السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

العفن الهبابي.. لهو خفي يدمر الفواكه.. انتشر في 90% من الأراضي.. مزارعون: المبيدات المسرطنة السبب.. وزراعة الأزهر تطرح مبادرة للتدخل لحل المشكلة.. وخبراء: ناتج عن ارتفاع الرطوبة وتراكم الفطريات

العفن الهبابى
العفن الهبابى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
احترسوا.. العفن الهبابى يلاحق الفواكه ويدمرها، انتشر فى 90% من الأراضي، المزارعون أكدوا أن المبيدات المسرطنة هى السبب، فيما طرحت زراعة الأزهر مبادرة عاجلة للتدخل لحل المشكلة غير أن خبراء محاصيل رأوا أن العفن ناتج عن ارتفاع الرطوبة وتراكم الفطريات. 
وزارة الزراعة، من جانبها، كشفت عبر تقرير رسمي لإدارة الخدمات البستانية، أن مرض "العفن الهبابي" يدمر نحو 100 ألف فدان من أشجار الفواكه بالإسماعيلية تنتج نحو ٣٠٠ ألف طن من أصناف الفواكه المختلفة، وأن المرض وصل لـ90% من الأشجار وانخفاض الإنتاجية إلى 70%.
أضاف التقرير أن المرض منتشر فى مراكز أبوصوير والإسماعيلية وفايد والقصاصين والتل الكبير والقنطرة غرب بسبب نمو العفن الهبابي الأسود الذي ينمو على الحشرة القشرية والمن والبق الدقيق نتيجة ارتفاع نسبة الرطوبة في الزراعات.
سيد عبدالواحد، مزارع، قال: إن ما يقارب الـ40% من أشجار المانجو فى محافظة الإسماعيلية قد أصيب بهذا السرطان الفتاك الذى قضى على الأخضر واليابس، مؤكدا أن المرض قد سد البراعم التى تخرج الزهرة والتى تنتج ثمرة المانجو وهذه مشكلة كبيرة جدا ستؤثر علينا فى الأعوام القادمة.
أكد محمود أحمد، صاحب جنينة مانجو، أن الجمعيات الزراعية قديما كانت ترش أشجار المانجو ومنذ أن توقفت عن ذلك حتى وقعنا فريسة فى أيدى المبيدات المسرطنة والمغشوشة والتي دمرت الأشجار بهذا المرض اللعين، إضافة إلى أن الفدان الواحد يتكلف أسمدة كيماوية تصل إلى 10 آلاف جنيه ومبيدات تصل إلى 6 آلاف جنيه، ولا يفيد فى النهاية. مطالبا وزارة الزراعة بالتدخل لإنقاذهم من خراب ودمار بيوتهم ومصدر دخلهم الذى يعتمدون عليه كل عام.

وقال الدكتور جمال عبدربه، أستاذ البساتين بكلية الزراعة جامعة الأزهر: إن هذا المرض يصيب المزارع المهملة وهذه المشكلة يتحملها الجميع، ومنهم أساتذة الجامعات فلا يوجد تعاون فى البحث العلمى بين الجامعات والمجتمع لحل مشاكله.
وطرح عبدربه مبادرة لحل هذه مشكلة العفن الهبابى فى الإسماعيلية عن طريق تشكيل فريق عمل بجمع عدد كبير من أساتذة كلية الزراعة بجامعة الأزهر المتخصصين فى أمراض النبات والبساتين وقسم الحشرات والمبيدات وغيرها من الأقسام كمتطوعين لحل هذه المشكلة، مضيفا أن ترعة الإسماعيلية بداية من الشرقية وحتى الإسماعيلية يقع على جانبيها مزارع الموالح والمانجو ونسبة الرطوبة تكون عالية فى هذه المنطقة فالأشجار تتكاثر بالبذرة فتصل الأشجار لارتفاعات كبيرة جدا، وبالتالي يصعب رشها بالمبيدات لهذا الارتفاع العالي فيصعب إجراءات المقاومة، موضحا أن أغلب الفلاحين فى هذه المزارع تعودوا على ريها بالغمر ويقومون بزراعة البرسيم تحت الأشجار وهو عائل لكثير من الآفات الحشرية والقواقع التي بدأت تمثل مشكلة لزراعات الموالح والمانجو فيكون لها تأثير وعند زيادة الرطوبة وزيادة تكثيف الشجر نتيجة زراعته على بعد 4 أمتار بين الشجرة والأخرى فيكون التظليل كبيرا جدا ولا يقوم الفلاح بتقليمه على مدار عامين أو ثلاثة، فلا يستطيع رش الأشجار بشكل جيد بالمبيدات الفطرية والحشرية.
تابع عبدربه: إن مشكلة العفن الهبابى هى مشكلة ثانوية لمشكلة رئيسية وهى أن المزارع مصابة بشدة بكل أنواع الحشرات الثاقبة الماصة، وهى حشرات تقوم بثقب الورقة وتخرج عصارتها على سطح الورقة وتحولها إلى عسل فتأخذ منه جزءا وتخرج الباقي على هيئة مادة عسلية سكرية فتسقط على أسطح الأوراق وتصبح الأوراق هنا جاذبة لحشرات أخرى وللفطريات كالعفن الهبابى وعندما تصل كثافته إلى 2 أو 3 مليمترات فتظهر الورقة وكأنها مدهونة بمادة سوداء فتحجب عنها أشعة الشمس فتجف الشجرة وتتساقط أوراقها.
وطالب، عبد ربه، بسرعة تشكيل فريق عمل من أساتذة كلية الزراعة جامعة الأزهر لمواجهة الخطر، موضحا أنه جاءت إليهم بالفعل عينات من العفن الهبابى من الإسماعيلية لفحصها، وقاموا بتحليلها فوجدوا عليها كميات كبيرة جدا من الآفات والمرض، موضحا أنه حتى يتحركوا إلى هناك لتنفيذ مبادرتهم لا بد من التعاون مع مديرية الزراعة بالإسماعيلية وقسم البساتين بجامعة قناة السويس وأيضا محافظة الإسماعيلية حتى نتحرك بشكل رسمي وكل عملنا سيكون تطوعيا بالكامل، مطالبا بوضع استشاري لكل مساحة معينة من الأراضي المنزرعة حتى يتابع هذه الأراضي من كافة نواحي الزراعة والري والآفات وغيرها وليس بالضرورة أن يكون أستاذا جامعيا، مطالبا بتدخل الجامعات فى حل مشاكل المجتمع نظرا لوجود أمراض كثيرة به وخاصة فى الزراعة.

