الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

والد "شهيد كمين الهرم" يفتح قلبه لـ"البوابة نيوز": الملازم أول أحمد عزالدين صلى الفجر يوم وفاته.. وطلب شربة ماء قبل نطق الشهادتين.. الوالد: فوجئنا بسيدة تبكيه بحرقة لأنه كان متكفلًا بنفقات أسرتها

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان معروفًا بين الجميع بصاحب القلب الطيب والابتسامة التي لا تفارق وجهة، إنه الملازم أول أحمد عز الدين، أصغر ضابط شهيد بوزارة الداخلية، الذي لقى مصرعه متأثرا بعد إصابته في الانفجار الذى شهده شارع الهرم بجوار مسجد السلام، بعدما تم استهداف الكمين المكلف بحماية المنطقة.

داخل شارع المنيا المتفرع من شارع الثلاثين، يقيم الشهيد وسط أسرته المكونة من 4 أفراد، ملامح الحزن تسيطر على الجميع، بعد سماعهم خبر استشهاد "أحمد"، ليصابوا بحالة من الذهول حتى هذه اللحظة، وهناك التقت "البوابة نيوز" والد الشهيد الذي كان يقف أمام منزله يستقبل أهالي المنطقة والمقربين لتلقى واجب العزاء في نجله، وبمجرد الاقتراب منه جلس يروى تفاصيل حياة نجله، قائلا: "كان طيب وحنين وكل أهل المنطقة بيحبوه، مات شهيد وفى يوم جمعة، ربنا يصبرنا على فراقه".


وأضاف والد الشهيد: "كانت حياته طبيعة زي أي شاب دخل كلية الشرطة وكان نفسه يخدم بلده، ولكن نال الشهادة قبل أن يحقق شيئًا مما حلم به، قضى فترة الكلية، وماحدش كان بيشوفه غير ساعات قليلة خلال فترة الإجازة التي يحصل عليها، كان يحضر إلى المنزل يجلس معنا قليلا ويذهب لرؤية بعض أصدقائه، فى بعض الاحيان كان يأتي به إصابات وخدوش، وبمجرد سؤاله عن سبب ذلك يرد قائلا: "بيتم تدريبنا على كل شيء وأي حد فينا معرض لكل هذا"، استمر4 سنوات هكذا، وبمجرد الانتهاء من الدراسة تسلم عمله على الفور، والجميع كان في غاية السعادة، حتى هو كان مبسوط جدا بشغله حاول أن يبذل قصار جهده وتعامل مع الجميع، لم يترك شخصا محتاج إلى مساعدة حتى وقف بجواره".
وروى والد الضابط الشهيد، أحد المواقف التي قام بها نجله أثناء عمله، قائلا: "حضر أحد الأفراد إلى قسم الشرطة وكان متهما بالتعدي على والديه بالسب والضرب، فحاول أن يعاقبه على ما فعله، فطلب من أحد أمناء الشرطة اصطحابه إلى الداخل "لف به على 10 عنابر"، وطلب منه أن يخبر كل من فيهم بما فعله، ويردد: "أنا ضربت أبويا وأمي وأنا غلطان" حتى يشعر بحجم الجريمة التي فعلها بحق والديه".


ويكمل والد الشهيد: "مع مرور الوقت بدأ "أحمد" العمل في الكمائن والخروج بصحبة بعض القوات لتامين المناطق المتواجدة بدائرة القسم، دائما ما نشعر بالقلق عليه خاصة في ظل الأحداث التي تشهدها البلاد خلال الفترة الماضية ولكنه كان يبعث في قلوبنا الطمأنينة، ولم يخف يوما من الموت، ولم يكن يعلم أنه على موعد معه".
ويتابع: "فجر يوم الواقعة أخبرني أحمد بأن لديه تأمين بالقرب من مسجد السلام بدائرة القسم، فأيقظته وقمنا بأداء صلاة الفجر سويا، وعاد لينال بضعه ساعات اخرى من النوم حتى موعد عمله، واستيقظ الساعة التاسعة وخرج بصحبه شقيقه " إسلام " الذى يكبره بـ 5 سنوات وذهبا سويا، وبعد ساعات وأثناء توجهي للمسجد لاداء صلاة الظهر فوجئت بوالدته تتصل بي وتخبرني بان هناك انفجار حدث لاحد الاكمنة بشارع الهرم، وطلبت منى أن أتصل بأحمد لأطمئن عليه، وقمت بذلك ولكنه لم يرد، فعاودت الاتصال بشقيقه فأخبرني بأنه كان معه وتركه الساعة العاشرة إلا ربع، أطمأن قلبي قليلا، ودخلت المسجد وهناك وجدت بعض الأفراد يؤكدوا بأنه تم استهداف كمين بجوار مسجد السلام بشارع الهرم وهناك أنباء عن وقوع قتلى ومصابين، أصبت بالقلق وخرجت مسرعا استلقيت "توك توك"، وطلبت منه أن يوصلني لموقع الحادث".



