الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الرياض في مرحلة الخطر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل مبايعته ملكًا، وقبل ولايته العهد، ولأكثر من ثلاثين عامًا، عرف الملك سلمان بن عبدالعزيز بأنه الراعى للملفات الخليجية داخل الحكومة السعودية. يعرفها دولاً، وأسرًا حاكمة، وحكومات، وشعوبًا، وتاريخًا، وقضايا، وعلاقات ثنائية ومشتركة. ومع أن العلاقات بين دول أعضاء مجلس التعاون الخليجى قريبة بحكم كثير من المشتركات والمتشابهات بينها، فإنها أيضًا تتطلب كثيرًا من الحساسية عند العناية بها.
معظم عواصم الخليج العربية، المنخرطة فى المجلس، تعى تبدلات المنطقة ومخاطر التغيير المحيطة بها، وإشكالات العلاقات الدولية، والصعوبات التى تواجهها اقتصاداتها وميزانيات حكوماتها، والتزاماتها الداخلية والخارجية، خصوصًا إثر انهيارات أسعار النفط، وفيضان الإنتاج الذى يهدد مرة أخرى مداخيلها، بل وزنها السياسى.
زيارة الملك سلمان، التى شملت أربع عواصم، ومشاركته فى قمة البحرين الخليجية، هدفها تعزيز العلاقات التى تحتاجها المنطقة الخليجية، المسئولة كثيرًا عن استقرار منطقة الشرق الأوسط، ودول الخليج هى طرف أساسى فى كثير من أزماتها. وأهمية دول الخليج أكبر بكثير من حجم سكانها، تلعب اليوم الدور الموازن فى المنطقة مع غياب القوى العربية التقليدية، تحاول أن تملأ الفراغ الذى نجم بعد ثورات وفوضى الربيع العربى، فهى تمثل أعمدة المنطقة الوحيدة الواقفة، خصوصًا فى ظل انشغال البقية فى صراع البقاء.
ويمكن أن ننظر إلى الجولة الملكية فى إطار تعزيز العلاقة الموجودة والمنظمة داخل إطار مجلس التعاون الذى بقى صامدًا رغم الخلافات السابقة ورغم الرؤية المتباينة أحيانًا بين الأعضاء حول مسئوليات المجلس حيال قضايا المنطقة. الجميع يدرك أنه ضرورة فى ظل الزلازل المحيطة.
فى قمة الخليج التى عقدت فى العاصمة البحرينية، اعتبر الملك سلمان الأزمات واحدًا من «إرهاب وصراعات داخلية، وسفك للدماء هو نتيجة حتمية للتحالف بين الإرهاب والطائفية والتدخلات السافرة». يشير بذلك إلى أن إيران تقود جيشًا وميليشيات طائفية من خمس دول تقاتل بها فى سوريا والعراق، وتدير أيضًا حربًا طائفية فى اليمن. والتحالف بين الإرهاب والطائفية جلى والكاسب الوحيد منه هو إيران، والخاسر بسببه سوريا والعراق واليمن، وبطبيعة الحال يهدد بقية دول المنطقة، بما فيها الخليجية.
بالنسبة للرياض تدرك أن الحل لمواجهة جبل الأزمات وتكتل الأعداء هو من خلال تعاون مجلس التعاون الخليجى. معظم هذه الدول لو اجتمعت واتفقت قادرة على أن تكون جبهة ضخمة ضد إيران وحلفائها، والجماعات الإرهابية بما فيها «داعش» و«القاعدة»، وقادرة على حسم المواقف الدولية التى تذبذبت خلال فترة الفوضى. تستطيع أن تحسم مواقف معظم الدول الكبرى لصالحها إن قدرت على تكوين موقف موحد من معظم قضايا المنطقة. ولا شك أن الملك سلمان سعى منذ توليه الحكم إلى تقريب المسافات بين العواصم الخليجية بحكم معرفته بها وتعامله الطويل مع قياداتها ومؤسساتها. وبعد أن انتهت كل من الجولة الملكية، والقمة الخليجية، فإن المشروع الأهم للرياض أن تستمر فى إقناع المجموعة الخليجية على العمل معًا من أجل مواجهة إيران التى تريد تغيير الجغرافيا السياسية والهيمنة على شمال وشرق وجنوب شبه الجزيرة العربية، الذى عمليًا سيهدد بقاء المجلس وسلامة دوله. لا شك أن الملك سلمان، بالاحترام الذى يتمتع به والخبرة والعلاقة الخاصة، قادر على تصحيح، بل تطوير، العلاقات الخليجية وإنهاء الخلافات فى ظل التهديدات الحقيقية التى تمر بها المنطقة عمومًا، والخليج تحديدًا. فهل يمكن أن يجمد المختلفون قضاياهم ولو مؤقتًا؟.
نقلاً عن «الشرق الأوسط»