الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الباحث عمر سالم: أدعو لافتتاح فرع للأزهر بتل أبيب.. وإسرائيل دولة مسالمة.. وأخطبوط إخواني بالمؤسسة العريقة لرفض رسالتي للدكتوراه لأنها تدعو لمحاربة العنف.. أخوض ملفًا مليئًا بالألغام وأنسق مع الأمن

الباحث عمر سالم
الباحث عمر سالم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يُعرفه البعض بأنه شيخ التطبيع، والبعض الآخر صاحب الرؤية الواضحة، بين هذا وذاك يفتح الباحث الإسلامي عمر أحمد سالم، الشهير بـ"عمر سالم"، الملفات المثيرة للجدل في العلاقات المستقبلية بين مصر وإسرائيل، عبر إحدى رسائله للدكتوراه، والتي تحمل عنوان "السلام المفقود" وحاز على موافقة المناقشة من قبل الأزهر الشريف خلال الأسبوع الماضي، إلا أنه وقبل بدء المناقشة بلحظات أصدرت جامعة الأزهر بيانا تتبرأ فيه من علاقته بما يناقشه الباحث.
هذا ما دفع "البوابة نيوز" لمحاورته وفتح الملفات الشائكة، في رده كذَّب عمر سالم الباحث الإسلامي كل ما ورد في البيان الذي أصدرته جامعة الازهر، قائلًا: "لم أقل يوما إنني حصلت على دكتوراه من الأزهر، وكل ما ذكرته أن أساتذة من جامعة الأزهر أشرفوا على رسالتي للدكتوراه، لافتًا إلى أن السبب في منع المناقشة أحد أعضاء جماعة الإخوان صاحب المناصب داخل الجماعة.
وطالب سالم الأزهر بافتتاح فرع جديد له في تل أبيب كنوع من الاختراق الداخلي للمجتمع اليهودي ردًا على ما تحاوله هذه الدولة من اختراق المجتمعات العربية من الوقت لآخر، معتبرا أن إسرائيل هي المصدر الأول للإرهاب بالدول العربية، خاصة أن الطرفين بينهما نزاعات كبرى تتعلق بعقائد، وأولى حل هذه المحاولات الغاشمة هو تحويل القضية إلى قضية مصرية وليست فلسطينية، لأننا الأكثر تضررًا من الفلسطينيين أنفسهم، ويجب أن تحل بواسطة رجال الدين خاصة الأزهريين.
فإلى نص الحوار:

*** ماذا تقول عن بيان الأزهر الذي ينكر حصولك على دكتوراه من جامعته؟
لم أقل يومًا أنني حصلت على دكتوراه من الأزهر، كل ما ذكرته أن أساتذة من جامعة الأزهر أشرفوا على رسالتي للدكتوراه، وأصدروا تقرير صلاحية للمناقشة والعرض، وأن الرسالة جاهزة للمناقشة، وأرسلت بخطابي إلى فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر أطلب منه تشكيل لجنة علمية لفحص الرسالة تمهيدًا لمناقشتها، مع العلم أنني عضو في الرابطة العالمية لخريجي الأزهر (رقم 122) منذ عام 2009، ولدى جميع المستندات التي تؤكد حديثي.
*** وماذا تحتوي رسالتك الذي حظرها الأزهر؟
رسالتي معنونة بـ"السلام المفقود" للإجابة على عدة أسئلة وهي: كيف يتم توظيف الدين لاستمرار الصراع العربي الإسرائيلي؟ وما العلاج؟"، حيث تحاول الرسالة معالجة التكفير الارتجالي اللامنهجي، وللأسف وجدت كثيرا من علماء المسلمين ومنهم علماء الأزهر يعتنقون الفكر التكفيري ويكفرون أهل الكتاب بالكلية وبدون منهجية أو ضوابط، فيكفرون الإخوة المسيحيين الذين يعيشون بين أظهرنا في مصر، وهم يستندون في ذلك إلى بعض النصوص القرآنية التي يتم اجتزاؤها وإخراجها من سياقها، كما يستندون بشكل قوي إلى فتوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين في كتابه "الشرح المقنع على زاد المستقنع"، والتي تقول بأن "أهل الكتاب كفار، ومن لا يكفرهم فهو كافر".
