الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الوهم في قرص.. إقبال على مخدر الترامادول بين الأزواج لدعم القدرة الجنسية.. 36% نسبة تعاطيه ويدخل مصر مهربًا.. أطباء: أخطر من الهيروين ويصيب بالصرع والتشنجات.. ودراسات: يسبب العقم ويشوّه الأجنة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الخطر زاحف على البيت المصري، حصار المخدرات مستمر وقافز في مؤشر رواجه، انتعاش خاص لأقراص الترامادول المخدر بين الأزواج الذين يلهثون خلف هذا النوع من المخدرات بحثًا عن متعة جنسية حسب ما يتوهمون، في حين يُحذر الخبراء من القرص اللعين ويؤكدون أنه خطر ويصيب بالصرع والتشنجات وقد يؤدي إلى العقم وتشوه الأجنة عند النساء. 

غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي ورئيس مجلس إدارة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، أكدت ارتفاع معدل تعاطي عقار الترامادول فى مصر ليحتل المرتبة الأولى بنسبة تصل إلى 36.2% طبقًا لأنواع المخدرات في النتائج الخاصة بالخط الساخن، مضيفة أن ذلك يرجع لتزايد الإقبال عليه بسبب انتشار المفاهيم المغلوطة، التي تضخم من فوائده الوهمية، إضافة إلى زيادة وهم القدرة الجنسية وأنه يساعد على العمل لفترات أطول.
وقالت "والى"، إن تعاطي مخدر الحشيش جاء في المرتبة الثانية بنسبة 26%، يليه الهيروين بنسبة 18.3% وأن 32.71% من الحالات هم من قاموا بالاتصال بأنفسهم.
وكشف صندوق مكافحة المخدرات وعلاج الإدمان، أن 45% من المدمنين يتعاطون عقار الترامادول وأن 81% منهم يتعاطون أكثر من نوع، و21% يتعاطى الحشيش، و0.1% يتناولون الهيروين.

وأكد اللواء زكريا الغمري، مدير العمليات بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات والجريمة، على هامش المؤتمر الذى عقده مركز الأمم المتحدة لإعلان التقرير السنوى للهيئة الدولية لمراقبة المخدرات عام 2015، أن القوات المصرية ضبطت مليارًا و72 مليون قرص ترامادول من عام 2010 وحتى عام 2014.
ورصدت دراسة صادرة عن محكمة الأسرة، أن عدد الدعاوى القضائية المرفوعة بسبب خلافات بين الأزواج نتيجة إدمان المخدرات وصلت 8500 دعوى، وبلغت نسبة الطلاق فيها 55%، إضافة إلى أن التدخين فقط تسبب فى خلافات بين الأزواج قد وصلت عدد الدعاوى المرفوعة بسببه 17 ألف دعوة أدت إلى طلاق 45%.
وفى تقرير صادر عن المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، جاء به أنه حتى نهاية عام 2014 وصل عدد متعاطي المخدرات إلى 8 ملايين شخص وهو يعادل 10% من عدد السكان فى مصر، هذا بالإضافة إلى تواجد مناطق سكنية بالكامل تحولت لأوكار من المخدرات وترويجها والاتجار بها، وقد وصل الأمر إلى مشاركة النساء فى هذه التجارة وليس الرجال فقط، وأصبح التعاطي بين الشباب والطلاب فى الطرقات والأرصفة وليس فى المناطق المغلقة فقط.
وكشف تقرير مهم صدر نهاية 2016، عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات أن نسبة تعاطى المخدرات تزداد بشكل كبير، وقال إن 1 من كل 20 فردًا فى عمر من 15 إلى 65 سنة يتعاطى المخدرات، وقد وصل العدد إلى 250 مليون شخص على مستوى العالم، هذا بالإضافة إلى وجود 29 مليون شخص يعانون من أمراض شديدة جراء إدمانهم للمخدرات، وأن 207 آلاف شخص توفوا عام 2015 جراء تعاطيهم للمخدرات.


