الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

30 يونيو المقدمات والنهايات "25"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثناء فعاليات مليونية الشرعية والشريعة فى الأول من ديسمبر ٢٠١٢، كانت هناك حالة من الهلع تنتاب كل قيادات وزارة الداخلية، ابتداء من وزيرها آنذاك اللواء أحمد جمال الدين، وانتهاء بأصغر جندى فى مديريتى أمن القاهرة والجيزة، فلو أن هذه الجموع المحتشدة عند جامعة القاهرة من الإخوان والسلفيين تحركت نحو المعتصمين فى ميدان التحرير اعتراضًا على الإعلان الدستورى الذى أصدره مرسى لوقعت كارثة كبرى، أو بالأحرى مذبحة تاريخية، لا سيما أن المحتشدين عند الجامعة قد أعلنوا صراحة بأن من يعارض قرارات مرسى هم مجموعة من المأجورين، أعداء الإسلام، أنصار الكفر والإباحية والعلمانية الذين يجب القضاء عليهم ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه أن يفكر فى الخروج على الحاكم المسلم، هكذا قالوا فى مشهد يؤكد أننا فى طريقنا إلى إقامة دولة دينية لا محالة، وبينما كانت الهتافات تتعالى «إسلامية.. إسلامية رغم أنف الليبرالية» كان اللواء أحمد جمال الدين يطلب من مساعديه سرعة وضع المتاريس والحواجز الحديدية والجدران الإسمنتية لغلق بعض الطرق والشوارع، وذلك لضمان عدم وصول هؤلاء إلى معتصمى التحرير، واستشعر الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع خطورة ما يحدث، فأعد تقريرًا يحمل تقدير موقف وطلب لقاء الرئيس ليعرض عليه هذا التقرير والذى نبهه فيه بأننا على أعتاب حرب أهلية ستأكل الأخضر واليابس، ويجب عليه كرئيس للدولة أن يتحرك فورًا لوقف هذا الاستقطاب، وجمع شمل المصريين، وبينما كان الفريق السيسى يوضح للرئيس صراحة تخوف القوات المسلحة من انقسام الجبهة الداخلية كان مرسى يعيد عليه طلبه القديم بضرورة التدخل العسكرى فى سوريا ضد نظام بشار، وراح السيسى يعيد له ما قاله فى السابق عن ضرورة الحفاظ على الدولة السورية كأمن قومى واستراتيجى لمصر، وأن الجيش السورى هو شريك السلاح فى ٧٣ وهو الجيش الأول الميدانى بالنسبة لنا، بينما الجيش الثانى والثالث لدينا، وبمجرد انتهاء اللقاء قام مرسى بالاتصال بمرشد الإخوان محمد بديع وأبلغه بما حدث فى اجتماعه مع وزير الدفاع، وأخبره كذلك بسعادته البالغة بنجاح هذه المليونية التى بثت الرعب فى نفوس كل معارضيه وجعلتهم يتبولون على أنفسهم «قالها بالعامية.. ي..ش..» وكان هذا أمام عدد من موظفى الرئاسة الذين استاءوا من أسلوبه وطريقة حديثه وضحكاته العالية التى سرعان ما انخفضت حتى تلاشت حين فوجئ باستقالة مساعده لملف التحول الديمقراطى سمير مرقص وهو القبطى الذى أراد مرسى أن يطمئن الأقباط بوجوده فى مؤسسة الرئاسة، ولكن ها هو يستقيل من منصبه اعتراضًا على الإعلان الدستورى المنافى للديمقراطية شكلًا وموضوعًا، وقبل أن ينتهى مرسى من قراءة نص الاستقالة، فوجئ باستقالات جماعية لبعض مساعديه كالشاعر فاروق جويدة والكاتبة سكينة فؤاد والإعلامى عمرو الليثى ومحمد عصمت سيف الدولة وأيمن الصياد، حيث كشف هؤلاء أن مساعدى رئيس الجمهورية لم يعرفوا شيئًا عن الإعلان الدستورى إلا بعد صدوره، وأن هيئة المساعدين التى عينها مرسى لم تجتمع إلا مرة واحدة وليس لها أى دور حقيقى أو أى صلاحيات، فهى مناصب شرفية لا معنى لها والرئيس ينفرد بقراراته بعيدًا عن مستشاريه ومساعديه، ولكنه بالطبع يعود فى هذه القرارات إلى أهل الثقة من أعضاء جماعة الإخوان الذين يحيطون به، بل هم الذين يحكمون فى واقع الأمر، فالقرار تتم دراسته فى المقطم، ثم يرفع إلى الاتحادية لتوقيع الرئيس عليه وإصداره دون اعتراض منه، وقد ظهر ذلك جليًا حين أعلن المستشار محمود مكى نائب الرئيس فى مقابلة تليفزيونية عدم معرفته أو أخذ رأيه فى الإعلان الدستورى، فقد فوجئ به من خلال وسائل الإعلام، وبناء على توجيهات مرشد الإخوان انتهت فعاليات مليونية الشرعية والشريعة عند منتصف الليل، لتبدأ فى اليوم التالى حالات من العنف الفردى تمثلت فى حرق بعض مقرات حزب الوفد الذى كان يرعى اجتماعات جبهة الإنقاذ، وتمثلت أيضًا فى بعض المحاضر التى حررت من أعضاء الأحزاب والتيارات الليبرالية والتى تتهم بعض قادة الإخوان بخطف وتعذيب مجموعة من شباب تلك التيارات أثناء وضعهم لملصقات تعارض الإعلان الدستورى، ولم يكن الأمر فى القاهرة فقط بل امتد إلى كثير من المحافظات، ففى أسيوط مثلًا حرر أحمد سيد عضو التيار الشعبى ومينا ماجد طالب بكلية الصيدلة بلاغين ضد أمين حزب الحرية والعدالة فى أسيوط، والذى قام بخطفهما وتعذيبهما كى يمتنعا عن حشد الناس للتظاهر ضد مرسى، وتكرر الأمر فى كفر الشيخ وبنها والمنصورة، وكأنها خطة لإرهاب الناس، وظهرت فيديوهات لشباب الإخوان وهم يحرقون مقر حزب الوفد ومقر التيار الشعبى ويتباهون بذلك، وسطع نجم عبدالرحمن عز وأحمد المغير فى هذه الفيديوهات، وهما من شباب الإخوان الذين قادوا هذه العمليات، وفى الثلاثاء الرابع من ديسمبر نشرت جريدة الفايننشيال تايمز البريطانية مقالًا لمحمد البرادعى يصف فيه حال مصر ويؤكد أنها قد تحولت بالفعل إلى دولة دينية، وينبغى على الجيش أن يتدخل لحماية الدولة المدنية، فإما ذلك وإما الحرب الأهلية أو ثورة جياع، وكان لهذا المقال صداه العالمى.. وللحديث بقية.