ورأي الدكتور خالد غانم، أستاذ الزراعات العضوية والعلوم البيئية بكلية الزراعة جامعة الأزهر، أن مرض العفن الهبابي هو أحد الأمراض الشائعة على أشجار الفاكهة في مصر، ويحدث المرض نتيجة لإصابة النبات ببعض الفطريات الرمية المنتجة لجراثيم سوداء اللون وتظهر سطح أوراق الشجرة وكأنها مغطاة بمسحوق قطيف بالملمس أسود، مضيفا أن هذا المرض ينتج عن بعض الفطريات مثل "الترناريا، الكلادوسبوريومو، الماكرووفوما"، وهي تتواجد على أوراق النبات عندما تتهيأ لها بعض الظروف كإصابة الأشجار ببعض الحشرات المفرزة للندوة العسلية مثل المن والبق الدقيقي وارتفاع الرطوبة النسبية في الجو.
أضاف غانم، أن هذا المرض تؤثر الإصابة به على الأشجار في اتجاهين الأول يمنع التبادل الغازي بين الأوراق والوسط المحيط، والثاني يحجب الضوء والشمس ما يؤدى لسقوط الأوراق وضعف الأشجار، وفي النهاية انخفاض المحصول بدرجة كبيرة.
ونصح غانم، باتباع عدد من الممارسات الزراعية لمواجهة العفن، تبدأ بتقليم الأشجار للتخلص من الأجزاء المصابة والعمل على تهوية قلب الأشجار وتعريض الأجزاء الخضرية للضوء فذلك يؤدي إلى انخفاض الرطوبة النسبية وتحسين ظروف عملية التمثيل الضوئي، أيضا التسميد الجيد للأشجار وفق المعدلات الموصي بها، إضافة إلى الزراعة على مسافات منتسبة وعدم تزاحم الأشجار، فضلا عن إزالة الحشائش التي تعد مرتعا جيدا للحشرات، كما ينصح بعلاج الحشرات المنتجة للندوة العسلية أولا وذلك باستخدام الزيوت المعدنية وأحد المبيدات ثم استخدام مركبات النحاس والكبريت بعد 21 يوما، مؤكدا أن اتباع هذه الوسائل يحد بدرجة كبيرة من انتشار المرض نظرا لأن الفطريات المسببة له قدرتها المرضية ضعيفة.

ورأى الدكتور هشام سرور أستاذ الكيمياء الفيزيائية والبيئية، أن العفن الهبابى كارثة خطيرة على أشجار المانجو خاصة فى منطقة الإسماعيلية وأرقام الإصابات مرعبة وتحتاج إلى استراتيجية مكافحة سريعة للتحرك لأن المانجو الإسماعيلاوى معروف عالميا وأحد الحاصلات المطلوبة للتصدير، مضيفا أن المكافحة تبدأ على ٣ مستويات الأول بتقليل الرطوبة بتنظيم الري وتقدير كميات المياه التي تحتاجها بدون أي زيادة، والمستوى الثاني بالاهتمام بتقليم الأشجار لأن الظل وعدم وصول الشمس إلى الأوراق أحد العوامل المساعدة لتكون وكثافة العفن الهبابى، والمستوى الثالث والأهم هو مكافحة الحشرات القشرية التي من مخلفاتها العفن الهبابى ويكون برش زيت معدني بمفرده أو مخلوط بمبيد جهازي مثل أميداكولبريد ويكون الرش بأسلوب الغسيل وخاصة للأسطح السفلى للأوراق البعيدة عن الضوء التى هى مأوى للحشرة القشرية والتى تتراكم عليها إفرازاتها ومنها يبدأ العفن الهبابى.
نصح سرور، أنه فى مرات الغسل لا بد من استخدام محلول الصابون البوتاسى مع أحد المبيدات الجهازية الموصى بها للحشرية القشرية والمن، مضيفا أننا نحتاج إلى استراتيجية ومكافحة ومتابعة شبة يومية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لأن العفن الهبابى الذى يتكون نتيجة لإفرازات الحشرة القشرية يعمل كعازل لأوراق الشجرة عن الضوء ويعتمها فلا تستطيع استكمال عملية البناء الضوئي الأساسية فى حياة النبات فتجف الأوراق وتموت الشجرة كأنها منعتها من التنفس وتكوين الغذاء.