السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

السيسي يؤذن في مالطا.. 3 سنوات والخطاب الديني محلك سر

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يترك الرئيس عبدالفتاح السيسي، مناسبة على مدار السنوات الثلاث الماضية، لم يتطرق خلالها لأهمية تجديد الخطاب الديني، لمواجهة فكر الجماعات التكفيرية التي تتخذ من الدين غطاء لشرعنة أعمالها الإرهابية، من خلال تحريف النصوص القرآنية والأحاديث النبوية.
لكن من أكثر الأعوام مناشدة من قبل الرئيس للمؤسسات الدينية لإعادة النظر في ملف تجديد الخطاب الديني هذا العام، حيث خلاله كان له أربع دعوات خلال أربع مناسبات. الأولى، كانت في 29 يونيو 2016، حيث ألقى الرئيس خطابًا بمناسبة ليلة القدر، أكد فيه أهمية التجدد والبعد عن الجمود، وجدد مطالبته بتصويب الخطاب الديني، ونشر صحيح الدين، الذي يتنافى مع دعاوى القتل والتدمير والتخريب.
الثانية في 14 يوليو 2016، حيث أكد الرئيس في لقاء مع المجموعة الثالثة من الدارسين بالبرنامج الرئاسي، أن مسئولية تجديد الخطاب الديني مشتركة بين الدولة والمجتمع.
وخلال ظهور في 27 أكتوبر 2016، على هامش توصيات مؤتمر الشباب بشرم الشيخ، وجه السيسي، الحكومــة بالتعاون مــع الأزهـر الشريـف والكنيســـة المصريـة وجميــع الجهات المعنيــة بالدولة بوضع ورقـة عمـل وطنيـة تمثل استراتيجية لوضع أسس سليمة لتصويب الخطاب الدينى في إطار الحفاظ على الهوية المصرية بكل أبعادها الحضارية والتاريخية، واختتم خلال احتفال المولد النبوي الشريف، في 8 ديسمبر 2016، بدعوة المؤسسات الدينية مجددًا إلى السعي في تجديد الخطاب الديني.
ورغم نداءات الرئيس عبدالفتاح السيسي المتكررة، بالتزامن مع نجاح الدولة في توجيه ضربات قاصمة للإرهابية، إلا أن المواجهة الحقيقة لانتشار فكر المتطرف ما زالت في أحضان المؤسسات الدينية، التي لم تحرك ساكنًا.
♦ الأزهر محلك سرك: 
لعل ملف تجديد الخطاب الديني، يلقى بالكامل على الأزهر الشريف بصفته المؤسسة المسئولة عن الخطاب الديني في مصر والدول العربية والعالم أجمع، فرغم دعوة الرئيس السيسي له منذ نجاح ثورة 30 يونيو، إلا أنه حتى الآن تأخرت تحركاته خلال العام الماضي فى الملف، إلا بعض ردود فعل للانتقادات الموجهة إليه من قبل إعلاميين ومثقفين بشأن عدم جديته فى تحمل مسئولية التجديد وتنقية مناهجه من الأفكار المتطرفة.
وخلال العام الحالي تنوعت الجهود الأزهرية المحدودة بين الحوارات المجتمعية والحوار الداخلى مع أبنائه فى الجامعات، وإحياء الرواق الأزهري، إلى جانب جولات خارجية لتصحيح مفهوم الإسلاموفوبيا، بالإضافة إلى إنشاء مرصد الأزهر لتتبع تحركات التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش وبوكو حرام وغيرهم من الجماعات المتطرفة، وتدشين مجلس حكماء المسلمين برئاسة الشيخ أحمد الطيب، للعمل على تأسيس مركز عالمى للفتوى، مع إعادة تنشيط بيت العائلة المصرى مرة أخرى.
