الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لمصلحة من هذه الضجة؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سبق لنا أن تناولنا فى مقالنا السابق بجريدة «البوابة» بعددها الصادر يوم الأربعاء الموافق ٣٠/١١/٢٠١٦ «قضية التمويل الأجنبي» تحت عنوان «نعم للعمل الأهلى التطوعي.. ولا للتمويل الأجنبي»، وذلك بمناسبة مناقشة مشروع قانون الجمعيات الأهلية الذى تقدم به النائب الدكتور عبدالهادى القصبى، رئيس لجنة التضامن بمجلس النواب، وبعد أن حصل على موافقة مسبقة من ٢٠٣ أعضاء من أعضاء مجلس النواب، والذى تم إقراره من مجلس الدولة بعد مراجعته مؤكدًا خلوه من أى شبهة عدم دستورية، وأرفق عددًا من ملاحظات التعديل على ضوء الانتقادات التى وجهت للمشروع والتى استجاب لها مجلس النواب، حيث تم تعديل المادة الثانية إلي:
«على جميع الكيانات التى تمارس العمل الأهلى وفق التعريف المنصوص عليه فى القانون المرفق، أيا كان مسماها أو شكلها القانونى، أن تقوم بتوفيق أوضاعها وفقًا لأحكامه وذلك خلال عام من تاريخ العمل به وإلا قضت المحكمة المختصة بحلها وتؤول أموالها إلى صندوق دعم الجمعيات والمؤسسات الأهلية المنصوص عليه فى القانون المرفق، ويقف بقوة القانون كل نشاط يمارس بالمخالفة لأحكام هذه المادة»، وبموجب هذا التعديل أصبحت مدة توفيق الأوضاع سنة بدلًا من ٦ أشهر فى مشروع القانون.
ويكون توفيق الأوضاع بإخطار الوزارة المختصة أو الجهاز القومى لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية المنشأ بموجب أحكام القانون المرافق بحسب الأحوال بجميع بيانات الجمعية والمنظمة أو الكيان وأنشطتها ومصادر تمويلها وبرامجها وبروتوكلات ومذكرات التفاهم وغيرها من صيغ التعاون أيًا كان مسماها، والتى تقوم على تنفيذها فى مصر، وذلك على النموذج المعد لذلك، وأن تقوم كذلك بتعديل نظمها بما يضمن أن تتوافق مع أحكام هذا القانون والقوانين المرافقة له.
وكذلك المادة ١٥ من مشروع القانون لتصبح بعد التعديل «يخضع رؤساء وأعضاء مجالس إدارة ومجالس أمناء الجمعيات وغيرها من الكيانات المنظمة بموجب أحكام هذا القانون إلى قانون الجهاز المركزى للمحاسبات ويلتزمون بأحكامه»، وهذا التعديل جاء استجابة للاعتراضات التى تم إبداؤها على مشروع القانون والذى كان يجعل خضوع رؤساء وأعضاء مجالس إدارة ومجالس أمناء الجمعيات للكسب غير المشروع.
ومن الاعتراضات التى تمت الاستجابة لها التعديل الذى أدخل على المادة ٢٢ ليصبح للجمعية أكثر من حساب، وذلك بالنص علي:
«... مع مراعاة حكم الفقرتين ٣، ٤ من المادة ١٠ من هذا القانون تلتزم الجمعيات وغيرها من الكيانات الخاضعة لأحكام هذا القانون بفتح حساب بنكى فى أحد البنوك الخاضعة لرقابة البنك المركزى، ويجوز أن يكون لهذا الحساب عدة حسابات فى ٥ بنوك إذا زادت المصروفات على ٥ ملايين جنيه وحسابات أكثر فى حالة الضرورة ويكون بقرار من مجلس الوزراء، كما يلتزم بأن يكون الإنفاق على أغراضها أو تلقى أى أموال متعلقة بها عن طريق ذلك الحساب أو الحسابات المتفرعة عنه دون غيرها»، وبالرغم من هذه التعديلات والاستماع لمقترحاتهم وآرائهم إلا أننا فوجئنا بهجمة شرسة يقودها بعض مافيا تلقى التمويل الأجنبى على هذا القانون الذى سيصبح ساريًا بعد إقرار رئيس الجمهورية له ونشره بالجريدة الرسمية وذلك عملًا بنص المادة ٢٢٥ من الدستور التى تنص علي:
«تنشر القوانين فى الجريدة الرسمية خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إصدارها، ويعمل بها بعد ثلاثين يومًا من اليوم التالى لتاريخ نشرها إلا إذا حددت لذلك ميعاد آخر، ولا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ومع ذلك يجوز فى غير المواد الجنائية والضريبية النص فى القانون على خلاف ذلك وبموافقة أغلبية ثلثى أعضاء مجلس النواب».
