الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الجرَّاح العالمي هشام عاشور: نحتاج لإنهاء فكرة "الدولة الأبوية" وهيكلة المنظومة الطبية.. أطالب المواطنين بدفع 7.5 % من دخلهم للتأمين الصحي

الدكتور هشام عاشور،
الدكتور هشام عاشور، الجراح العالمى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الدكتور هشام عاشور، الجراح العالمى والملقب بـ«الفرعون المصرى» هو مدير أكبر مستشفى للولادة فى العالم، أستاذ أمراض النساء وجراحتها وطب التوليد، لديه 30 عامًا من الخبرة فى جراحة أورام النساء والجراحة الترميمية، والمستشار القانونى الطبى لنقابة الأطباء فى ولاية غرب ألمانيا، باحث ومؤسس لمشروع تطوير النظم الصحية فى الدول النامية.
العالم المصرى، تخرج فى كلية الطب جامعة عين شمس، وغادر مصر بعد تعنت مدير المستشفى الذى يعمل به، سافر وهو لا يملك سوى 4 آلاف جنيه، وتوجه إلى ألمانيا، التى سرعان ما اكتشفت موهبته، وتم تعيينه كأصغر رئيس قسم فى تاريخ ألمانيا، ثم تم تعيينه مديرًا لمستشفى إيزرلون، وهو أكبر مستشفى للولادات الصعبة والمتعثرة، وهو المستشفى الذي توجه الرئيس الألمانى إلى زيارته بعد نجاحات عاشور، الذى استطاع أن يحول عمليات سرطان الرحم، إلى عمليات عادية بدون خوف أو صعوبات.
بمجرد وصوله إلى مدينة الغردقة للمشاركة فى المؤتمر الوطنى لعلماء مصر بالخارج، توجه عاشور إلى مستشفى الغردقة العام، لإجراء كشوفات مجانية على المرضى، وقام بالكشف على 43 مريضًا، وقال إنه يزور مصر كل ثلاثة أشهر، لإجراء هذه الكشوفات على غير القادرين، وإنه سيعود فى شهر مارس المقبل، لإجراء 6 عمليات جراحية للمرضى بدون مقابل.

■ ما الخطوات التى يجب أن تقوم بها مصر للوصول للأداء الصحى الأمثل ومواكبة التطورات العالمية فى الرعاية الصحية؟
- هناك الكثير من الأمور التى ينبغى أن نقوم بها فى مصر، للارتقاء بمستوى الأداء الصحى، وتحسين المنظومة الصحية، وهى تحتاج لثورة فى النظام الصحى، بمعنى أنه يجب أن نقوم بتغيير الفكر أولًا، وهذا ليس معناه أن نخترع العجلة، ولكن علينا تشغيلها، لأن العجلة موجودة من الأساس، وفى العالم كله هناك نظم صحية موجودة وفعالة، فمن الممكن أن نحصل على الإيجابيات من بين هذه النظم، ويجب أن تتفق هذه النظم، مع الوضع الاقتصادى المصرى، من أجل إمكانية تطبيقها، وكذلك يجب أن تتوافق مع النظام الاجتماعى المصرى، ومن ثم عمل نظام مصرى خاص بنا، ولكن من أجل أن نقوم بعمل نظام مصرى خالص، لتطوير المنظومة الصحية، فنحن نحتاج إلى تضحية كبيرة.
■ ماذا تقصد بتضحية كبيرة؟
- التضحية التى أقصدها أن هناك ٣ أمور يجب أن تتم، وأطرافها هم المواطن والقائمون على المنظومة الصحية فى مصر، والطرف الأخير، هو العاملون فى المجال الصحى فى مصر، فالتضحية التى يجب على المواطن القيام بها، هى ضرورة الابتعاد عن فكرة الدولة الأبوية، بمعنى أن نترك فكرة أن الدولة هى أبى وأمى، وهى التى تفعل لى كل ما أريد، فالنظم الصحية القائمة فى كل دول العالم، قائمة فى الأساس على ما يقدمه المواطنون، والدولة تساهم بقدر بسيط فى دعم هذه النظم.