وفي منتصف العام الحالي كانت التحركات الداخلية للأزهر الشريف، ففى نهاية نوفمبر الماضى أعلن الأزهر إقامة سلسلة من الحوارات المجتمعية بين الشباب والعلماء والخبراء والمتخصصين فى المجالات المختلفة التى تهم الشباب؛ لأجل تفعيل القيم الأخلاقية والاقتصادية وإحياء قيمة العمل التطوعي، وإحياء دور الشباب فى المجالات المختلفة لدفع مسيرة التنمية فى المجتمع وذلك من خلال التعاون المشترك بين الأزهر الشريف والكنيسة المصرية والأوقاف والثقافة والشباب وبيت العائلة المصرية وفروعه فى المحافظات واللجان الأساسية، والتى ضمت لفيفًا من الشباب فى الجامعات والمرحلة الثانوية وفئات من مختلف شرائح الشباب العاملين، لأجل وضع رؤية مشتركة لتفعيل القيم الإيجابية للحفاظ على الهوية المصرية وتعميق الانتماء للوطن.
وقال الشيخ محمد زكي، الأمين العام للجنة العليا للدعوة بالأزهر الشريف، إن تذكير الرئيس السيسي في كل مناسبة بضرورة تجديد الخطاب الدينى، لا يعنى أن هناك تقصيرًا من قبل المؤسسة الدينية، وإنما هو محاولة منه لحثها على بذل المزيد.
وعن أسباب مواجهة الرئيس السيسي خطاباته تجاه الأزهر الشريف، أضاف زكي أن الأزهر الشريف هو المؤسسة المنوط بها تجديد الخطاب الديني، عبر مجموعة من العلماء والدعاة، مشددًا على أنه يجب على كل المؤسسات أن تشارك المشيخة في عملية التجديد.
ويشير الأمين العام للجنة العليا للدعوة بالأزهر الشريف، إلى أنه يجب العمل على تطوير الخطاب الإعلامي بالبُعد عن الفُحش، والثقافي بالتوقف عن الهجوم على المشيخة، حتى يتم إنجاز المهمة التي يطالب بها الرئيس بين الوقت والآخر.
♦ الإفتاء تعزف منفردة
واجهت المؤسسة الدينية وعلى رأسها الأزهر الشريف خلال عام ۲۰۱٥ سهام النقد بسب تأخرها فى قضية تجديد الخطاب الدينى ومطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة الإسراع فى هذا الملف، ومن هنا بدأت المؤسسة الدينية فى السعى بجد من أجل اتخاذ خطوات مسرعة لإنجاز هذا الملف، والحق أن دار الإفتاء على رأس المؤسسات الدينية٬ التى اتخذت خطوات حقيقية فاعلة فى ملف تجديد الخطاب الدينى٬ وتدخل دار الإفتاء عام 2017 بميراث من النجاح حققته في 2016، حيث تصدت الدار منذ اللحظة الأولى٬ وكانت بالمرصاد الفكرى للتنظيمات الإرهابية٬ إذ ردت عليها الحجة بالحجة والفكر بالفكر٬ وواجهت أفكارها المضللة٬ خاصة التنظيم الإرهابى الأكثر وحشية ودموية الملقب بـ"داعش".
وأنشأت دار الإفتاء مرصد الأفكار التكفيرية والشاذة٬ لرصد كل فتاوى التكفير والرد عليها بحرفية ومنهجية عالية٬ تراعى كل أدوات البحث العلمى والمنهجى٬ وفى إطار صحيح الدين والأصول الفقهية٬ والشرعية لتفنيد الآراء المنحرفة والشاذة للتكفيريين.
وشهد العام الجديد إضافة مهمة٬ حيث انطلاقة للأمانة العامة لدور الإفتاء فى العالم، وكانت إحدى ثمار المؤتمر العالم للإفتاء٬ الذى عقد تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى٬ ومقرها القاهرة٬ ويرأسها فضيلة المفتى الدكتور شوقى علام، والأهمية الحقيقية لهذه الأمانة العالمية أنها تعيد للقاهرة ريادتها الدينية٬ وتجعلها مركز الفتوى المستنيرة الوسطية البعيدة عن التشدد والتطرف والإرهاب٬ وتجعل دار الإفتاء المصرية بمثابة المرجعية وبيت الخبرة العالمية فى الفتوى ورأس الحربة فى قضية تجديد الخطاب الدينى وتحديدًا أولويات المواجهة العلمية الدينية مع التطرف والإرهاب والتشدد٬ خلال الفترة المقبلة٬ وكان هذا واضحا فى ثناء كثير من علماء ومفتيى الأمة الإسلامية على هذه الخطوة وبرقيات التهنئة٬ التى انهالت على دار الإفتاء.