ولفتت دراسة أجراها صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، فى 26 قرية من القرى الأكثر فقرًا فى 3 محافظات إلى أن البانجو هو أكثر مادة مخدرة تعرض المبحوثون لرؤيتها بنسبة 84% يليه الحشيش بنسبة 78.5% ثم الأقراص المخدرة كالترامادول بنسبة 15.5% ثم الكحوليات بنسبة 9.13%، وكان الحشيش هو أكثر المواد المخدرة انتشارًا بنسبة بلغت83.1%، يليه البانجو بنسبة بلغت 56.2%، بينما قرر 32.6% أنهم يتعاطون الأقراص المخدرة، وجاءت الكحوليات بنسبة 16.9%.
والترامادول بحسب المعلومات، مادة مخدرة يتم استيرادها كعلاج لبعض الأمراض كآلام العظام الشديدة والأورام وغيرها من الأمراض المستعصية، يتم استيراده من الهند والصين ودول شرق آسيا منه أنواع وهو التامول والترامادول والتيدول وأنواع غيرها.
وحكى "أحمد. ن" 37 سنة، عامل فى مصانع الطوب، وأحد المتعاطين للترامادول، أنه بدأ يتعاطى الترامادول منذ 4 أعوام، كان يأخذ ربع قرص فى اليوم فى البداية ليُعينه على هذا العمل الشاق فى الشمس الحارقة أو البرد القارس فى الجبل، حيث تتواجد المصانع، ثم زاد من الجرعة بعد أقل من شهر فأصبح يتعاطى نصف قرص فى اليوم ثم بعدها بشهرين أصبحت غير مجدية فزاد من الجرعة حتى أصبح يتعاطى قرصًا واحدًا من الترامادول فى اليوم واستمر على هذه الجرعة لمدة تصل إلى 4 أشهر تقريبًا.
وتابع أحمد: الجرعة التى كان يأخذها أصبحت غير مؤثرة، فزاد من الجرعة حتى أصبح بعد أربع سنوات يتعاطى 5 أقراص فى اليوم الواحد، القرص الأول بعد وجبة الإفطار فى السابعة صباحًا ثم يتعاطى القرص الثانى فى العاشرة صباحًا وبعد الغداء يتعاطى القرص الثالث فى الواحدة ظهرًا ثم يتعاطى القرص الرابع بعد العصر ثم القرص الخامس بعد وجبة العشاء عند وصوله لمنزله وهكذا يوميًا، مؤكدا أنه يأتى إليهم التجار فى المصانع من يبيعون لهم الترامادول والذى كان سعره العام الماضى 10 جنيهات تقريبًا فأصبح سعره حاليًا 70 جنيهًا للشريط الواحد من أى نوع منه سواء التامول أو التيدول او الترامادول الأحمر.. وماذا بعد؟.

ويرد الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي وأمراض المخ والأعصاب وزميل أبحاث بجامعة ليدز بإنجلترا، ويقول القادم أصعب، ويتابع: هناك سيدات يتعاطين الترامادول ولا يعرفن أنه ترامادول وقد زدن فى الجرعات حتى ذهبن إلى الأطباء المعالجين، فعلمن أنه الترامادول وتم تعاطيه عن طريق أزواجهن من باب المتعة الجنسية وينتشر ذلك في العشوائيات أكثر، وتابع: تستخدمه أيضًا العاملات فى المستشفيات وفى المنازل والشركات لأنه يقلل من الألم عند عملهن، مضيفًا أنه جاءت إليه سيدة تتعاطى الترامادول حتى وصل عدد الأقراص إلى 6 أقراص يوميًا، مضيفًا أن هناك نسبة كبيرة فى مصر لا يعلمها صندوق مكافحة الإدمان وأن النسبة المعلنة وهى 36% أقل بكثير من الحقيقة فلا تمثل من 40 إلى 50% من الواقع.
وأضاف فرويز، أن صندوق مكافحة الإدمان لا يقوم بواجبه كما ينبغى، وبالتالى يلجأ بعض المدمنين إلى مراكز علاج إدمان أخرى منها المراكز غير المرخصة، موضحًا أن مخاطر الترامادول أخطر من المخدرات الأخرى كالأفيون والهيروين والحشيش، وذلك لأن نوبات الصرع والتشنجات أثناء الانسحاب الخاص به عالية جدًا والآلام الخاصة به أشد من الهيروين والفترة الزمنية للانسحاب منه ليخرج من الجسم أكثر من الهيروين، ولكن عندما يريد المريض الخروج منه ينجح بالفعل بعكس الهيروين.

