الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حماية الصناعة الوطنية ابتزاز فاجر لـ«مصر»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كلما سمعت لفظ الصناعة الوطنية قفزت قبيلة فئران تنهش فى صدري، فهى كلمة أقل ما توصف به أنها سيئة السمعة، يراد بها تحقيق منافع كثيرة لحفنة من المبتزين.
ولأن المصالح «تتصالح»، يعرف جيدًا "لوبى المبتزين" طريقه إلى الرأى العام، عبر شاشات الفضائيات وصفحات الجرائد والمجلات وموجات الراديو، يدفعون بالحالات الإنسانية التى تتضرر من هدم الصناعة، ومن هدم مصر، ويظهرون هم كـ«الحمل الوديع»، الذى لا حول له ولا قوة، الذى يدفع من صحته وأعصابه وأسرته ثمنًا باهظًا من أجل الوطن، يقدم التنازلات والتضحيات للشعب المسكين.
ولأن الصناعة الوطنية العظيمة لا ترقى لمنافسة أى منتج أجنبي، لن أتحدث عن التصدير، بل على مستوى السوق المحلية، فهم بحاجة دائمة لحماية وحضانة و«هشتكة» الحكومة، فليذهب اقتصاد السوق الحر للجحيم، طالما يأتى على حساب الأرباح، وأهلا بالاشتراكية عند اللزوم طالما تملأ الخزائن بكل ما لذّ وطاب.
عندما صدر قرار رئيس الوزراء بإعفاء الدواجن المستوردة من الرسوم الجمركية بدأت الآلة الإعلامية عملها، ولم يكن هناك حديث لمدة 48 ساعة فى أى وسيلة إعلامية سوى عن تدمير الصناعة الوطنية بهذا القرار الغاشم، وبالفعل تراجعت الحكومة عن القرار، وكانت النتيجة زيادة أسعار الدواجن فى شهر واحد 5 جنيهات للكيلوجرام الواحد!!
ولأن إعلامنا المبجل تنتابه حالات الغيبوبة المفاجئة، فلم يكلف أى برنامج توك شو نفسه لمتابعة «المناحة» التى أقامها وقت اتخاذ القرار، وحتى ندرك معنى الابتزاز الذى تتم ممارسته ضد الدولة، نتعرف على بعض التصريحات الصادرة من القائمين عن الصناعة الوطنية العظيمة التى تحميها الدولة..
«اتحاد الغرف التجارية: يصل حجم إنتاج الدواجن فى مصر سنويًا إلى مليار دجاجة، ويعمل بها أكثر من مليونى عامل».
«رئيس اتحاد منتجى الدواجن: يعمل بها أكثر من 3 ملايين عامل».. (لاحظ زيادة الرقم!).
«أمين الصندوق المساعد لنقابة الأطباء البيطريين: القرار يهدد عمل 5 ملايين عامل بقطاع الدواجن» (الرقم يزداد!).
دعك من الزيادة فى الأرقام «لزوم المناحة»، صناعة يعمل بها 3 ملايين مواطن، ولا تستطيع حماية نفسها هى ليست صناعة، هى شيء عبثى لا يمت للصناعة بصلة.
3 ملايين فرد، وباعتبار أن الأسرة مكونة من 4 أفراد، إذن يتوقف «أكل عيش 12 مليون مواطن مصرى على صناعة واحدة»، أي أن 13% من الشعب المصرى يعتمدون على صناعة الدواجن فى حياتهم، ورغم ذلك، بل ورغم المليارات التى تستثمر لم يفكر أى بنى آدم فى الاستثمار فى إنشاء مصنع للقاحات! لا من داخل القطاع ولا من خارجه، من هو رجل الأعمال فى العالم، الذى لديه فرصة كهذه ويرفضها، مصنع لا منافس له، تعتمد عليه صناعة يعيش من ورائها 13 مليون مواطن؟! أين القائمون على الصناعة الوطنية العظيمة؟ ولماذا لم يقيموا مصانع لقاحات بدلا من «المناحة»؟!
 الأكثر غرابة أنهم يطالبون الدولة بإنشاء المصنع، لماذا يدفعون ويتعبون ويجتهدون ما دامت «الهشتكة» مستمرة؟!
تصريح آخر: «أخصائى أمراض الدواجن الدكتور محمد الإمام: كيلو الدواجن بالمزارع يتم بيعه بـ15 جنيها، ويصل للمستهلك بـ18 جنيها، بخسارة قد تصل إلى 10 جنيهات فى «الفرخة» الواحدة للمزارع، وذلك فى ظل الظروف الطبيعية دون وجود أمراض».
كيف لصناعة تخسر 10 جنيهات فى «الفرخة» أن تستمر؟! أعيد ما كتبته فى السطور السابقة، حجم إنتاج الدواجن فى مصر سنويًا مليار دجاجة، يعنى الصناعة الوطنية العظيمة تخسر سنويًا 10 مليارات جنيه فى الظروف الطبيعية، من أجل المواطن المصرى المسكين، يتحملون هذه الخسارة الرهيبة لأجل الوطن!! «بلاها صناعة من الأصل!».
يعنى صناعة تخسر، والقائمون عليها يقدمون التضحيات، ويطالبون الدولة بحمايتها من المستورد (الوحش)، وأيضا مطالبات بإنشاء مصنع لقاحات، لأن الدولار يزيد باستمرار، وبالتالى زيادة خسارتهم وتشريد الملايين!
أى عقل فى الدنيا يستوعب ويصدق كلاما كهذا؟ أى حكومة فى العالم تتراجع عن قرار تدرك جيدًا أنه فى مصلحة مواطنيها؟ وأى شعب فى الكون يقبل أن يتم ابتزازه بشكل فاجر باسم حماية الصناعة الوطنية؟
الصناعة الوطنية الحقيقية هى الصناعة التى نجدها فى أسواق خارجية، هى من اجتهد القائمون عليها وخلقوا لهم وجودًا وسط منافسة عالمية شرسة، صناعة وطنية اهتمت بالجودة، ونالت ثقة المستهلك، لم تبتز الدولة وتطلب مساعدتها وحمايتها.. صحيح هم قلة لكنهم الأنجح، لا يعتمدون على الغلابة والمساكين فى تربية الدواجن والطيور، ويأخذون منهم ببخس الثمن، ليبيعوه بمكاسب فاحشة.
وبالطبع أسهل رد لغلاء الأسعار، أن الدولة أيضا لم تقم بواجبها فى ضبط الأسعار، وأن بائعى التجزئة هم السبب فى ذلك، وأن الدواجن تباع من المزارع بالسعر الذى يبلغ حد الكفاف، فعلا ابتزاز فاجر لمصر وللمصريين.
وللحديث بقية عن صناعة وطنية أخرى عظيمة تواصل ابتزاز الدولة منذ 40 عامًا.