الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الاحتفال بالميلاد يُولّد الرجاء

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم كثرة الضغوط التي نواجهها كمصريين؛ إلا أننا نحاول الاحتفال بميلاد السيد المسيح، فيمثل ارتفاع معدلات التضخم العام ضغطًا حقيقيًّا علينا؛ إذ يخفض قدرتنا الشرائية على تسديد احتياجاتنا الأولية من طعام وشراب ولباس، ويؤدى هذا الارتفاع في الأسعار إلى ارتفاع نسبة الفقر في المجتمع المصري لتصل إلى 50% حسبما يرى بعض المحللين الاقتصاديين، وكذلك لم تعد التهديدات الأمنية قاصرة على المناطق الحدودية؛ بل باتت تشكل خطرًا واضحًا في وسط حياتنا المدنية العامة.
ويُضاف لهذه الضغوط التغيرات الاجتماعية في سلوكيات المصريين مثل: التحرش الجنسي، والرشوة، والفهلوة، والطلاق؛ ومثل هذه التحديات تتحدى تماسكنا المجتمعي، ووسط هذه الضغوط نقف قلقين وخائفين من اليوم والغد القريب والمستقبل، ومن هنا نسعى لاستثمار أي احتفالات عامة كعيد ميلاد السيد المسيح: لنُشبع عوزنا ولو جزئيًا، أو لنُخرج أنفسنا من الكآبة ولو قليلًا.
ونحتفل أيضًا بقصة الميلاد؛ لأنها تتجاوب مع مشكلاتنا؛ إذ نرى أسرة يسوع تعاني من ضغوط اجتماعية وأمنية وجسدية موازية لما نعانيه، فحين حبلت القديسة مريم وهي عذراء، خافت من نظرات المجتمع المتزمت الذي سيحكم عليها بالرجم، والذي سيقضي على حياتها وحياة جنينها.
وفي قصة الميلاد عانت أيضًا أسرة السيد المسيح من ويلات الاستعمار الروماني الذي كان يسيطر على الأراضي الفلسطينية؛ والذي لا يهتم سوى بتحصيل الضرائب والحفاظ على السلطة، وهذا التوجه الاستعماري جعل القديسة مريم وهي حُبلى تضطر أن ترافق ابنها في رحلة سفر لبيت لحم، ليتم عدهم واحتساب ضرائبهم، وبعد وصولهم لبيت لحم، أُجبرت مريم أن تلد طفلها البكر في مكان حقير في مزود بأحد المنازل، وبعد ميلاد الطفل، اضطرت أسرة السيد المسيح للهرب لمصر؛ لشعورهم بالخوف على حياتهم وحياة طفلهم.
وذلك بعد أن استشعر هيرودس الملك القلق من أن ينافسه الطفل المولود على السلطة؛ فقرر قتل كل أطفال بيت لحم الصغار ليتخلص ضمنيًّا من السيد المسيح، وفي هذا الوقت رأى يوسف أنه ينبغي أن يهرب لأرض مصر، حيث لا يمكن لهيرودس أن يُلاحقهم، وكل مشاهد قصة الميلاد، تعكس نماذج متنوعة من معاناة أسرة يسوع.
والاحتفال بقصة الميلاد يُولّد الرجاء في الحياة من خلال ثلاثة أمور رئيسية، فقصة الميلاد لم تنته بانكسار أسرة السيد المسيح؛ بل انتهت بنصرتهم على الضغوط والمخاطر.
وأول الأمور التي أبقت فيهم رجاء الحياة، تلاحم الأسرة (يوسف ومريم ويسوع) في محبة واحترام، فقد وجدت مريم في يوسف الصديق داعمًا لها ومدافعًا عنها في وجه مجتمع لا يرحم، وفي رحلة السفر وطوال الحياة كان يوسف يعمل بجهد كنجار ليكسب قوت يوم أسرته؛ وكانت مريم داعمًا له في حياتها.
والأمر الثاني في رجاء الأسرة هو دعم المجتمع المحلي والإقليمي لهم، فقد أتى الرعاة المحليون يشجعون أسرة السيد المسيح قائلين لهم: "المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة"، ومن بعدهم أتى علماء الشرق من بلادهم ليدعموا الطفل ويقدموا له الهدايا: "ذهبًا، ولبانًا ومرًا"، وبالدعم المحلي من الرعاة والإقليمي من علماء المشرق نجت الأسرة من الأزمة الاقتصادية والأمنية الطارئة في أيام الميلاد.
والأساس الثالث للرجاء هو عناية الله بأبنائه، إذ عمل الله من خلال كل الظروف ليحمي ويساند هذه الأسرة الضعيفة.
وفي النهاية، لا يسعني سوى تمني أن يكون عيد الميلاد عيد يتلامس مع احتياجاتنا، ويُولّد فينا الرجاء من خلال: الأسرة المتلاحمة، والمجتمع المحلي والإقليمي الداعم، والله المعتني بأبنائه.