أما رسالتي فتدعو إلى المنهجية في التعامل، وعدم التعميم، فتقول إن الإخوة المسيحيين هم أهل كتاب وليسوا كفارًا، ويجب أن نبرهم ونقسط إليهم قال تعالى:" لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ." سورة الممتحنة 8.
وقد أقر بذلك شيخ الأزهر أثناء زيارته إلى البوندستاج بألمانيا في شهر مارس الماضي، وأقر فضيلته بأن أهل الكتاب ليسوا كفارًا، وتفجيرات الكنيسة البطرسية أمس خير دليل على أهمية الطرح الذي جاء في رسالة الدكتوراه التي أشرف عليها نخبة من علماء الأزهر الشريف.
كما أن الرسالة تذكر أن أهل الكتاب ليسوا سواءً: عندي كباحث أهل الكتاب منهم المؤمن ومنهم الكافر، كما أن العرب منهم المؤمن ومنهم الكافر. والأمريكان منهم المؤمن ومنهم الكافر، وكل ملة وكل قوم منهم المؤمن ومنهم الكافر، فيجب علينا تحري المنهجية في مسألة تكفير الآخر وعدم التسرع في الحكم على الناس، وتفجيرات الكنيسة البطرسية أمس خير دليل على أهمية الطرح الذي جاء في رسالة الدكتوراة التي أشرف عليها علماء أجلاء وأوفياء من الأزهر الشريف. قال تعالى: "لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ". سورة المائدة 48.
والرسالة تقول إن علماء المسلمين يجب أن يراعوا مشاعر إخوانهم من أهل الكتاب، رسالتي تقول إن التوراة والإنجيل الذي يقرأة الإخوة المسيحيون في كنائسهم وأديرتهم وصوامعهم، يعتقدون أنه ليس محرفًا، فإذا كان محرفًا فإن مسئولية ذلك تقع على عاتق علماء أهل الكتاب ولا تقع على عاتق علماء المسلمين.
ووضعتُ في الرسالة علاج مشكلة التكفير والتهميش والإقصاء، وهو يكمن في كلمتين اثنتين، و"علاج التكفير"، وهو الامتثال إلى الأمر الإلهي في سورة المائدة الذي يدعو إلى استباق الخيرات بين أهل القرآن وأهل الكتاب، قال تعالى: "فاستبقوا الخيرات".

*** ولماذا يرفض الأزهر مناقشة رسالة الدكتوراه التي تقدمتَ بها؟
رسالة الدكتوراه التي تقدمت بها ممتازة، ولا غبار عليها، ويشيد بها جهابذة علماء الأزهر الذين يخشون الرحمن بالغيب، وتمت مراجعة الرسالة مراجعة علمية دقيقة، وحصلت على تقرير صلاحية للمناقشة والعرض أكثر من مرة من علماء الأزهر الشريف، ولكن للأسف هناك تيار إخواني داخل الأزهر قام بتهديد مشرفي الرسالة برفع تقرير إلى شيخ الأزهر يطعن في ذمتهم إذا هم ناقشوا الرسالة، كما ذكر لي ذلك الأستاذ المشرف.
لذلك أقول إن مؤسسة الأزهر لا ترفض مناقشة الرسالة، ولكن التيار المحسوب على الإخوان والمسيطر على بعض توجهات مؤسسة الأزهر الشريف هو الذي يرفض مناقشة الرسالة، ولذلك أهيب بفضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب ألا يسمع لمن يريدون إقصاء هذا البحث العلمي المنهجي، وعدم خروجه للناس، وألتمس من سيادته أن يوجه أستاذي المشرف، أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة، الأستاذ الدكتور محمد طلعت محمد أبو صير، بأن يناقش الرسالة في أقرب وقت ممكن، خاصة في ضوء الأعمال الإرهابية التي يتعرض لها الإخوة المسيحيون وآخرها حادث الاعتداء على مجموعة من المصلين الصائمين القائمين القانتين في الكنيسة البطرسية بالعباسية.
