذى لم يحترم أصلًا من قبل الذين صاغوه، والدعوة لإكمال الفترة الرئاسية، فإنها مجرد حيلة تفاوضية هدفها أن تسهل على المعارضة التراجع، وحفظ ماء الوجه، والزعم مستقبلًا أنها حصلت على تنازلات رئيسية. السوريون يعرفون جيدًا أن القبول ببقاء النظام أربع سنوات أخرى يعنى أن المعارضة باعتهم، وتم التخلى عن كل الوعود التى قدمت لهم، وأكثر من نصف مليون سورى تمت التضحية بهم، وملايين شردوا إلى غير رجعة إلى بيوتهم.
وهذا سيعنى إنهاء المعارضة المعتدلة وتعزيز المعارضة المتطرفة، التى ترفض المفاوضات، وهى فى الحقيقة لا تقل سوءًا عن النظام. المسئولية على المعارضة كبيرة فى تحمل نتائج ما تفاوض عليه اليوم، وما ستوقع عليه لاحقًا. لن يصدق أحد أنها خدعت، لأنه سبق وطرح حل الانتخابات، التى أجريت فى وسط الدمار وكسب فيها الرئيس بنحو ٨٩ فى المائة ومعظم القتل والدمار جرى بعد تلك الانتخابات التى أعلن أن أكثر من عشرة ملايين مواطن أدلوا بأصواتهم فيها، ونحن نعرف أنه يستحيل حينها على مليونين أن يكونوا قد شاركوا فيها، والخديعة ستتكرر.
أمام شرط بقاء النظام لإنهاء الحرب، سيُصبِح من الأهون على السوريين القبول بتقسيم البلاد، ومنح الرئيس دولة يضمن فيها أغلبية الأصوات من طائفته، دون الحاجة إلى تزويرها، ويعيش كل فريق فى دولته سعيدًا دون حرب ودون فرض نظام عليه. إنما حتى مشروع التقسيم السيئ هذا مرفوض من تركيا وإيران والعراق، لأنها تخشى من تبعاته عليها.
اليوم يتفاوضون على سوريا، وهى مثل جرة مكسورة، يريدون إعادتها إلى ما كانت عليه فى الماضى بعد كل هذا القتل والدمار الرهيب.
نقلًا عن «الشرق الأوسط»