♦ الأوقاف في معركة الخطبة الموحدة
ومع دخول العام الحالي خاضت وزارة الأوقاف معركة أشرس وهى "الخطبة الموحدة"، التى أعلنت عن تطبيقها فى جميع المساجد التابعة لها، ومع البدء فى التطبيق الخطبة الموحدة اشتعلت الأزمة بين الأزهر والأوقاف، خاصة مع رفض الأزهر التزام دعاته ووعاظه بها، وهو ما تم حله فى نهاية المطاف بعد اجتماع الرئيس بجميع المسئولين عن القطاعات الدينية بالدولة، وتوجيهه لوزير الأوقاف بضرورة السماع لشيخ الأزهر.
كما سعت الأوقاف إلى ضم الزوايا والمساجد غير التابعة لها احترامًا لقدسية المنبر وتطهيرًا لأفكار الدعاة وصونًا لجوهر الدعوة، إلا أنها لم تنجح فى حسم المعركة لصالحها حتى الآن، فضلًا عن الحملة التى خاضتها لتطهير نسفها من الأئمة والدعاة غير الملتزمين بمنهجها الوسطى الذى تتبناه، فأحالت عددا منهم للتحقيق وفصلت عددا آخر بصورة نهائية.
وإنقاذًا للوضع الفاشل للمؤسسات الدينية، وقبل نهاية العام بحوالي 20 يوم قررت لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، برئاسة وكيل المجلس، السيد الشريف، مواصلة عملها بحضور ممثلي الأزهر والكنيسة لتجديد الخطاب الديني. 
وخلال الاجتماع، أوضح الدكتور أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية أن هذا الاجتماع لبحث تجديد الخطاب الديني؛ واستجابة لنداء وتكليف رئيس الجمهورية واهتمامه بهذه القضية. وتابع: "لا بد من رأى فكرى دينى مستنير دون المساس بالثوابت، ولا بد أن تعلم الأمة بما يدور حولها من متغيرات، ولا يظل الخطاب الدينى على مستوى الأحداث، وألا يكون خطابا تقليديا متجاوزا كل المتغيرات؛ بل لابد أن يتسع لاستيعاب كل متغيرات الحياة المعاصرة وإبراز الجانب الإنسانى فى تعاليم الدين، والتأكيد على رفض الأديان عامة والإسلام خاصة للعنف والإرهاب والتطرف، والتأكيد عل مستوى المخاطبين".
وقبل شهر وبالتحديد خلال الانعقاد الاول لمؤتمر الشباب بشرم الشيخ، إعلان وزير الثقافة حلمي النمنم عن انتقال ملف الخطاب الديني بالكامل إلى وزارة الإنتاج الحربي وقطاع الأمن. وكان قال خلال إن "القوات المسلحة ورجال الأمن يبذلون جهودا جبارة ويسقط منهم ضحايا كل يوم، لكن هذا هو الجزء الظاهر من المواجهة، أما المواجهة الحقيقية فهي تجديد الخطاب الديني".
♦ فشل المؤسسات يعيد ملف التجديد إلى مستشار الرئيس 
خلال الايام الماضية تناقلت تقارير صحفية، نقلًا عن مصادر أزهرية إن الرئاسة كلفت الدكتور أسامة الأزهري عضو الهيئة الاستشارية لمؤسسة الجمهورية ومستشار السيسي للشئون الدينية، بإدارة ملف تجديد الخطاب الديني، بسبب "عدم وضوح الرؤية حتى الآن من المؤسسة الدينية". 
