السبت 01 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

"البرادعي" والرقص مع "الإخوان"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدو من الوهلة الأولى، أن هذا المقال بعيد عن الأحداث التي تمرّ بها مصر حاليا، فما لنا و"البرادعي" الذي فر هاربا، وأناب بعد أن أثار فتنة في البلاد، ولكن موضوع المقال يتّصل اتصالا لزوميا بالمؤامرة التي تم تدبيرها لمصر، والتي استخدم فيها "البرادعي" من جهة، و"الإخوان" من جهة أخرى، ومعهما بعض الأطياف التي تم الزجّ بها لمعاونة الفريقين، هذه المؤامرة التي تدور رحاها حاليا، والتي ترتّبت عليها أحداث القتل والاغتيالات والتفجيرات. 
أما الفصل الأول من المؤامرة، فيبدأ حينما يظهر على شاشة الحياة السياسية في مصر، رجل له تاريخ في الغرب، وله أصل في مصر، فهو ابن مصطفى البرادعي، نقيب المحامين الأسبق، ومن يعرف محمد البرادعي، يدرك أنه رجل ينتمي إلى طبقة "التكنوقراط"، ليس لديه خيال سياسي، ولا يستطيع العمل إلا وفق نظام مؤسَّسي مُعدّ له مسبقا، فهو موظف من أعلى رأسه إلى أخمص قدمه، ينتمي إلى الوظيفة ومتخصّص فيها، سواء كانت هذه الوظيفة في وزارة الخارجية المصرية، أو في وكالة الطاقة الذرية الدولية، "البرادعي" يبدع عندما يكون موظّفاً في مؤسسة لها قوانينها وأطرها وقواعدها، يتقن تنفيذ الأوامر التي تُسنَد إليه، ويبرع في المهام التي يقوم بها، يستطيع - في عالم الوظيفة - أن يقدّم نفسه ويرتقي ليصل إلى قمة الهرم الوظيفي لمؤسسته، ولهذه السمات الشخصية كان هو فرس الرهان الذي تمّ الاتفاق معه ليكون الأداة الأمريكية، التي ستشارك أداة أخرى في منطقة الشرق الأوسط، لخلق المناخ المناسب للشرق الأوسط، كانت أول خطوات المهمة التي أسندت إليه، هي مقابلة إحدى الشخصيات القيادية الإخوانية، بعيدا عن العيون، لترتيب الاتفاقات التي ستتمّ على مراحل، فالتقى في غضون يناير 2009 سعد الحسيني، النائب الإخواني الذي سافر في مهام إخوانية إلى العاصمة لندن، قبل انتخابات المرشد ومكتب الإرشاد التي حدثت عام 2009، وفي فندق "لاند مارك" الشهير - ذلك الفندق اللندني الذي يجمع بين الأناقة البريطانية الكلاسيكية ووسائل الترف - اجتمع مندوب "الإخوان" مع "البرادعي" في مطعم "حديقة الشتاء"، الذي يقبع داخل الفندق.
وحين حطّت رحال "البرادعي" في مصر، استقبله الآلاف في المطار، وكان أمر هذا الاستقبال غريبا، لأن البرادعي لم يعش في مصر، ولم يختلط بالناس فيها، بل كانت نظرته دائما للمصريين هي نظرة البرجوازية التي تحتقر من هم دونها، ولكن الإخوان نفّذوا الاتفاق الأول، فليكن في استقبال البرادعي الآلاف، ليظهر أمام الشعب بمظهر الزعيم المخلِّص، ثم بدأ الإخوان مع البرادعي في تكوين الجمعية الوطنية للتغيير، وكان الإخوان وقتها هم سدنة الجمعية، ورجاله الذين يبدون له النصيحة دائما، ثم قاموا بعد ذلك بجمع التوقيعات له، تلك التوقيعات التي وصلت إلى 800000 توقيع، ليزيد الزخم حول البرادعي.
في لحظات أخرى متقدّمة، اتفق الإخوان مع البرادعي على أن يدخلا في خصام مصطنع، كل واحد منهما يذهب في طريق مختلف عن الآخر، والحقيقة أنهما كانا ينفّذان الأوامر التي جاءت لهما من العم "سام"، وكان هذا الخلاف بعد ثورة يناير مباشرة، ليسّهل للإخوان فيما بعد الانفراد بالساحة قدر الإمكان، وفي اللحظة الحاسمة، اختفى "البرادعي" ليترك مصر غنيمة للإخوان.
وحينما بدأت ثورة المصريين ضد الإخوان، عاد البرادعي ليظهر في الصورة مرة أخرى، كان هو المبعوث الذي أرسله "أوباما" ليصلح ما أفسده الإخوان، وهل يصلح العطّار ما أفسد الدهرُ؟!.
كان الدور المرسوم للبرادعي هو أن ينحني للثورة، ولا يقف معاديا لها، ولكن - في نفس الوقت - لا يمارسها بشكل كامل، إلا إذا حمّ القضاء وزاد غضب الجماهير، فحينئذ لا ينبغي للعرّاب أن يعادي الجماهير، بل من الأفضل له أن يمتطيها، وقدمت الثورة البرادعي، ليبدأ في رسم خطوات بقاء اعتصام "رابعة"، وتحويله إلى ورقة ضغط ضد مصر، وعندما لم يستطع تطويع الأمور لما يريد، ترك الجمل بما حمل، ليضع مصر في موقف المتّهم، ويضع نفسه في موضع الفارس الذي ينادي بالحرية.
الخطة التي تديرها أمريكا الآن لمصر، هي وضعها في موضع الفوضى، فوضى شاملة في كل شيئ، جماعة الإخوان مطلوب منها إحداث حالة الفوضى، وهل هناك أفضل من القتل والاغتيال والترويع والمظاهرات، حتى تدخل البلاد في الفوضى المطلوبة؟!، أين موضع البرادعي من هذه القصة؟، مطلوب منه أن يقوم بالدعم اللوجستي لحالة الفوضى التي يرتقبونها، ثم المطلوب منه مستقبلا، محاربة أي مرشح تكون له خلفية عسكرية، فضلا عن الاستمرار في الإساءة إلى مصر دوليا، حتى يجبر الحكومة المصرية على تخفيف الضغط عن الإخوان، لذلك فإن البرادعي له الدور الأكبر لوجستيّاً في أيّة عملية إرهابية تتمّ حاليا، وللأسف، لم يكن البرادعي فرداً، ولكنه كان فريقاً، ومن فريقه رجال يتقلّدون مناصب عليا في الدولة حاليا، كان أحدهم - وهو الدكتور زياد بهاء الدين - المستشار السياسي لحملة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، البرادعي حقيقةً هو أسلوب ومنهج، منهج الفريق البرادعي.