وأوضح الدكتور عبدالرحمن حماد، مؤسس وحدة طب الإدمان بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية ومديرها السابق، أن رخص سعر الترامادول أدى إلى سهولة توافره وانتشاره وكثرة تعاطيه، وأن متعاطيه أخذوه فى البداية كمنشط وليس كمخدر مثل العمال الذين يريدون زيادة دخلهم أو عمال مصانع الطوب أو رجل استخدمه لزيادة القدرة الجنسية لديه لعلاج سرعة القذف، وهذا السبب الأكبر لانتشاره بين السائقين وسائقي التوك توك على الأخص.
وأكد حماد، أنه لا يوجد شيء اسمه مخدرات أخطر من الأخرى، مضيفًا أن خطورة الترامادول أنه إدمان ويسبب نوبات الصرع والتشنجات ويزيد من حوادث الطرق لأن السائقين يتعاطونه ويسبب مشاكل جنسية قد تؤدى إلى العقم فى كثير من الرجال، وهناك دراسات تؤكد أنه يسبب تشوه الأجنة.
ولفت حماد، إلى أن المشكلة ما زالت قائمة، وقال إن عدد المدمنين أكبر من المعلن والخدمات أقل، فهناك نقص فى الخدمات المقدمة ونقص كبير فى عدد الأسِرة ونقص كبير فى الكوادر البشرية المتخصصة فى حل مشكلة الإدمان.
 وتابع: "لا توجد استراتيجية واضحة لعلاج الإدمان، فما زالت كل الجهود المبذولة لهذه المشكلة قاصرة والدليل على ذلك زيادة عدد المدمنين حسب الدراسات والأبحاث وزيادة المشكلات المترتبة عليها كحوادث الطرق وحوادث الاغتصاب والسرقة والقتل، إضافة إلى عدم توفر الخدمات فى محافظات كثيرة، فمحافظة سوهاج لا يوجد بها سرير واحد لعلاج الإدمان".

وقال مؤسس وحدة طب الإدمان بمستشفى العباسية للصحة النفسية، إن من الحلول المقترحة، تفعيل الخطة القومية لمكافحة وعلاج الإدمان عن طريق بندين وهما خفض العرض وخفض الطلب على المخدرات، فخفض العرض عن طريق إدارة مكافحة المخدرات والجهات المعاونة تقلل المعروض من المخدرات بمحاربة البؤر الإجرامية، وتقلل من الزراعات وتحارب الجريمة المنظمة وغيرها، مضيفًا أن خفض الطلب عن طريق التوعية لعمال المصانع وطلاب المدارس وغيرهم، وينفق عليها مبالغ كبيرة على التوعية، مضيفًا أن البند الثانى يأتى فى العلاج وهو عن طريق زيادة عدد الأسِرة وإتاحتها فى كل المحافظات، إضافة إلى توفير الكوادر البشرية المدربة المعنية بمشكلة الإدمان، وتوفير درجة تخصص خاصة بالإدمان تكون منفصلة عن تخصص الطب النفسى بكلية الطب، إضافة إلى زيادة الميزانيات المعتمدة والمرصودة لعلاج الإدمان.