الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عام حرب أم سلام؟.. إطلالة على 2017

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«التخاريف» التى تتدفق مع كل نهاية عام من أدعياء التنجيم وتوقعاتهم عن المستقبل لن تفلح فى كشف ألغاز وغموض عام ٢٠١٧ الذى تقترن إطلالته بالصراعات العالمية والتغييرات الصادمة.. واقع تتقاذفه الآراء المتضاربة بين أجواء غير مستقرة تتصاعد فيها الاتجاهات القومية، التطرف، الطائفية، الإرهاب.. ما دفع البعض إلى مقارنته بالأجواء التى سبقت الحرب العالمية الأولى والثانية، بينما تحمل آراء أخرى نبرة التفاؤل حول إمكانية الوصول إلى حلول قادرة على إخماد نيران صراع مسلح اكتوت به على مدى الأعوام الماضية عدة دول عربية.
المؤكد أن تراجع الدور الامريكى عبر السنوات الماضية رسم خريطة تحالفات جديدة مع عودة معادلة القوة الدولية -روسيا- لتأخذ بزمام مسار الأحداث تحديدا فى المنطقة العربية.. أمثلة التخبط والفشل خلال حكم الحزب الديمقراطى برئاسة أوباما فقد كل مقومات التبرير.. سواء فى «شخصنة» الأزمة السورية بالتخلص من بشار الأسد -نفس سيناريو ٢٠٠٣ وتحويل التدخل العسكرى الأمريكى فى العراق إلى مستنقع ثأر شخصى مع صدام حسين وهى حقيقة أقر بها الرئيس الأسبق بوش- أو كسر التحالف «المصري - السعودي - الخليجى» عبر ممارسة كل الضغوط لدفع السعودية ودول الخليج نحو التمسك بهذه النظرة القاصرة خلافا للموقف المصرى الذى تبنى رؤية سياسية أكثر عمقا وفهما لواقع الأحداث على أرض سوريا، يستند على قراءة سليمة للتجارب السابقة.. امتلاك روسيا المبادرة فى المأساة السورية سيدفع خلال عام ٢٠١٧ المبادرات المطروحة إلى مسار أكثر جدية فى دعم بناء عملية سياسية تُبقى على وحدة سوريا وكيان مؤسساتها.. حمامات الدماء ونزعات الثأر والعنف، كلها أمور تجعل من الصعب تقبل بشار الأسد كوجه دائم فى المستقبل السياسى لسوريا.. لكن الأولوية تبقى فى إقامة بنية سياسية صلبة قادرة على سد الفراغ الأمنى الذى توافدت على احتلاله مختلف التنظيمات الإرهابية.
نقاط التواصل بين الرئيس الروسى بوتين والقادم الجديد إلى البيت الأبيض دونالد ترامب لن تقتصر على سوريا، خصوصا أن الأخير يسعى لتحقيق حلم أمريكا القوية وفق اعتبارات المصالح الاقتصادية.. آبار البترول، إعادة تعمير البنى التحتية فى مدن تعرضت للدمار الشامل.. كلها فرص ذهبية للشركات الأمريكية المختلفة الأنشطة.. روسيا لن تكتفى العام المقبل بامتلاكها اليد الأعلى فى توجيه مسار الأزمة السورية.. سيمتد الدور الروسى إلى العراق.. رجل المخابرات المحنك بوتين يختار وفق حساباته لحظة التدخل، خصوصا حين تكون الإشكالية هى القضاء على تنظيم داعش، فى الموصل التى أعلنها ابوالبكر البغدادى عاصمة للخلافة، بعد انتهاء المعركة العسكرية إلى معركة سياسية، وفق ما أعلِن عن تفاهمات تركية - روسية - إيرانية أدت إلى تعديل مسار معركة تحرير الموصل، الأمر الذى يرجح تزايد الدور الروسى أمنيا واقتصاديا فى العراق بعد الانتهاء من «صُداع» مدينة الرقة السورية التى تعتبر ثانى معاقل داعش بعد الموصل. مسار الأحداث فى تركيا العام الماضى تشير إلى أن عام ٢٠١٧ سيشهد تساقط آخر ورقات التوت عن وهم «الخلافة الأردوغانى».. هوس الرئيس التركى بالخلافة حوله إلى مجرد ظاهرة «صوتية» تتخبط سياسيا وأمنيا.. بعدما صورت له أوهام الزعامة القدرة على فتح جميع أبواب جهنم فى وقت واحد.. حزب PKK أو العمال الكردستانى وهى قوة مسلحة لا يستهان بقدرتها على توجيه ضربات العنف.. حرب شنها على أغلب الأحزاب والفصائل الكردية، خابت فيها توقعات أردوغان بالحصول على دعم أى طرف إقليمى أو دولى يمنحه انتصارا يقدمه للشعب التركى.. توظيف الدين لخدمة طموحاته السياسية وفق ما كشفته الوثائق عن تورط نجله وصهره فى صفقات مع عناصر من داعش.. ارتباطه شخصيا بالتنظيم الدولى للإخوان.. الوضع الاقتصادى الذى خلق شعبية أردوغان فى الماضى أصبح على المحك ومن المنتظر استمرار تدهوره خلال ٢٠١٧ مع تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية.. نيران الثأر والانتقام التى أشعلها بين مئات الآلاف من مختلف فئات الشعب، وعلى رأسها الجيش، والمتمثلة فى مشاهد الإذلال والتنكيل بقادته وفق ما أكده لى عدد من إعلاميى تركيا البارزين الذين قدموا لوكالات أنباء العالم الدلائل الموثقة على «مسرحية» الانقلاب التى لفقها أردوغان فى يوليو الماضى للتخلص من معارضيه فى الجيش، كما أثبتوا ارتباط رجل الأمن الذى اغتال السفير الروسى بحزب العدالة والتنمية.. كلها إشارات تُرجح عدم بقائه على رأس السلطة لفترة طويلة. مراجعة كل ملابسات تضارب المصالح التى أدت إلى تصاعد «الجفاء» السياسى بين مصر والسعودية، تُرجِّح تراجع هذه الأسباب على خريطة العالم عام ٢٠١٧.. التشدد السعودى حيال الأزمة السورية بالتأكيد ستخف حدته مع توجه التوافق الدولى نحو الحلول السياسية بدلا من تغيير الأنظمة بالتدخل العسكرى.. المخاوف السعودية على أمن حدودها الجنوبية - اليمن- لم تسبقه قراءة دقيقة للتجربة المصرية فى اليمن خلال الستينيات، إذ لم تضع السعودية ضمن حسابات التدخل العسكرى للتحالف الذى شكلته تحول الصراع إلى حرب استنزاف، اعتمادا على أن العمليات العسكرية للتحالف لن تستغرق سوى أشهر قليلة، بينما الطبيعة الجغرافية لمنطقة اليمن تؤكد صعوبة هذه الفرضية، بالإضافة إلى أن إمكانيات السعودية عسكريا واقتصاديا لا تحتمل الاستمرار فى دوامة حروب الاستنزاف.. التحديات العربية، أبرزها صور اجتماعات قوى إقليمية ودولية لوضع خطط مستقبلية للمنطقة فى غياب الدول العربية، تفرض على السعودية إعادة أجواء التقارب بين القوى العربية المؤثرة - على رأسها مصر- فى أجواء لا تحتمل محاولات كل طرف التفرد بفرض قراراته.