السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قانون الصحافة الجديد ما بين الحكومة ونخبتها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدت نوايا الحكومة حيال مشروع قانون الهيئات الإعلامية «التنظيم المؤسسى للصحافة والإعلام» تظهر للعيان فى ممارسة سيطرتها وإحكام قبضتها على الإعلام والصحافة بشكل يتنافى مع شعارات حرية الرأى والتعبير التى نادت بها الثورتان الأخيرتان .
فقد اتخذت الدولة ونخبتها الصحفية والإعلامية - سيئة النية - سواء بالمجلس الأعلى للصحافة أو مجلس النواب، سياسة التسويف والتباطؤ وتأخير صدور القوانين دون داع، فمنذ يناير الماضى والصحفيون لا يجدون ملامح للدولة فيما يتعلق بقانون الصحافة الموحد، ولا باختيار رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير للمؤسسات القومية، ولا تشكيل مجلس أعلى للصحافة جديد يضبط عورات المهنة التى لا تحصى، ولا بأزمات الصحفيين المالية أيضا فى ظل الغلاء الجنونى فى المعيشة الذى فشل هؤلاء فى حله طوال فترة وجودهم بالمجلس، وبعد انتهاء المدة القانونية لهؤلاء -الأفندية - منذ عام تقريبا دون تغيير يذكر لهم سوى مكلمات وتصريحات وجدل بيزنطى على شاشات الفضائيات وصفحات الجرائد، ونحن للأسف نتغنى بأننا دولة تحترم القانون وفى هذا الشأن وجدنا العكس تماما.!.
ودعك من المبررات التى تقول بأنهم مجلس لتسيير الأعمال وهو عذر أقبح من الذنب نفسه، لان وجود هؤلاء بمقاعدهم ليس له سند قانونى وإنهم جالسون بقانون القوة وليس بقوة القانون، وعليهم أن يردوا للدولة الرواتب التى تقاضوها بالملايين خلال عام لأنها حق الشعب والمال العام!، على أى حال فهؤلاء محسوبون على النخبة وهم أبعد ما يكونون بل ينبغى محاسبتهم ومحاسبة الحكومة نفسها على إهدار المال والوقت بلا فائدة!، ناهيك عن الخلافات التى دارت على الهواء فى برنامج «كلام تانى» على قناة دريم للإعلامية المتميزة رشا نبيل عندما اشتبك صلاح عيسى مع ضياء رشوان وكل منهما يلقى بالتهمة على الآخر محاولا إثبات تهمة المؤامرة على الآخر والتحالف مع الحكومة ضد الصحفيين، كما اشتبك الإعلامى المحترم حافظ المرازى مع النائب مصطفى بكرى حول قانون الصحافة الموحد واستبعاد المغضوب عليهم والمعارضين للحكومة مثل المرازى وجمال الشاعر فى مناقشة مشروع قانون الصحافة بشكل أثار استياء وتعجب المشاهدين للحلقة!، على كل حال فإن الأمر كان يستوجب التحقيق فى هذا الأمر فورا حتى تتبين الحقيقة للرأى العام!.
وبالرغم من أن الدستور المصرى نص على حماية حرية الصحافة والإعلام واستقلالية المؤسسات الإعلامية والصحفية، وهو ما يجب ترجمته فى التشريعات المنظمة للصحافة والإعلام وهو التزام دستورى كما فى المواد ٢١١ و٢١٢ و٢١٣، إلا أن الجماعة الصحفية من جانبها تحاول إقناع مجلس النواب المنتمى معظم أعضائه إلى قائمة حب مصر بضرورة مناقشة مشروع القانون الذى اتفقت عليه من قبل، إلا أن لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب تصر على مناقشة القانون الحكومى بالرغم من وجود العديد من المواد التى تحمل مخالفات جسيمة وانتهاكات لحرية الصحافة والإعلام واستقلالية الهيئات، التى سيقوم بتعيينها رئيس الدولة!، كما تجاهلت الحكومة مشروع القانون الموحد لتنظيم عمل الصحافة والإعلام الذى أعدته نخبة من أساتذة الإعلام وخبراء القانون الدستورى والصحفيين على مدار عام كامل والمعروفة بلجنة الخمسين من أجل تمرير مشروعها للمجلس وإقراره!، كما تجاهلت الحكومة من قبل إطلاع الجماعة الصحفية على التعديلات الجديدة التى قام بها قسم التشريع بمجلس الدولة بعد سحب مشروع القانون خلال الشهور الماضية قبل إرساله إلى النواب.
ربما القلق الأكبر من مجلس النواب الذى يضم للأسف صحفيين ضمن قائمة «حب مصر» والذين أثبتوا فى عدة مواقف موالاتهم للنظام والحكومة ربما نتيجة مصالح غير مباشرة بينهما قد لا نعرفها، مثل ضمان احتفاظ منسق ائتلاف دعم مصر بوظيفته كرئيس شركة مدينة الإنتاج الإعلامى بـ ٨٠ ألف دولار شهريا تقريبا، أى مليون و٢٠٠ ألف جنيه - بجانب بدلات ومكافآت مجلس النواب المستثناة من الضرائب بأمر النواب وهى بآلاف من المال العام، بينما يتضرر غالبية الشعب صاحب هذا المال من الفقر، وغيره من النواب أصحاب الجامعات الخاصة والأكاديميات بالمعادى وليس لهم علاقة بالمجلس من قريب أو بعيد.. والدليل على ذلك قيام المجلس بتقسيم القانون الموحد إلى ٣ أقسام، وتفصيل المواد المرتبطة بالحقوق والحريات على حسب ما يريده النظام وحتى تستمر عصا الدولة فى مواجهة الصحافة، وهم بهذا يكررون نفس أخطاء الماضي وما أدراك ما الماضى!.
وأعتقد أن ثلثى أعضاء الهيئة الوطنية للصحافة لابد أن يكونوا من أهل المهنة أى صحفيين ممارسين يعملون بأيديهم فى الشارع وسط الناس وليس فقط فى المكاتب الفارهة، وأن يكون تشكيل الهيئة الوطنية للإعلام من الإعلاميين أهل المهنة من المذيعين والمخرجين أو أساتذة الإعلام حتى يكونوا أصحاب القرار من منطلق أن «أهل مكة أدرى بشعابها»، ودون أن تقحم السلطة التنفيذية نفسها فى مسألة الاختيار أو الترشيحات على الإطلاق، فالترشيحات يجب أن تأتى من نقابة الصحفيين أو الهيئة العامة للثقافة أو منظمات مدنية وبالتالى تلتزم بالاستقلالية المطلوبة، لأنه طبقًا للدستور من حق رئيس الجمهورية أن يتلقى الترشيحات من الجهات المختلفة ويصدر قرارًا بتشكيلها.
نريد تدخلا رئاسيا فورا لإنقاذ الجماعة الصحفية من التعسف القانونى والحكومى ضدها ومحاولة تكميمها وتركيعها وإرهابها بالحبس تارة وبالغرامة تارة أخرى!.
يقول سعد زغلول: «فساد الحكام من فساد المحكومين»!.