*** يقول بيان الأزهر إن رسالتك "خروج عن ثوابت إجماع المسلمين"؟
رسالتي لا تخرج عن إجماع علماء المسلمين، ولكنها تخرج عن الفكر التهميشي والتكفيري والإقصائي الذي يتبناه بعض المسلمين، وأنا مستعد للمناقشة والمناظرة عن كل فكرة وتوصية أشرت إليها في رسالتي وأقرها أساتذتي من المشرفين الفضلاء. 
*** رسالتك تعتمد علي اليهود والمسملين.. هل تعتبر وجود اليهود بفلسطين احتلالا؟
نعم، وجود اليهود بأرض فلسطين (أو أرض كنعان) يعتبر احتلالا من وجهة نظر كثير من الشعوب والحكومات العربية، أما من وجهة النظر الأمريكية والأوربية والأسترالية وإلى حد كبير من وجهة نظر كثير من الدول الآسيوية والأفريقية، فإن وجود اليهود في فلسطين هو حق تاريخي وحق ديني، كما جاء في نصوص التوراة العبرية والإنجيل الآرامي اليوناني والقرآن العربي.
وكما أن لليهود مكتبا ومقرا ومكتبة وكنيسا في القاهرة، يجب أن يكون هناك مكتبا ومقرا ومكتبة ومسجدا للأزهر الشريف في تل أبيب، يجب أن نخترق اليهود في عقر دارهم كما اخترقونا في عقر دارنا، وهناك كثير من أساتذة الأزهر الأجلاء مستعدون للذهاب إلى تل أبيب والدعوة إلى الله هناك، وخدمة ما يقرب من 3 ملايين من عرب 48 وتعريفهم بدينهم، ولن نقضى على غطرسة إسرائيل والتمييز العنصري هناك- إن وُجد- إلا بوجود مقر ومكتب تمثيل ومكتبة أزهرية في قلب تل أبيب.

*** وهل تعتبر إسرائيل دولة مسالمة أم دولة معتدية؟
عندي كباحث إسرائيل مسالمة ومعتدية، لأن إسرائيل دولة معتدية في بعض الأمور ودولة مسالمة في أمور أخرى كثيرة، والأمر يرجع إلينا نحن العرب، فنحن الذين نجعل من إسرائيل دولة موادعة ومسالمة ونحن الذين نجعل من إسرائيل دولة مجرمة محاربة.
وقبل أن أُفصل الجواب على هذا السؤال أريد أن أقول: لا سلام مع إسرائيل ولا سلام بدون إسرائيل، أي لا سلام مع إسرائيل العنصرية ولا سلام بدون إسرائيل؛ لأن إسرائيل للبعض تعني العنصرية وتفضيل عرق على عرق،  وتفضيل شعب على شعب، وتفضيل قوم على قوم، أما إسرائيل الدينية فتُعني أهل الكتاب أو اليهود والنصارى، وعلماء الأزهر ومن وراءهم شعب مصر العظيم يرفضون إسرائيل العنصرية التي تسلب أهل فلسطين حقوقهم المشروعة، ويقبلون إسرائيل المتعايشة التي تعطي أهلنا في أرض كنعان حقوقهم الشرعية.
فإذا كانت إسرائيل عنصرية فهي إذًا معتدية ومُحاربة ولا سلام معها، وأما إن كانت إسرائيل تريد العيش بسلام مع جيرانها فإن أساتذتي من علماء الأزهر لا يمانعون إقامة علاقات مع إسرائيل الدينية أي إقامة علاقات مع أهل الكتاب، لذلك فنحن المسلمون مأمورون باستباق الخيرات مع أهل الكتاب.
وعلماء الأزهر يقفون صفًا واحدًا خلف الرئيس عبدالفتاح بن سعيد السيسي الذي أعلنها صريحة على أرض أمريكا وأمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر 2016: "لدينا فرصة حقيقية لكتابة صفحة مضيئة فى تاريخ المنطقة وللتحرك في اتجاه السلام".
لذلك نقول: إن القيادة السياسية في مصر تصبو إلى خيار السلام،  وأقول لكم بالنيابة عن القيادة السياسية في إسرائيل إن دولة إسرائيل الدينية (حكومة وشعبا) تريد السلام، وأما واجب علماء الأزهر الشريف فهو تيسير أمر السلام للطرفين، ولا يتأتى ذلك إلا بامتثال الأمر القرآني في العلاقة بين أهل القرآن وأهل الكتاب، والذي أشار إليه الله سبحانه وتعالى في سورة المائدة، قال تعالى: "فاستبقوا الخيرات".
