الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

عادل عصمت الفائز بجائزة نجيب محفوظ الأدبية في حواره لـ"البوابة نيوز": أنا كاتب بالصدفة.. وقرأت لـ"صاحب نوبل" منذ أن كنت طالبًا في الإعدادية وكنت صديقًا له على الرغم من أنني لم أقابله

عادل عصمت الفائز
عادل عصمت الفائز بجائزة نجيب محفوظ الأدبية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الأدب المصرى سيزدهر ويتصدر الساحة العالمية خلال ١٠ سنوات
أعيش فى الاسكندرية وحيدا لا أرى ولا أقابل أحدا ولا أسافر إلى القاهرة كثيرا
تخرجت فى قسم الفلسفة فى كلية الآداب وأعمل اخصائى مكتبات بـ«التربية والتعليم»

من هو عادل عصمت الذى حصل على جائزة نجيب محفوظ الأدبية لهذا العام؟! سؤال ردده الكثير من النقاد المصريين حينما سمعوا بفوزه الذى أعلنته لجنة تحكيم الجائزة فى حفل أقيم بمقر الجامعة الأمريكية بالتحرير، فاز عادل عصمت برواية صادرة عام ٢٠١٥ عن دار «الكتب خان للنشر» بعنوان «حكايات يوسف تادرس» تحكى الرواية عن ذلك المواطن المسيحى الذى يقطع رحلة طويلة، ابتداء من مشاوير توزيع كوبونات التبرع لجمعية الكتاب المقدس، برفقة أمه، رحلة طويلة يقطعها يوسف تادرس من أجل تجسيد النور ومن أجل التخلص من أسطورة الذات، فيقول عصمت فى روايته «نور يتوهج على العشب وعلى الأرصفة، نور مثل حرير سائل، يتعلق به يوسف تادرس، يراه تجسيدًا لحنينه، لون حياة يرغبها.
من هذه اللمسة البسيطة يبدأ رحلته، لكى يصل إلى فهم مختلف لحياته ويتعرف على أن الفن لا يأتى من محاكاة شكل الكائنات، بل من محاكاة عمليات الخلق فى الطبيعة».
فى بداية حديثه لـ«البوابة» سألناه من يكون عادل عصمت لماذا لم نره فى الندوات والمحافل الأدبية والثقافية من قبل، رد متهكمًا «يا عم أنا أمين مكتبة ده أنا حيالله كاتب بالصدفة». جسده النحيل وإيماءات وجهه المنحوت الملامح وسمار بشرته المصرية الفريدة جعلتها أشبه بإحدى شخصيات روايات نجيب محفوظ ربما يكون كمال فى الثلاثية أو جلال صاحب الجلالة فى الحرافيش. يقول عصمت «من أجمل لحظات حياتى أن أفوز بجائزة تحمل اسم نجيب محفوظ وتخلد ذكراه، فقصتى بدأت من أكثر من ٢٥ عامًا منذ أن بدأت رحلة إبداعى، كان بينى وبينه حوار شخصى ذاتى تعاطفت معه وأحببته كإنسان بقدر حبى له كأديب، فمحفوظ إمكانياته الذهنية غير عادية، قرأت له منذ أن كنت طالبًا فى إعدادى».
جائزة نجيب محفوظ من اسمها توحى بأن الأديب الذى يفوز بها، ربما تجربته تشتبك مع تجربة محفوظ أو عالمه بشكل أو بآخر، وفى هذا السياق، يقول: «لا توجد مقارنات بين تجربتى الأدبية وبين تجربة نجيب محفوظ، أنا فقط استلهمت روحه وطريقته فى النظر للأشياء وطريقته فى الحياة، الأديب الراحل علاء الديب كان كتب عنى فى مقال وأشار خلاله إلى أننى كاتب من كتاب الأجيال الجديدة التى تستطيع تجربتى الأدبية أن تدخل قارئها فى الحارة الشعبية المصرية مثلما استطاع نجيب محفوظ أن يدخله».
شكر «عصمت» الذين اختاروه لنيل هذه الجائزة الرفيعة وتحدث عن تأثير الأديب نجيب محفوظ الشخصى والأدبى عليه ككاتب، قال عصمت: «كلما فكرت فيما حدث معى، أشعر أنها كلمات نجيب محفوظ حول الفن كمهنة والفن كحياة، وقد تسللت إلى وجدانى، تحورت حتى تتوافق مع ظروفى ومزاجى وميلى إلى العزلة. أصبحت صديقا لنجيب محفوظ رغم أننى لم أقابله قط، قربته «سيرته» من الوجدان وكانت عاملًا مساعدًا فى خلق أطيافه، فهو موظف مصرى مثلى ومثل غيرى، يصيبه الهم عندما يتعطل تليفون شقته فى الإسكندرية ويبحث بين معارفه عمن يساعده فى إعادة الحرارة إلى الخط. وعندما تنفجر ماسورة المياه الرئيسية فى بيته فى القاهرة، يقضى اليوم متكدرًا، ويرتبك نظامه الصارم. إنه قريب من القلب، حياته تشبه حياتنا، وملامحه تشبه ملامحنا لكنه امتلك ما عجز عنه الكثير منا: النظام والدقة والصبر حيث إنه كل عام يقرأ فى شهر ميلاد نجيب محفوظ عملًا من أعماله، ففى عام ٢٠١١ أقمت حفلى الخاص بمئويته، استحضرت مشاهد من سيرته وكتبت قصة بعنوان رأيت نجيب محفوظ، وقضيت بقية اليوم برفقة رواية قشتمر، والآن شاءت الظروف أن يتجسد حوارى معه فى حدث واقعى، وها هو يتخطى غيابه ويقوم، مثلما يحدث هنا كل عام، يحيينى ويمنحنى ميداليته التى ستبقى معى ما تبقى لى من وقت على ظهر الأرض، تذكارا لحواراتنا، وربما بداية لحوارات أخرى».