فى ألمانيا على سبيل المثال، كل مواطن يدفع ١٥٪ من الدخل الخاص به للتأمين الصحى، بينما يدفع صاحب العمل جزءًا آخر للتأمين الصحى أيضًا، وهنا الدولة لا تقدم سوى الدعم الأقل فى هذه السلسلة، ولا تقدم سوى ١٪ من هذه النسبة، وصاحب العمل هنا من الممكن أن يكون حكوميًا أو قطاعًا خاصًا، أو أيًا ما كان، ولكنه يتحمل جزءًا من تكاليف العامل معه فى تأمينه صحيًا، لذا يجب أن يكون هناك استعداد من جانب المواطن المصرى، لدفع ٧.٥٪ من قيمة دخله، من أجل التأمين الصحى عليه، ومن الممكن أن تتغير النسبة على حسب الظروف الخاصة بكل فرد، وكذلك أصحاب العمل يجب أن يكونوا على استعداد لهذه التضحية من أجل العامل الذى يعمل لديهم.
أما التضحية التى يقوم بها المسئولون عن المنظومة الصحية فى مصر، فهو أنه لا بد من إعادة الهيكلة الإدارية للمنظومة الصحية فى مصر بالكامل، خاصة أن المنظومة فى مصر مختلفة، ولا أستطيع أن أقول إنها جيدة أو سيئة، ولكن أنا أرى أن دور الدولة هو وضع الإطار العام للمنظومة الصحية، ولا تقوم هى بتنفيذه، فقط مهمتها وضع الإطار العام، ففى ألمانيا الدولة مسئوليتها وضع الإطار العام، وبداخل هذا الإطار، هناك ٤ جهات فاعلة، أولها اتحاد الأطباء، والثانى اتحاد المستشفيات، والثالث اتحاد شركات التأمين، وأخيرًا اتحاد المرضى، وداخل الإطار تتحرك هذه الجهات من أجل رفع مستوى أداء المنظومة ككل.
أما عن التضحية الأخيرة، والتى يجب أن يقوم بها العاملون فى القطاع الصحى، من أطباء وممرضين وعاملين بمختلف أشكالهم، وهى أن يكون ولاؤهم لمكان عملهم الأساسى فى المقام الأول، والتفرغ لهذا العمل، وأن تكون مهمة الأطباء، هى طبيب محترف، فلا يمكن للاعب كرة مثلًا، أن يلعب نهارًا فى أحد الأندية، وليلًا يذهب للعب لنادٍ آخر، فهكذا الطبيب يجب أن يضع المكان الذى يعمل به، نصب عينيه دائمًا، وأنا فى ألمانيا أعمل فى مستشفى واحد، منذ بداية اليوم وحتى نهايته، وعند حصولى على عقد للعمل فى مستشفى آخر، يكون ولائى أيضًا له، وفى المقابل، أحصل على مقابل مادى جيد جدًا، وهنا أنا لست فى حاجة إلى العمل فى أكثر من مكان.
■ بخصوص الحصول على مقابل مادى جيد، هل يمكن للقائمين على النظام الصحى فى مصر توفير مقابل جيد للعاملين بالمنظومة فى ظل هذا الوضع الاقتصادي؟
- المقابل المادى سيأتى من التمويل، الذى يقدمه المواطن وصاحب العمل والحكومة، لذا إذا قمنا بتوفير المقابل الجيد، ستكون هناك دفعة للتقدم بالمنظومة الصحية، وهذا هو النظام الجيد الذى يمكننا أن نعمل عليه، خاصة فى ظل تأكيد دراسات عدة، على أن هذا النظام فعال أكثر من غيره، وهذا هو النظام المطبق فى ألمانيا.
■ متى يمكن أن نقول: إن النظام الصحى المصرى من الأنظمة الجيدة والفعالة على مستوى العالم، ونستطيع أن ننافس دولًا أخرى فى هذا المجال؟
- هذا ممكن وليس مستحيلًا، ولكن يجب أن نبدع من أجل أن نصل لهذا المستوي.
فى ألمانيا كل مواطن يدفع 15 % من الدخل الخاص به للتأمين الصحى، بينما يدفع صاحب العمل جزءًا آخر للتأمين الصحى أيضًا، وهنا الدولة لا تقدم سوى الدعم الأقل فى هذه السلسلة، ولا تقدم سوى 1% من هذه النسبة، وصاحب العمل هنا من الممكن أن يكون حكوميًا أو قطاعًا خاصًا.
العالم المصرى، تخرج فى كلية الطب جامعة عين شمس، وغادر مصر بعد تعنت مدير المستشفى الذى يعمل به، سافر وهو لا يملك سوى 4 آلاف جنيه.