الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

30 يونيو المقدمات والنهايات "23"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
توقفنا فى المقال السابق عند رد الفعل السريع للقوى الوطنية وغيرها عقب صدور الإعلان الدستورى فى الثانى والعشرين من نوفمبر ٢٠١٢، حيث اجتمع على الفور بعض رؤساء الأحزاب عدا الأحزاب الدينية بالطبع ورؤساء الائتلافات والحركات الثورية، ومن أطلق عليهم الإعلام لفظ النشطاء، وبعض الشخصيات العامة، وكان من أبرز الحضور السيد عمرو موسى ومحمد البرادعى وحمدين صباحى والسيد البدوى وجورج إسحاق ومحمد أبوالغار وسامح عاشور ويحيى الجمل وعلى السلمى وعبدالغفار شكر وغيرهم، ليعلنوا جميعا رفضهم التام لهذا الإعلان الدستورى الذى لم تعرفه مصر من قبل، ودعوا الشعب إلى الخروج فى مظاهرة كبرى للضغط على مرسى وجماعته، كى يقوم بإلغاء هذا الإعلان والذى أتبعه بقرار جمهورى نص على تعيين المستشار طلعت إبراهيم نائبًا عامًا جديدًا خلفًا للمستشار عبدالمجيد محمود، وقد قام طلعت إبراهيم بأداء اليمين مساء اليوم ذاته أمام الرئيس، ثم اتجه إلى مبنى دار القضاء العالى الذى كان لم يزل محاطًا بشباب الإخوان منذ عصر ذات اليوم، ليدخل إلى مكتب النائب العام وسط هتافات التأييد والترحاب وليلقى بيانًا على الشعب عبر التليفزيون المصرى فى سابقة لم تحدث من قبل، وكأن مرسى أراد أن يضع الشعب أمام الأمر الواقع، وفى نفس اليوم أيضًا وقع مرسى على مرسوم بقانون لم يتم الإعلان عنه حتى فوجئت به الأوساط السياسية حين تم نشره بالجريدة الرسمية وهو القانون المسمى بحماية الثورة، والذى تجاوز كل الأعراف والثوابت القانونية والدستورية، وكان ينص على إنشاء نيابة خاصة لحماية الثورة يتم تشكيلها بقرار من النائب العام وتختص هذه النيابة بإعادة فتح التحقيقات تمهيدًا لإعادة محاكمة كل رموز النظام السابق الذين برأهم القضاء سواء فى قضايا الكسب غير المشروع أو قضايا قتل المتظاهرين والاعتداء على الثوار، وامتد هذا القانون الانتقامى إلى محاكمة كل من هاجم الثورة بالقول أو النشر وبموجب هذا القانون أيضًا يحق للنيابة المختصة التحفظ على من تشك فى أنه يعمل ضد أهداف ثورة ٢٥ يناير أو أنه يكن عداء لها، وهكذا وضح للجميع أن مرسى وجماعته قد كشروا عن أنيابهم وقرروا الانتقام أو التنكيل بأى معارض لهم، وظنوا أن الشعب لن يتحرك ولن يلبى دعوة جبهة الإنقاذ بالنزول إلى الشوارع والميادين فى اليوم التالى عقب صلاة الجمعة، بل الأكثر من ذلك أنه قد صدرت تعليمات من مكتب الإرشاد إلى جموع الإخوان بالتواجد أمام قصر الاتحادية بعد صلاة الجمعة تأييدًا لقرارات الرئيس، وطوال الليل تم تجهيز اللافتات التى ظهر فيها لأول مرة شعار دعم الشرعية، إلى جانب شعار «افرم يا مرسى»، مذكرا الناس بنفس الشعار الذى رفع للسادات عقب تخلصه مع أعدائه فى مايو ٧١ فيما عرف باسم ثورة التصحيح، وتم كذلك طبع آلاف الصور لمرسى، وانتشر قادة الإخوان فى الفضائيات ليؤكدوا أن مرسى يقود ثورة جديدة بهذه القرارات، أما البلتاجى وسعد الكتاتنى فقد قاما بمهمة التنسيق مع الجبهات والأحزاب الدينية كى تحشد أعضاءها أيضًا أمام الاتحادية، وظل مرسى مترقبًا فشل المعارضة فى الحشد وراهن على ذلك أسعد شيخة وأحمد عبدالعاطى أمام أفراد الحرس الخاص وهو يستعد لأداء صلاة الجمعة، بينما كانت الأجهزة الأمنية قد أكدت له صباحًا أن أعدادًا غفيرة ستخرج اليوم، لكنه لم يصدق التقارير التى قدمت له وظن أنهم يحاولون بث الرعب فى نفسه، بل إنه قال للواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية هما ١٣،١٠،٩،٨ بالكتير اللى هينزلوا، وجاءت الرياح بما لا تشتهى السفن، فبمجرد انتهاء صلاة الجمعة احتشد المئات فى ميدان مصطفى محمود وفى شبرا وفى الجيزة، وتحركت المسيرات لتلتقى جميعًا فى ميدان التحرير فى مشهد أذهل مرسى وجماعته وأعاد إليهم ذكرى المليونيات التى كانوا ينظمونها للضغط على المجلس العسكرى، وشعر مرسى بالخطر حين بدأت الفضائيات فى نقل الصورة إلى العالم وانهالت الاتصالات الدولية على الرئاسة من جانب وعلى الخارجية من جانب آخر، فقد أبدى البيت الأبيض انزعاجه مما يحدث فى مصر وكذلك الاتحاد الأوروبى، وتم نصح الرئيس بضرورة مراجعة قراراته التى اعتبروها ردة على الديمقراطية، ولكن مرسى أخذ يقسم بأغلظ الأيمان للمتصلين بأن الغالبية العظمى من الشعب معه وأن الأعداد الموجودة عند الاتحادية تفوق الأعداد الموجودة فى التحرير بمئات الآلاف، وأنه سيلقى على مؤيديه خطابًا بعد قليل لكى يرى العالم أجمع الصورة بشكل آخر وبالفعل خرج مرسى إلى أهله وعشيرته ليقول لهم إنه اتخذ هذه القرارات بعدما عرف أن المحكمة الدستورية تنوى حل مجلس الشورى وبأن هناك أصابع تلعب فى الخفاء ووعد بقطع هذه الأصابع وبأن هناك ٩،٨،٧ يجتمعون فى حارة مزنوقة، وهو يعرفهم بالاسم ورغم ما فعله مرسى مع مؤيديه إلا أن العالم أدرك بما لا يدع مجالًا للشك بأن الشعب المصرى قد انقسم إلى فريقين.. وللحديث بقية.