الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"صانعة الأحلام" قصيدة جديدة للشاعر محمد منصور

الشاعر محمد منصور
الشاعر محمد منصور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
(1)
تستيقظ كل يوم قبل الفجر
تستحلف الشمس أن تتأخر قليلا
حتى يأخذ كِفَايَتَه من النوم،
تجلس على باب الغرفة
كي تمنع الضوضاء من الدخول،
وفي عِزِّ انشغالها بألف حاجة
ترفع -في الوقت المناسب- الأحلام
من على نار الخيال
قبل أن تتفحم
وتصبح كوابيس مفزعة
تظهر في صورة أصدقاء
يتحاشون التقاط الصور الجماعية
أو النظر في المرايا
كي لا يرى أحد
وجوههم الحقيقية!


(2)
كانت تودعني كل يوم بالغناء، وتستقبلني بالغناء. وفي حين كان جميع من هن في مثل عمرها يتسلين بخياطة الملابس، كانت تقتل الوقت بتطريز الأغاني: مرة أغنية بيضاء خيطت من قماشة ناعمة كالحليب، ومرةً زرقاء واسعة تمسكها بمنتهى الإحكام، خوفًا من أن تندلق الأغنية على الأرض، فيغرق البيت في الموسيقى، ما يجبرها على أن ترفع ثوبها قليلا وهي تتنقل بين الغرف، مع علمها أن بقع الموسيقى سهلة التنظيف، لكنَّ الروحَ مدربة بشكل يمنعها من التفكير قبل التصرف. ومع ذلك، فإنها كانت لا تتساهل مع غياب واحدةٍ من صديقاتها العصافير التي تأتي لزيارتها كل يوم قبيل الغروب، ويقضين الوقت في أحاديث لا يفهمها إلا الأمهات من العصافير وبني البشر!

(3)
تطيل الوقوف في الشرفة كجندي فوق برج الحراسة، وحينما أظهر على أول الشارع تجبرني ابتسامتها على أن أضع كفي على عينيّ من شدة الضوء.
مهارتها في تغيير الديكور لا تحتاج إلى إمكانيات كبيرة، فقط تفتح ذراعيها وهي واقفة في منتصف الصالة، لأرى شجرة الميلاد في كامل زينتها، ثم ترتاح على الكنبة، وتفرد أصابعها العشرة كالشموع المضيئة.
كل هذه أمور عادية، لكن ما يحيرني في الموضوع أنني كلما اختنقت بالحزن، وحاولت جاهدًا أن لا أبكي، أرى دموعي تسيل من عينيها، وهي تحاول أن تداريها بمنتهى الكبرياء!