وأضافت المصادر، أن كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي في ذكرى المولد النبوي، التي قال فيها "إن الخطاب الديني منفصل عن الإسلام ذاته واحتياجات العصر الحالي"، كانت بمثابة الضوء الأخضر لوكيل اللجنة الدينية بالبدء في مشروع تجديد الخطاب الديني، الذي تأخر كثيرًا منذ مناداة السيسي بعمل ثورة دينية قبل عامين ـ بحسب المصدر.
وأشارت إلى أن الأزهري سيبدأ في تنفيذ خطة تجديد الخطاب الديني خلال الأيام المقبلة، والتي من خلالها سيجوب جميع محافظات الجمهورية للالتقاء بشباب الجامعات، ومعرفة ما يدور في أذهانهم بالإضافة لتشكيل مجموعة عمل لوضع خطط تستهدف نشر الفكر الوسطي بين الشباب تمهيدًا للشرع في تجديد الخطاب لكي يتماشى مع روح ومشكلات الوقت الراهن.
♦ خبراء: يجب مواجهة الفكر الإرهابي الحجة بالحجة
قال علي بكر، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن تجديد الخطاب الديني هو أحد أهم الاسلحة التي يجب أن تسلح بها الدولة المصرية لمحاربة التنظيمات الإرهابية فكريًا وعلى رأسهم تنظيم داعش الإرهابي، وذلك لاتخاذهم الدين غطاءًا لاستقطاب الشباب غير المدرك لمخاطر صعود هذه التنظيمات علي الساحات الدولية.
وأضاف أن التنظيمات الإرهابية تعتمد في تدشين كياناتها علي بعض النصوص الدينية لاستقطاب الشباب، بعد تحريف هذه النصوص عن موضعها الأساسي، وخلال السنوات الماضية انضم الآلاف من الشباب لهذه التنظيمات إما بالسفر إلى أماكن تجمعهم، أو تنفيذ عمليات الذئاب المنفردة، وكل هذا مقابلة كما يزعمون مقابلة الجنة.
أما عن الخطط التي يجب أن يضعها المؤسسات الدينية، كما قال بكر: إن المؤسسات الدينية تحتاج إلي اعادة النظر في بعض ما يم مناقشته في عقول وأزها الشباب لمعرفة كيف يكون الرد الحجة بالحجة، وعمل ندوات ومؤتمرات وانتشار لرجال الدين داخل الشوارع المصرية في القري والمدن.
ويرى حسين دسوقى كبير أئمة بأوقاف المنيا، أن تجديد الخطاب الديني هو احد متطلبات الدين الاسلامي، حيث إنه من أهم خصائص الشريعة التكامل بين العلم والإيمان أو بين المعقول والمنقول، في تناسق وإنسجام تام فأول ما نزل من آيات القرآن سورة العلق "اقرأ بإسم ربك الذى خلق"، وهذا يحض على العلم وبعض الأحاديث المشهورة تجعل من العلم دعامة الدين مثل طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة.
وأضاف في تصريح خاص لـ"البوابة"، أن بعض الأحاديث النبوية الأخري تلح في طلبه مثل أطلبوا العلم من المهد إلى اللحد، وتأكيدًا لهذا المعنى تدعو كثير من الآيات الإنسان إلى اكتشاف أسرار الكون بالدرس والملاحظة والتفكير ومن هنا كان الاجتهاد والتجديد أصلًا من أصول الشريعة الإسلامية بغية الوصول إلى التوافق مع التطورات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية.
من ناحيته، طالب سامح عبدالحميد حمودة، القيادي السلفي، الأزهر الشريف بإعداد علماء متخصصين في مناظرة الفكر المتطرف وتوضيح ضلاله، مبينًا أن الانحراف الفكري يحتاج إلى متخصصين يردُّون على شبهات المتطرفين، ويفنِّدون أباطيلهم، ويَهدونهم إلى سواء السبيل.
وأضاف أن هناك سطحية في مواجهة الإرهاب والتطرف؛ لأن الفكر المتطرف لا يواجَه بالخطبة الموحَّدة، ولفت إلى أن الإرهابيين لا يستقيم منهجهم المنحرف من الخطبة، بل من جلساتهم المغلقة السرّية.