الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

2016.. عام «الطاغوت»!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سجلات ومساجلات وتسريبات وإنجازات وإخفاقات واتهامات وازدراءات وتشكيكات وتأكيدات وتكذيبات ونبوءات رصدتها وسائل الإعلام والهيئات والمراكز المعنية، ونشرتها على مدى أيام ديسمبر الجارى، الذى يلملم ساعاته ليعلن غياب شمس عام من التناقضات!!
إن ٢٠١٦، عام الوهم والتزوير والخيانة، قد حكم العديد من القضايا العربية، وتحكم بالعقليات المحيطة بها والمتعاطية معها، فى عهد عرف بـ«التدخلات الخارجية العلنية عربيًا، وإقليميًا، ودوليًا»، ويظهر اللاعبون الخارجيون يخططون، وينظمون، ويمولون، ويقاتلون، ويشعلون المشهد العربى بثوراتهم المزيفة، وبدعم من مرتزقة، وعملاء من الداخل يتلونون بلون «البنكنوت» الذى يقبضونه من أسيادهم مع كل عملية إرهابية قذرة ينفذونها على أرض طعموا من خيراتها، وشربوا من أنهارها، وناموا تحت سقفها، وتعلموا بالمجان فى مدارسها، ونهلوا من دعمها، وفى النهاية باعوها، وباعوا شعبها بأبخس الأثمان لمشتر حاقد، أو لكافر بالوطنية والعقيدة وإيمان الأجداد!!
وما يلفت النظر حقًا أن كل التقارير وكشوف الحسابات التى أعدت عن عام ٢٠١٦ رصدت كل شاردة وواردة - حسب إرادة ومصلحة ورؤية القائمين عليها - ولكن لم يتطرق أحد إلى كشف حساب شعب ما أو حكومة ما أو مؤسسة ما تجاه الخالق عز وجل «الله» الذى خلق البشر لعبادته «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون»!!.
ولا تقل إن «داعش والإخوان والحوثيين والشيعة والتكفيريين والتبشيريين من النصارى واليهود» كانوا يجاهدون فى سبيل الله والعمل من أجله، لأن عمل هؤلاء كان من أجل «الطاغوت» سواء أكان «إنسا أم جنا»!!
إن ٢٠١٦ أصبح فى ذمة التاريخ والتأريخ بتحولات متلاحقة شهدتها سواء من تحالفات بين دول عربية وإسلامية سرعان ما انفضت وتلاشت وحلت الخصومات والقطيعة ووقف التمويلات والتنسيقات لغياب الرؤية والهدف والمصير أو تصالحات واتفاقات بين دول وشعوب كانت متخاصمة وألفت بين قلوبهم وعقولهم «المصلحة».
أما النموذج الثالث فى التحولات هو ثبات مبدأ «المكايدة والتربص» بين شعوب ودول بعينها ضد أخرى لا لشىء سوى إثبات الذات والإحساس بالتواجد والوجود حتى لو شاركت بالتمويل فى الحروب بالوكالة واستباحة أراضيها كمستعمرات وقواعد عسكرية!!
بينما التحول الأكبر كان فى العلاقات الدولية حمل شعار «السياسة الجديدة»، التى استحدثتها العديد من الدول، وعلى رأسها المغرب، لتنويع شركائها الدوليين، وتحقيق أهداف عديدة، منها «التحول إلى قطب إقليمى، فى ظل تراجع الجزائر ومصر وأمريكا وأوروبا»، واكتساب مزيد من الحلفاء فى النزاع القائم على إقليم الصحراء المغربية بين الرباط و«الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادى الذهب» (البوليساريو)!!
إن أهم دروس ٢٠١٦ هو اكتشاف عديد من الشعوب أنه فى سبيل نضالهم للحصول على حرية واحدة أضاعوا أغلب الحريات الأخرى، وأن الثورة لم يعد لها معنى فى نفوس أكثر المضحين من أجلها، بعد أن وجدوا أنه لكى يتخلصوا من ديكتاتور واحد سيتم استبداله بمئات من الديكتاتوريين الصغار!!.
ومن بين الدروس أيضًا تغير مقصود «الولاية والسلطة» على أيدى الزعماء الجدد فلم تعد الزعامة هى إصلاح أديان الناس والقيام على مصالحهم والسهر لأجل راحتهم أو سماع أصوات المصلحين والنظر فيما ينادون به وعدم تكميم الأفواه وانما أصبحت «ما أريكم إلا ما أرى» واسمعوا لى ولا تكذبون!!
أما عن ٢٠١٧ فإنه بات من الصعب أن تستمر أمتنا العربية والإسلامية على هامش الحياة، وعالة على العالم ولا تشكل رقمًا فى المعادلة الدولية إلا فى شراء الأسلحة التى احتلت مكان الصدارة: قطر ١٧ مليار دولار، مصر ١٤ مليارًا، السعودية ٨ مليارات، الإمارات ٤ مليارات والعراق ٣ مليارات دولار!!
حقًا إنها كارثة أن يكثر المستهلكون ويتلاشى المنتجون، ويملك القوت العدو، ويبيع السلاح الحاقد، ويصنع الدواء من لا يرقب فى المريض إلًا ولا ذمة.
إن «ثقافة الاستهلاك» التى تعيشها شعوبنا ما هى إلا ثقافة إتكالية انهزامية تبتلع الثروة وتفقد الحس بقيمة الأشياء وتجعل المرء ينشغل بالمظهر عن الجوهر ويصير الإنفاق على الكماليات هدفا ورسالة ومظهرا اجتماعيا يبذل فيه الغالى والنفيس. بل ربما تصل هذه الثقافة إلى حد الهوس أو المرض أو تدفع صاحبها لأن يمد يده إلى الحرام ليشبع نهمه ويرضى غريزته بالفساد وما أكثر المفسدين فى بلادنا!!. 
وكما يقول (هارتلى جراتان): «المستهلك مخلوق معقد يعيش فى عالم معقد» وإن الاستهلاك المفرط يخمد العقل ويفقده القدرة على التفاعل والتفكير والتحليل، حيث يتعامل الذهن مع صنوف المنتجات باستسلام، بخلاف الإنتاج الذى يتطلب اتخاذ القرارات والمفاضلة بين الاختيارات والتجريب والمحاولة بما يقتضيها النجاح والفشل، وهذا من شأنه أن يفجر الطاقات ويثرى الإبداعات.
اللهم إنا نسألك فى العام الجديد العصمة من الشيطان وأوليائه والعون على هذه النفوس الأمارة بالسوء، وأن تتوحد دولنا العربيـة تحت راية الإسلام لتعود لنا عزتنا وكرامتنا وأمجاد أجدادنا.