الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

المطرب الفرنسي "إريك لا جرين" لـ"البوابة نيوز": لا أعرف سر رغبتي في عرض أعمالي بمصر.. أدعو الفرنسيين لزيارة المحروسة.. يجب على الجميع مساعدة اللاجئين

المطرب الفرنسى «إريك
المطرب الفرنسى «إريك لا جرين»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يستعد المطرب الفرنسى الكبير «إريك لا جرين» للرحيل من مصر، بعد إحيائه لثلاث حفلات غنائية ناجحة فى دار الأوبرا المصرية طاف خلالها ثلاث مدن مهمة وهى القاهرة والإسكندرية ودمنهور التى أطرب جمهورها مساء أمس الأحد.
«إريك لا جرين» فنان فرنسى رفيع المستوى، يحب مصر بصدق، بل ويضحى من أجل تقديم فنه بها والالتقاء بالجمهور المصرى مهما كان السبيل إلى ذلك، خاصة إذا علمنا أن إريك جاء ليحيى هذه الحفلات فى مصر دون أجر، وأصر على تحمل تذاكر الطيران له وللفرقة الموسيقية التى تشاركه الحفلات من جيبه الخاص، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل واجه صعوبات كبيرة فى الحصول على التأشيرات اللازمة له ولفرقته من الخارجية الفرنسية قبيل وجوده بمصر، وهو أمر دعانا إلى التقاء «إريك» للتعرف عن قرب إليه لنكشف أسرار حبه لمصر.
يقول فى بداية حديثه، زرت مصر مرتين فى حياتى، دعيت فى مرة منهما إلى أحد البرامج الإذاعية بالبرنامج الأوروبى، وفوجئت ببعض المتصلين والمستمعين يلحون على إحياء حفلات فى مصر لأنهم يهوون الاستماع إلى وقد كان القاسم المشترك فى هذه المداخلات التليفونية العديدة هو السؤال عن التوقيت الذى سأغنى فيه بمصر، وهو ما شجعنى وألهب حماستى منذ وقتها.
وأضاف «إريك»: لم أتخوف خلال زياراتى من أى إضرابات سياسية كانت تمر بها مصر وقت أحداث ثورة يناير وما تبعها من أحداث خاصة أن الزيارة الثانية كانت فى وقت أحداث شارع محمد محمود وغيرها، وهى فترة اشتدت خلالها وطأة الأحداث فى الشارع السياسى المصرى، وكنت أسأل صديقى المترجم الدكتور عصام محمد عبدالفتاح أستاذ اللغويات والأدب الفرنسى بجامعة حلوان، هل الوقت ملائم للمجيء وإحياء حفلات فى مصر وكان ينصحنى بالتريث قليلًا.
وحول إحساسه وقد تحقق حلمه بالغناء فى مصر قال إريك: لقد شعرت بسعادة كبيرة، بوقوفى على خشبة مسارح دار الأوبرا، وأعتبر أن هذه الحفلات هى البداية وليست النهاية فى علاقتى بالجمهور المصرى، وسوف أسعى إلى تكرار هذه اللقاءات عندما تكون القاعدة الجماهيرية لى اتسعت فى مصر، وسوف أفكر فى تقديم أغانى تجمع بين الطابع الشرقى والغربى وتلتقى خلالها بعض الآلات الموسيقية الشرقية والغربية.
وواصل إريك: كان لدى رغبة فى زيارة مصر منذ فترة ولم أستطع تفسيرها رغم أننى زرت لبنان وتونس ودول عربية أخرى، وعندما كان يبدى بعض الفرنسيين تخوفهم من الأعمال الإرهابية فى مصر كنت أرد عليهم بأن هذه الأعمال الإرهابية موجودة فى العالم كله وتحدث فى فرنسا نفسها وزاد إصرارى رغم الأحداث، وبمناسبة حضورى إلى مصر اتصل بى عدد من منظمى الحفلات فى السنغال وفى ساحل العاج وكان يعنيهم كثيرا الحفلات التى يقيمها فى مصر.