وهذه الهجمة من قبل هذه الحفنة عديمى الانتماء للوطن ليس بغريب عليهم، وتعددت أشكال الرد، بدءًا من تسريب مسودة القانون لعدد من سفراء الدول الأجنبية «مانحى التمويل» مقابل تقاريرهم الكاذبة والمفبركة التى تشوه كل وجوه الحياة فى بلدنا وتعتبر وسيلة للتدخل فى شئوننا الداخلية. وعقد السفراء اجتماعًا فى ذات توقيت مناقشة مجلس النواب لمشروع القانون لكى يمارسوا الضغط عليه لكى لا يوافق عليه، الأمر الذى يعد استقواء بالخارج بشكل فج ووقح، وتدخلًا فى شئوننا الداخلية وهو الأمر الذى يرفضه أى غيور على وطنه، ولكن حب تلقى الأموال أعماهم وقاموا بتدشين حملة من عدد من المنظمات من أجل استخدام جميع الطرق القانونية والمشروعة للاعتراض على هذا القانون، ومناشدة السيد رئيس الجمهورية لاستخدام صلاحياته الدستورية للاعتراض عليه عملًا بنص المادة ١٢٣ من الدستور ورده لمجلس النواب .. حيث تنص المادة ١٢٣ علي:
«لرئيس الجمهورية حق إصدار القوانين والاعتراض عليها، وإذا اعترض رئيس الجمهورية على مشروع قانون أقره مجلس النواب رده إليه خلال ثلاثين يوما من إبلاغ المجلس إياه، فإذا لم يرد مشروع القانون فى هذا الميعاد اعتبر قانونًا وأصدر. وإذا رد فى الميعاد المتقدم إلى المجلس وأقره ثانية بأغلبية ثلثى أعضائه اعتبر قانونًا وأصدر».
ويردد هؤلاء بأن هذا القانون مخالف للدستور والاتفاقيات الدولية بالرغم من نفى ذلك من مجلس الدولة عقب إقراره له.
وهؤلاء الحفنة نصبوا من أنفسهم أوصياء على المجتمع والشعب والمجتمع المدنى الذى لم نقم بإنشائه بعد، ولكنهم يعتمدون على علو الصوت والصراخ الذى تتيحه بعض أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة، نتيجة الصلة التى تربطهم كطابور خامس، ويعود نشاطهم عقب نجاح قوى الاستعمار العالمى الجديد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بتحقيق انتصار فى الحرب الباردة على الاتحاد السوفيتى وبلدان الكتلة الاشتراكية بالاعتماد على النقابات والجمعيات المستقلة ومنظمات حقوق الإنسان التى نجحت فى اختراق المجتمعات الاشتراكية، ولتقويض سلطات الدولة أمريكا وحلفاؤها قرروا استخدام ذات الأسلوب للمحافظة على الأمن الإسرائيلى عقب الهزة العنيفة التى أحدثتها حرب ٦ أكتوبر ١٩٧٣ وانتصار الجيوش العربية بقيادة الجيش المصرى على إسرائيل التى لا تقهر، ولم تحمها أحدث الأسلحة من إنتاج الترسانة الأمريكية فكان لا بد من تفتيت وتقسيم الدول العربية وتدمير جيوشها، وإسقاط الدول بنشر الفوضى من خلال هذه المنظمات المشبوهة، وإغداق الأموال عليها تحت العديد من المسميات، ولم يكن بغريب أن تحول المخابرات المركزية الأمريكية المبالغ التى كانت ترصدها لمقاومة الشيوعية ومحاربة الاتحاد السوفيتى وكتلة البلاد الاشتراكية لهذه المنظمات، وقيادات هذه المنظمات لا طعم ولا لون لهم، وغالبيتهم من المهزومين اجتماعيا وولوا الأدبار لحظة النضال الحقيقى، وشجعهم نظام المخلوع على هذا النشاط لإفسادهم ومعايرتهم فى بعض الأحيان، ونقول لهم لن ترهبنا أصواتكم العالية، وآن الأوان أن نفتح ملفاتكم.