*** معنى ذلك أنك تدعو العرب للاعتراف بدولة إسرائيل؟
لا أدعو العرب لشيء سوى الامتثال لما جاء بالقرآن الكريم بشأن معاملة أهل الكتاب، خاصة الآية القرآنية في سورة المائدة التي تأمر المسلمين وأهل الكتاب، قال تعالى: "فاستبقوا الخيرات" أي استبقوا مكارم الأخلاق، أي استبقوا بر الوالدين وصلة الرحم والإحسان إلى الجار، وإذا كنا ننتظر قدوم الناصر صلاح الدين لكي يحرر فلسطين فلا مانع أن نعيش حياة يسودها البر والقسط بين المسلمين وأهل الكتاب حتى يظهر بيننا صلاح الدين صاحب الأخلاق الإسلامية السامية والصفات الحميدة التي أثنى عليها الصليبيون قبل أن يثنى عليها المسلمون، وعندما يظهر الناصر صلاح الدين فسوف يعطي أهل الكتاب كامل حقوقهم قبل أن يطلب منهم حقوقنا عليهم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "الأمة العادلة تسود وإن كانت كافرة، والأمة الظالمة تندثر ولو كانت مسلمة"، ولن نستعيد أرض فلسطين قبل أن نستعيد مكارم الأخلاق التي اتصف بها الصادق المصدوق وصحابته الكرام، وأختم كلامي بهذا الدعاء الذي دعا به أبو البشر: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.

*** وهل ترى إسرائيل مصدرًا للإرهاب بالدول العربية؟
بكل تأكيد، إسرائيل تحاول تصدير الإرهاب لكل الدول العربية، خاصة أن الطرفين بينهما مشكلات ونزاعات كبرى تتعلق بعقائد، وأول حل لهذه المحاولات الغاشمة هو تحويل القضية إلى قضية مصرية وليست فلسطينية؛ لأننا الأكثر تضررًا من الفلسطينين أنفسهم، ويجب أن تحل بواسطة رجال الدين خاصة الأزهريين.
ففي قلب القاهرة توجد سفارة إسرائيل ومركز يهودي في المعادي يحمل مئات الكتب باللغة العبرية، وهذا هو أصل الاختراق، فلماذا لا نخترقهم كما يفعلون بنا، ولهذا نطالب الأزهر بافتتاح فرع بتل أبيب، وسفر مجموعة من العلماء لخدمة المسلمين وعرب 48 الموجودين هناك لعدم تركهم فريسة لهم.
*** هذا يعني أنك تطالب الأزهر بالتطبيع مع تل أبيب؟
افتتاح فرع للأزهر في إسرائيل ليس تطبيعا، ولكنه اختراق لهذا المجتمع الذي يسعي ليل نهار لاختراقنا، بالإضافة إلى أنه أحد الحلول المهمة لحل الأزمة من جذورها.
*** ألا تخشى غضب الشعب المصري والشعوب العربية؟
بلا شك الملف مليء بالألغام، ومؤسسة الرئاسة والخارجية المصرية تحاول تخفيف حدة هذا الملف، وسعيّ فيه ليس له علاقة لا من قريب ولا بعيد بالتطبيع، ولكنه محاولة لحل الأزمة بعيدا عن كل الأخطاء التي نقع فيها يومًا بعد يوم، ونحن الخاسرون في كل الأوقات.
*** ألا تخاف من دخول السجن؟
هناك اتصالات قوية مع الأمن الوطني وجميع أجهزة الدولة الأمنية، ويعلمون كل التحركات التي أخوضها كل يوم داخل مصر أو خارجها، حتى لا يتهمني أحد بالعمالة لإسرائيل، فأنا أقول كلمة حق ولا أخاف في الحق لومة لائم.
*** في كلمة مختصرة كيف نقضي على الإرهاب بالمنطقة العربية؟
كررتها وأكررها، لن يحل إرهاب الدول العربية إلا بسعي نحو حل الأزمة العربية في فلسطين.