وتابع إريك، عاصرت وتابعت ثلاثة عهود مرت على مصر حينما حكمها مبارك ثم مرسى ثم الرئيس الحالى عبد الفتاح السيسى، حتى عندما كانت مصر بلا رئيس، كنت أهتم بمتابعة ما يجرى فيها، وفى عهد مرسى زرت مدينة الأقصر وعاينت بنفسى بعض الاضرابات التى لم تكن تسمح بإقامة حفلات، أما الآن فالأمور مستقرة بالشكل الكافى التى تدفعنى لإقامة حفلاتى فى أى مكان سواء فى دار الأوبرا أو فى الأقصر أو الأهرامات.
وأضاف، على الرغم من تزايد حدة الدعوات الأوروبية التى تدعو إلى التعامل مع أزمة تدفق اللاجئين إلى دول الاتحاد بشكل مغاير للتساهل الذى كان يتم خلال الأعوام الماضية، ذلك أن البعض يعتبر اللاجئين شرا لابد منه، والبعض يعتبرهم غير مرغوب فيهم من الأساس، وهو ما دفع رئيس حكومة المجر فيكتور أوربان ليقول: إن المهاجرين يهددون بتدمير حدود أوروبا، وأنه ينبغى على الأوروبيين أن يتخذوا موقفا موحدا إزاءهم، وأن المهاجرين لا يدقون على أبوابنا فحسب بل يكسرون الأبواب على رؤوسنا، وأن حدودنا مهددة بسببهم، إلا أن المطرب الفرنسى الكبير «إريك لا جرين» اتخذ موقفا مختلفا تماما، منتصرا للإنسانية وللأخلاق وللفن الذى يجسد القيم التى يدافع عنها، قائلا: ينبغى أن نساعد المهاجرين وهو عمل إنساني، لأنهم غالبا ما يفرون من طغاة، ومن دول تدور فيها حروب طاحنة وبالتالى يجب علينا أن نقدم لهم المساعدة اللازمة. 
ويعد موقف «لا جرين» وغيره من نجوم فرنسا وأوروبا له أهمية كبيرة ولا يجب التعامل معه باستخفاف لأن مثل هذه الآراء المعتدلة هى التى تشكل جزء كبير من الرأى العام الأوروبى وهو ما يجب علينا أن نتعامل معها بجدية ونبرزها. أما عن حادث مجلة «شارلى إيبدو» يقول إريك: أعتقد أن الحادث الإرهابى الذى ضرب المجلة كان ثمنًا للمبالغات الصحفية التى كانت نهجًا انتهجه الصحفيون العاملون بها، وأرى أن الصحفيين العاملين بها مدفوعين ومتطرفين فى آرائهم وأعتقد أن الهجوم عليها لم يكن بسبب السياسة الخارجية الفرنسية.
أما عن اللون الغنائى الذى يستهوى «لا جرين» ويسعى لتقديمه فقال: إننى أهوى تقديم الأغنية ذات النص الأدبى وهو لون يحث المستمع على التفكير، لأنها ثرية ومحملة بالمعانى وتتسم بأنها ذات سجع وطرب وتركيزه فيها ينصب على الجوانب الجمالية ثم يأتى الجانب التجاري، وغالبا ما تكون النصوص عبارة عن قصائد شعرية لكبار الشعراء وأمنحها طابعا من الطرب بخلاف الأغنية التى تتحدث عن واقع فى فترة معينة.
وتابع، الدليل على صحة منهجى فى الغناء إن المراكز الثقافية الخارجية الفرنسية لا تدرس الأغنية «الفارايتي» لأن معانيها غير واضحة ويختارون أغانى مناسبة للثقافة الفرنسية وهى ليست قصائد عويصة وإنما هى تداعب الحواس وتحثك على التفكير مثل أغانى عديدة قدمتها ومنها «زهرة جميلة، الجبل، طائر بلا أجنحة، سأعود إلى الوطن، الذئاب، أغنية نوفمبر، والقط الأسود».
وأضاف «لا جرين»: لهذه الأغانى جمهور عريض من المثقفين الذين يستمتعون بالمعانى التى تطرحها هذه القصائد أما الأغانى الأخرى الخفيفة فهى تقدم لشخص جاء يرقص ويستمتع بالأغانى قبل أن يفكر فى معانى ما يسمع.
أما عن تجميع الفرقة الموسيقية له من الكثير من الموسيقيين الذين ينتمون للعديد من الدول، وصفها بالصدفة التى لا تضايقه لأن اختياره لجنسيات الموسيقيين جاء بمحض الصدفة، وقال: اكتشفت أنه عندما تكون الفرقة مكونة من جنسيات عديدة فإن ذلك يضفى طابعا مختلفا، لكن بداية الأمر كانت مجرد صدفة وهو أمر يخلق ما يمكن أن نعتبره هجينا.
