السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لماذا يبكي الرئيس عبدالفتاح السيسي؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بشكل لافت للأنظار وجدنا الرئيس عبدالفتاح السيسى يبكى على الهواء عدة مرات من قبل وكانت لحظة بكائه الأخيرة قبيل انقضاء عام ٢٠١٦ ملحوظة عند افتتاحه توسعة شركة النصر للكيماويات بمنطقة أبورواش بالجيزة، وكان التساؤل حينئذ عن سبب بكاء الرئيس هل بكى بسبب ما وصلنا إليه من أحوال صعبة سواء فى الأسعار المشتعلة التى تزيد لحظة بلحظة فى مختلف السلع الأساسية والخدمات والمحروقات؟ أم لسبب تدهور الحالة الصحية وارتفاع أسعار الأدوية، فضلا عن اختفاء معظمها وعدم القدرة على السيطرة على حيتان الاحتكار فى مصر وغيرها من الأمور التى يعانى منها الشعب، أم أن الرئيس يبكى لشيء ما فى نفسه؟.. كلها أسئلة مشروعة.. وإذا قلبنا لحظات بكاء الرئيس فى العام الماضى ٢٠١٦ سنرى أنه خلال حفل تدشين استراتيجية مصر للتنمية المستدامة «رؤية مصر ٢٠٣٠»، شهد العديد من اللحظات المؤثرة التى بدا عليه فيها الانفعال، وخاصة وهو يتحدث عن التحديات التى تواجهها الدولة فدمعت عيناه وقتها ليعبر عنها بتأثر قائلًا: «أنا لو ينفع اتباع هاتباع»، وبسبب كلمة مؤثرة لأم الشهيد إسلام عبدالمنعم المهدى أحد الجنود الشهداء فى نطاق الشيخ زويد فى الندوة التثقيفية الـ٢٣ للقوات المسلحة فى إطار احتفالات أكتوبر، بكى السيسى وقام من مجلسه عقب انتهاء كلمة أم الشهيد وذهب إليها وقام بتقبيل رأسها ويديها، كما بكى السيسى أثناء تسليمه وسام تكريم لأرملة الرائد محمد الحبشى، كما بكى الرئيس تأثرًا بكلمة والد النقيب عبدالرحمن، التى ألقاها خلال تسلمه وسام تكريم الشهداء، ولم يكن السيسى فقط هو الرئيس الذى خرجت دموعه أمام الناس بل شاهدنا بكاء الرئيس السابق المستشار عدلى منصور، الذى لم يتمالك نفسه من البكاء، عند حديثه عن فترة رئاسته لمصر، فى بداية كلمته بمكتبة الإسكندرية، خلال حفل إطلاق موقع إلكترونى وكتاب وثائقى يحمل اسمه. كما بكى الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك مرتين أولاهما متأثرًا بوفاة الرئيس الراحل محمد أنور السادات أمام أعضاء مجلس الشعب قائلًا: «هكذا جاء قدرى أن أقف مكان الرئيس السادات رحمه الله»! أما المرة الثانية فلم يتمالك نفسه أثناء حضوره جلسات المحاكمة بملابس السجن الاحتياطية عام ٢٠١٤، ولأول مرة بالبدلة الزرقاء بعد صدور الحكم عليه بثلاث سنوات فى قضية القصور الرئاسية ودخل فى حالة من البكاء المستمر بعد دخوله إلى القفص.. ومن قبلهم بكى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر أثناء خطاب التنحى الشهير عقب نكسة ٦٧، كما بكى الرئيس الراحل محمد نجيب عندما تحدث عن عمال كفر الدوار المحكوم عليهم بالإعدام، أما الرئيس الراحل محمد أنور السادات فبكى أثناء إجراء حوار مع أحد الإعلاميين الأجانب عندما سأله الإعلامى ماذا تريد أن يقول عنك الشعب بعد رحيلك، فرد قائلا: أريد أن يقولوا إنى عشت للسلام ومن أجل المبادئ..!