يغالب والد الشهيد الدموع، ويصمت لدقائق، ويستأنف حديثه مرة اخرى: "وجدت الاجواء غير مستقرة وهناك حواجز أمنية وتجمعات كبيرة لرجال الشرطة واهالى المنطقة، اقتربت لمعرفة ما يحدث، فحاول أحد العساكر منعى فأخبرته باننى والد أحد الضباط وسمح لى بالمرور، فوجد مجموعة من قيادات الشرطة متواجدة هناك سالتهم عن المصابين خاصة بعدما سمعت بان ضابطين لقوا مصرعهم بالإضافة إلى مجموعة من العساكر والمجندين، واخبرتهم باسم نجلي فرد احدهم قائلا اصيب وتم نقله لمستشفى الهرم، ولكن اسرع احدهم، واصطحبني واخبرني بانه مامور قسم العمرانية، وقال لى "احمد ابنك شهيد وبطل"، وان الجثامين سيتم تجميعها وستخرج من احد المستشفيات العسكرية وسط جنازة عسكرية، حاولت السيطرة على اعصابي واسرعت واحضرت والدته، وطلبت منهم ان اتسلم جثمان نجلى لنتمكن من دفنه بمعرفتنا".






ويستطرد والد الشهيد: "اقمنا العزاء لنجلي وحضر الكثير من اصدقاءه واشخاص لم نكون نعرفها، وأثناء تلقي واجب العزاء اقترب منى أحد الافراد واخبرني بانه يدعى الرائد رامي حسين، واكد لى بانه هو اخر فرد شاهد نجلي قبل وفاته، مؤكدا بانه كان يمر بالقرب من المنطقة التى وقع بها الانفجار وشاهد الكثير من المصابين ولا أحد منهم يتحرك سوى نجلى فاقترب منه، ليخبره "احمد" انه يريد بعض الماء وبعدها نطق الشهادة مرتين، لترتفع روحه إلي السماء".

ويردف: "لم يتوقف أحد عن الكلام على "أحمد" مكنتش اعرف ان الناس كلها بتحبه كدة، سواء من اهل المنطقة او غيرهم، ومن المواقف التي تعجبنا منها جميعا فوجئنا وقت تلقى العزاء بامرأة تبكى بشدة حاول الجميع اسكاتها، ولكن دون جدوى، وردت قائله "احمد من الناس اللى يتزعل عليها، احمد كان بيصرف لي فلوس كل شهر وبيساعدني في تربية أبنائي، كلامها اصاب الجميع بصدمه وتعجبنا كيف لشاب لم يكمل عامله الثالث والعشرين بعد يوفر راتب لاحد الاسر، لم يتوقف عطاء أحمد عند هذا الحد فقد أخبرنا احد اصدقائه بان أحمد قام منذ فترة بتجميع مبلغ مالي لأحد المتهمين من أجل دفع غرامه له، كما اكد أحد افراد قسم شرطة العمرانية ان أحمد كان يقوم بإحضار الإفطار لهم يوميا على نفقته الخاصة".

يختتم والد الشهيد حديثه قائلا: "من يوم وفاة نجلى وانا بسمع شعارات كتير، وكل واحد يقولي هنجيب لك حق الشهيد والبطل، وانا مش محتاج غير انى اشوف الناس الى ارتكبوا الواقعة عشان اسالهم سؤال واحد، انتوا لية عملتوا في ابنى كدة؟".