وحول الموسيقيين المصريين ودورهم فى فرقته قال: لقد تعرفت على عازف كمان مصرى مهم فى فرنسا، يدعى جوليان كازانوفا ولم أحب المخاطرة به الآن فى هذا الحفل ولذا فضلت بأن يأتى معى عازف الكمان الموجود فى الفرقة الأصلية لى على أن يكون تعاملنا معا بعد ذلك، وفى الحفلات المصرية تعاملت مع عازف العود أحمد أصلان ورافقنى فى هذه الحفلات التى أقدمها فى مصر، وكنت أخشى من استخدام العود ولكننى وجدت استجابة رائعة من العود للنسيج النغمى للأغانى التى أقدمها وكانت المرة الأولى فى هذه المخاطرة فى تونس.
وحول دار الأوبرا وتجربته معها قال «لا جرين»: كان لدى معلومات وصور من الأوبرا القديمة التى احترقت ومنذ عامين تقابلت مع الدكتورة إيناس عبد الدايم رئيس دار الأوبرا الحالية، وقامت بدعوتنا ومن هنا جاء لدى إصرار على تقديم الحفلات التى قدمتها الآن.
لم يكن إريك لا جرين يكتفى بدوره كمطرب فقط ولكنه قام بتنظيم دورتين لمهرجان متخصص فى الغناء الفرانكفونى عامى ١٩٨٨، ١٩٨٩ وحول هذه التجربة قال: وجدت الكثير ممن يمتلكون المواهب الفنية من المطربين والموسيقيين الذين يقدمون نفس اللون الغنائى الذى أقدمه وهو غناء القصائد ذات النص الأدبى ولكنهم لا يحظون بالاهتمام الكافى ولا بالشهرة التى يستحقونها ولذا فكرت فى أن أقيم مهرجان غنائى يجمع بينهم فى فرنسا وقدمتهم فيما يشبه المسابقة كما رصدت جوائز للفائزين.
وأشار إلى أنها عملية مضنية وصعبة تستغرق أربعة أشهر من العمل وصعوبتها تكمن فى طريقة الاختيارات وكنت أتصل بعمد المدن الفرنسية لتسهيل عملية إقامة المسارح وتقديم الدعم الفني، مضيفًا، لم يكن الهدف من المهرجان تقديم المشاركين للمجتمع الفرنسى باعتبارهم مطربين جدد وإنما هو تعريف أصحاب المواهب ببعضهم البعض لأنهم حرفيون غير مستعدون لترك أعمالهم التى يقتاتون منها من أجل امتهان الغناء وفى نهاية دورتى المهرجانين كانوا يشكرونه على ما قدمه لهم.
وحول حفله الأخير فى دمنهور خاصة أنها ليست مدينة كبيرة مثل القاهرة والإسكندرية قال: لقد أديت نفس الأغانى وبرنامج الحفل كما هو دون تغيير فى الحفلات الثلاث، وكنت أعرف أن دمنهور ليست إقليما كبيرا ولكننى أصررت على إقامة الحفل بها، وأقترح أن تقيموا مهرجانًا بها على غرار المهرجان الذى نظمته بفرنسا لأنكم سوف تكتشفون الكثير من المواهب المخفية فيها وربما يمكنكم من تنفيذ مهرجانات أخرى بآليات أخرى.
أما عن الرسالة التى أراد تقديمها من هذه الحفلات قال إريك: إننى أريد تقديم رسالة للفرنسيين والأوروبيين لكى يأتون إلى مصر ولا أدل على استقرارها من أن أقدم ثلاث حفلات فى ثلاثة أيام متتالية فى ثلاث محافظات مختلفة، كما أريد أن أشكر المصريين على حسن استقبالهم. إريك لا جرين أحد أشهر المطربين فى فرنسا، بدأ نشاطه الفنى عام ١٩٨٦، نظم مهرجان للأغنية الفرنسية عامى ١٩٨٨ و١٩٨٩، قام بالعديد من الجولات الفنية الناجحة فى مختلف دول العالم منها «ألمانيا، النمسا، روسيا، هونج كونج، وتونس».