الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

2017.. ربما أفضل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان أول يوم من العام الجديد، مثله مثل كل يوم من العام الذى مضى، فيه سيقضى مئات الآلاف، ربما ملايين، من السوريين ليالى الشتاء الحزينة فى البرد، بالقليل من الطعام والألحفة. وهناك آخرون، ملايين منهم يبيتون تحت أسقف مؤقتة داخل سوريا، أو فى الملاجئ فى أنحاء العالم، فى أوضاع صعبة ومستقبل مجهول. وحال السوريين هو حال الليبيين وسكّان المناطق المضطربة فى اليمن والعراق. مع هذا، ووسط الدموع والدمار واستمرار القتل، نرى بصيص ضوء مع بداية العام، شيئًا من الحل فى سوريا، ومشروع حل فى اليمن، وكذلك نسمع دعوة للمصالحة فى ليبيا، وربما يختتم اقتحام مدينة الموصل العراقية المحتلة، الذى طال انتظاره، بالقضاء على «داعش»، بعد عامين من الخوف والفوضى والإرهاب. بصيص أمل أم سراب خادع؟ لا ندرى، فالإشارات إيجابية، والوعود مشجعة، وما علينا سوى أن ننتظر راجين أن يكون عام ٢٠١٧ خيرًا من الأعوام الخمسة الدامية التى سبقته.
لماذا يستحق العام الجديد أن تعلق به كل هذه الأماني؟ لأن الرئيس الأمريكى باراك أوباما يغادر البيت الأبيض بعد أن كان عونًا للإيرانيين والروس ونظام دمشق، ولأن نصف الانتصارات الروسية الإيرانية هى فى الحقيقة نصف هزائم، ولأن بدايات ترتيبات مفاوضات الحل توحى بأن العام المقبل أفضل من العام المدبر؟ والرغبة فى إنهاء النزاعات هى السمة المشتركة فى أخبار سوريا واليمن والعراق وليبيا فى بداية العام الجديد، ولعل هذا الشعور يكون حقيقيًا، فالصراع أنهك المتقاتلين واكتشف الجميع أن التدمير والتشريد والتخريب لا يحقق انتصارات. ففى سوريا ومنذ أربع سنوات والنظام مع حلفائه لم يمر عليهم يوم واحد دون إلقاء براميل متفجرة واستهداف مدنيين على أمل تفريغ مناطق بأكملها من أهلها فى حملة بشعة. وبعد كل حملة التطهير لم يتحقق للنظام الهيمنة الديموغرافية التى ارتكب كل هذه المجازر فى سبيل إنجازها، حيث لا يزال النظام أقلية وقواته تقلصت كثيرًا، وقد تخلى عنه أبناء طائفته، الذين فضلوا الهروب مع بقية السوريين إلى أوروبا وبقية المنافى على السماح لأبنائهم الصغار أن يجروا إلى ساحات المعارك باسم التجنيد الإجبارى، كما حدثنى أحد الآباء فى نيويورك. قال «الكثير من العائلات العلوية أصبحت تهرّب أولادها رافضة أن يقتلوا فى سبيل النظام، لم يعد هناك ما يستحق أن يقتل الإنسان من أجله».
والذين يرسلون أولادهم للموت فى سبيل نظام الأسد هم ميليشيات مستأجرة مثل «حزب الله» اللبنانى وعصائب الحق العراقى، ويتباهى النظام الإيرانى بأنه يقاتل بعدد أقل من الإيرانيين مستخدمًا لبنانيين وعراقيين وأفغانيين وباكستانيين.
وفِى اليمن، الحرب لم تتوقف سوى بضعة أيام فى امتحان فاشل للهدنة قبل شهر، لكن مشروع السلام الذى اقترحه المبعوث الدولى لا يزال الشيء الوحيد الذى يمكن أن يلتقى حوله المتحاربون. والأمل كبير أن يعود إليه الجميع فى العام الجديد ومع الإدارة الأمريكية الجديدة. خروج أوباما بنهاية فترته الرئاسية الثانية يحمل معه شيئًا من الفرح وشيئًا من القلق. فقد تبنى أوباما سياسة فعل لا شيء حيال الأزمات المتعددة والمتزامنة والخطيرة، حتى أصبحت تشكل أخطارًا عابرة للقارات، وبخروجه ربما تتبنى إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب سياسة أكثر التزامًا وإصرارًا ضد الفوضى. وربما تعيد إيران إلى القمقم الذى أخرجها أوباما منه وتسببت فى المآسى الموجعة التى نراها اليوم بما فيها الإرهاب. فى كل الأحوال كان عام ٢٠١٦ قاسيًا جدًا وعسى العام الجديد يأتى ومعه الانفراجات التى يتطلع إليها ملايين المشردين والمفجوعين واليتامى.
نقلًا عن «الشرق الاوسط»