ومنحت الجامعة الأمريكية بالقاهرة اليوم جائزة نجيب محفوظ للأدب لعام ٢٠١٦ للكاتب المصرى عادل عصمت عن روايته «حكايات يوسف تادرس»، حيث قام الدكتور شريف صدقى المدير الأكاديمى للجامعة الأمريكية بالقاهرة بتسليم الجائزة إلى الفائز الذى تم اختياره من قبل أعضاء لجنة التحكيم التى تضمنت الدكتورة تحية عبدالناصر، أستاذ الأدب الإنجليزى والمقارن بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، والدكتورة شيرين أبوالنجا، أستاذ الأدب الإنجليزى بجامعة القاهرة، والدكتورة منى طلبة، أستاذ مساعد الأدب العربى بجامعة عين شمس، وهمفرى ديفيز، المترجم المعروف للأدب العربي، والدكتور رشيد العنانى، أستاذ فخرى للأدب العربى الحديث بجامعة إيكستر. حضر حفل توزيع الجائزة الذى أقيم فى القاعة الشرقية بحرم الجامعة الأمريكية بالقاهرة فى التحرير، العديد من الكتاب والشخصيات البارزة فى مجال الثقافة.
حكايات يوسف تادرس رحلة للبحث عن النور، لا ينهض بها صوفى ولا راهب وإنما فنان، لا يتوق إلى الفناء فى النور، ولكنه يكابد التقاط ما يسرى من شعاعة وظلاله، كتله وفراغه، سطوعه وتلاشيه، من البراعة أن تكون الشخصية قبطية تعيش فى مدينة طنطا الصغيرة مقارنة بالقاهرة أو الإسكندرية، وهو ما يسمح بتكثيف تفاصيل مشاعر تدهسها أى مدينة كبيرة، اللمحة الحميمة من الحياة المصرية المسيحية، نادرة فى الأدب المصرى، بارعة. هذه القصة عن صراع رجل ليهب نفسه إلى فنه، رغم العقبات التى تعترض طريقه، الذى خلق بعضها، ممتعة، يصور عادل عصمت الوصول إلى الفهم أو الرؤية التى تتعلق بكل أشكال الفن. يعكس الوصف المتميز للوحات يوسف تادرس وصوره الشخصية سيرة حياته وجماليات الفن وعزلة الفنان، وفى روايته الفائزة سألناه عن بطل روايته المسيحى يوسف تادرس فقال «اخترت المواطن المسيحى كأى مواطن آخر ليس لكونه مسيحيًا أو غيره هو فقط جاء لأنه شخصية أمامها التحديات كثيرة، فكونها تنتصر على كل التحديات، هذ هو محور الأحداث، فأنا أكتب عن بنى آدم فى الأساس قبل أى شىء».
يعمل عصمت، الذى تخرج فى كلية الآداب، قسم الفلسفة جامعة عين شمس والحاصل على ليسانس المكتبات من جامعة طنطا، أخصائى مكتبات بوزارة التربية والتعليم. وقد ألف عصمت مجموعة قصص قصيرة باسم «قصاصات» بالإضافة إلى خمس روايات من ضمنها «أيام النوافذ الزرقاء» والتى حصلت على جائزة الدولة التشجيعية فى الرواية عام ٢٠١١. وقد نشرت روايته الخامسة «حكايات يوسف تادرس» عام ٢٠١٥ بالقاهرة، عن دار نشر الكتب خان.
قال عصمت فى نهاية حديثه إن الأدب المصرى سيزدهر جدًا فى الأيام المقبلة فخلال ١٠ أعوام على الأقل من الممكن أن تتصدر الساحة العالمية، وفسر كلامه ذلك قائلًا «سنتصدر الساحة الثقافية حيث إننا خلفنا تراث أدبى ضخم مثل ما أنجزه نجيب محفوظ هذا الإبداع العظيم يدفع الأجيال الجديدة للبحث عن إبداع أعظم، وكما كانت فى الماضى موضوعات كبيرة، فهذا يدفعنى أن أبدع موضوعات أكثر». وعن حياته قال «إننى من طنطا فى الأساس وأعيش فى الإسكندرية وحيدا لا أرى ولا أقابل أحدا ولا أسافر للقاهرة كثيراً، أقابل الأديب السكندرى الكبير محمد حافظ رجب من الحين للآخر، كان عنده تكريم اليوم فى الإسكندرية بالتزامن مع يوم تكريمى للفوز بالجائزة اليوم، وكنت أتمنى أن أذهب إليه».