وقد كان للرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات عبارة شهيرة: «يا جبل ما يهزك ريح»، وكان عرفات شديد الصلابة وقد بكى كثيرا على الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ. 
وقد أشارت الدراسات النفسية إلى أن البكاء يحدُثُ نتيجة ضغط نفسى شديد يمر به المرء، ولا يستطيع تحمله، فيلجأ إلى البكاء؛ ليشعر بعده بالراحة وصفاء النفس، حتى ولو كانت المشكلة ما زالت قائمةً، فمجرد إخراج شحنة الحزن المكبوتة داخله يُشْعِرُه بالراحة، ثم يبدأ بعدها فى التفكير بمنطق وحكمة. ولا عجب أننا شاهدنا بكاء الرجال الأقوياء لما حدث فى غزة من مجازر وحشية حصدت أرواح الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء، فلم يستطع أحدٌ أن يصمد أمام رؤيتها، وما يحدث للمسلمين فى بورما والعديد من البلاد الغربية فى العالم وما يحدث فى حلب بسوريا وفى اليمن وليبيا والعراق فكنا نبكى، بل ننتحب أحيانا لما نراه، لكن على أى حال فالبكاء شيء إنسانى نبيل ولكنه فى الوقت نفسه ليس مكانه أعلى سلطات الدولة التى تمتلك زمام الأمور ومناط القوة والسيطرة فى البلاد، ويذكر أن الرئيس عبدالناصر عندما علم بارتفاع سعر الأرز قرشين صاغ فقط وكان يباع آنذاك بخمسة قروش بينما كان سعره قبل الغلاء ثلاثة قروش فقام بتحذير التجار فى إحدى خطبه للشعب وبعدها عاد سعر الأرز إلى ثلاثة قروش عقب الخطبة مباشرة كما كان.
الشعب من داخله يبكى ربما بسبب أزمة ارتفاع الاسعار الان دون مواجهة جشع التجار أو فرض تطبيق التسعيرة الجبرية على السلع الأساسية للمواطنين مما يثير العديد من التساؤلات بشأن السلطة التنفيذية فهل هى عاجزة أم لا؟ تريد أم لا؟ تعرف ما يدور فى الشارع المصرى أم لا؟!.ويكفى أن الحكومة نفسها اعترفت عبر الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء قبيل هوجة ارتفاع الدولار وانخفاض قيمة الجنيه أن ٢٧.٨٪ من الشعب فقراء لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء! فماذا تنتظر الحكومة؟.
ربما كانت هناك قضايا فرضت نفسها على الساحة فى العام الماضى ٢٠١٦ مثل الإرهاب ومواجهته، وانتشار الفساد فى مؤسسات الدولة وكانت قضية رشوة اللبان آخرها ونقطة فى بحرها ومحاكمة المستشار جنينة على تصريحات يعلم بصحتها القاصى والدانى وقضية الدولار وارتفاعه بعد تعويم الجنيه وضعف عوائد السياحة وتدهور العمالة بها وقلة الصادرات وزيادة الواردات والإنفاق الكبير على المشروعات القومية مثل قناة السويس الجديدة والعاصمة الإدارية ومشروعات توليد الطاقة واستصلاح المليون ونصف المليون فدان المشروع السياحى العالمى فى العين السخنة ومدينة الألعاب المائية الضخمة الملحقة به، وإهدار المال العام فى أشياء لا تفيد، وقضية سد النهضة الاثيوبى وتداعياتها على مياه النيل والخلافات مع بعض الدول العربية الشقيقة. الشعب يئن ويعانى من الثالوث الشهير «الفقر والجهل والمرض» وغياب العدالة الاجتماعية وانتشار الفساد فى البر والبحر بعد ثورتين قام بهما، بل إن الفقراء يموتون الان ببطء ويريدون حلولا ناجزة ويشعرون جيدا ببكاء الرئيس الإنسان ولكن هل البكاء وحده كاف لصبر الناس على الطعام والشراب والدواء؟!