الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة في حواره لـ"البوابة نيوز": محمود درويش صنيعة الإعلام والسلطة.. ونرفض اتهامنا بحرق الأراضي المحتلة.. وأقول لـ"نتنياهو": لو أردنا إشعال النار بك لفعلنا

قال إن الثقافة الفلسطينية لا تقتصر عليه هو سميح القاسم

الشاعر الفلسطينى
الشاعر الفلسطينى عز الدين المناصرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يحتل الشعراء الفلسطينيون مكانة خاصة لدى جمهور الشعر والأدب مقارنة بأى شاعر عربى آخر؛ خاصة أن أشعارهم تحمل القضية الفلسطينية وتطرح لها أبعادًا أخرى تحيلها لتصبح قضية تمس أى إنسان حول العالم.
تأتينا صور البيئة والفلكلور الفلسطينى حية فى أشعارهم؛ نستمتع بما يكتبونه عن الزيتون وحقول الليمون والخبز وفناجين القهوة وقصص الحب البائسة؛ وأشعار «محمود درويش» ودواوينه لا تزال تزين كافة المكتبات المصرية؛ وصفحات «فيسبوك» تدشن يوميا لتحتفى بها حتى أصبحت فى كثير من الأحيان أشبه بالتمائم التى يحملها البعض، ويعبرون بكلماتها عن أزماتهم النفسية.
وإلى جانب «درويش» هناك الشاعر الفلسطينى الكبير «عز الدين المناصرة»، الذى شارك مؤخرا فى ملتقى الشعر العربى بالقاهرة مؤخرا، وأكد أن الشعر يقع فى منطقة وسط بين ما نقوله وما نشعر به.
نرفض اتهامنا بحرق الأراضى المحتلة.. وأقول لـ«نتنياهو»: لو أردنا إشعال النار بك لفعلنا وإذا اعترفت مصر بك كأديب فهذا شيء عظيم.. كانت تلك كلمات الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة، والذي زينت أعماله الكاملة الصادرة عن المجلس الأعلى للثقافة منفذ البيع التابع له بالأوبرا، والتي شهدت إقبالا على شرائها، للتعرف على هذا الشاعر الذى برز ببصمة خاصة تضفى على القصائد مسحة من رونق وجمال، وتمكن من إنجاز ١١ ديوانًا شعريًا، و٢٥ كتابًا فى النقد الأدبى والتاريخ والفكر طوال مسيرته الطويلة..
المناصرة تحدث مع "البوابة نيوز"، في حوار مطول أكد فيه أن الحرائق التى شهدتها فلسطين مؤخرًا طبيعية وليست مفتعلة مثلما قال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، مضيفًا: «الحرائق طبيعية بسبب سرعة الرياح القادمة من البحر المتوسط وانتشار الغابات والأشجار الكثيفة فى ربوع الأراضى الفلسطينية».
وأشار إلى أن الحرائق وصلت للضفة والقرى فى «رام الله»؛ رافضًا اتهام «نتنياهو» للفلسطينيين بإشعالها، وتابع: «لو أردنا حرق نتنياهو لحرقناه وافتخرنا بذلك.. وإن كانت الحرائق مفتعلة فنتنياهو هو الفاعل».
وعن علاقته بـ«محمود درويش» وتصدر الأخير المشهد دون غيره من الشعراء الفلسطينيين يقول «المناصرة»: «الإعلام المصرى بالتعاون مع السلطات الفلسطينية هم من روجوا لدرويش بهذا الشكل.. أنا منافسه رقم واحد وهناك ثقافة فلسطينية عريقة لا تقتصر على درويش وسميح القاسم».
واضاف: «كلامى ليس معناه التقليل من قدرهم فهم أصدقائى الراحلين؛ لكن الثقافة الفلسطينية باقية، فعندنا فن تشكيلى وسينما وشعر ورواية لكن التركيز على درويش وأصدقائه خطأ تروج له السلطة الفلسطينية»، مؤكدًا أن الثقافة الفلسطينية أكبر وأهم من ذلك.
وتابع: «هناك جيل جديد من السينمائيين الفلسطينيين يتم الاحتفاء بهم عالميًا تختلف أفلامهم عن جيل سينما الثورة، هذا الجيل الذى أنتمى إليه ومعظمهم توفوا»، مؤكدًا أن الجيل الجديد أقوى منهم مثل هانى أبوأسعد وميشيل خليفة ورشيد مشهراوي، واستكمل: «هناك حداثة فى كل الفنون الفلسطينية فهل يجوز لى أن أقول إن صلاح عبدالصبور وأحمد عبدالمعطى حجازى هما المبدعان الوحيدان فى مصر فهذا لا يصح فمصر تمتلئ بالعديد».
وواصل «المناصرة» حديثه: «أنا معروف إلى حد ما فى مصر، لأن لدى أحباء كثيرين فى القاهرة، ودرست فيها خلال فترة الستينيات، وكان أصدقائي هم صلاح فضل وأحمد عبدالمعطى حجازي»، كاشفًا عن حرص الشعراء العرب على الطباعة فى دور النشر المصرية الحكومية بسبب دعمها للكتب وكثرة التوزيع ونشر عدد أكبر من النسخ، حيث يستطيع أى فرد أن يشترى كتابه، مشيرًا إلى أن ثمنه خارج مصر ٤٠ دولارا، بينما يباع فى مصر بعدد قليل من الجنيهات.
وينتقل للحديث عن كتاباته بشأن قصيدة النثر التى أثارت جدلًا كبيرًا ولا تزال، ويقول فى ذلك: «مصطلح قصيدة النثر خطأٌ شائع، لكنه خير من صحيح مهجور.. جمعت ٤٥ اسما لقصيدة النثر، ومع هذا يبقى مصطلح قصيدة النثر هو المقبول من قبل غالبية النقاد.. للحقيقة كدت أتراجع عن مصطلحى (كتابة خنثى) الذى قمت بنحته عام ١٩٩٧ بسبب الهجوم الكاسح عليه رغم أننى قلت إن الورد الجورى خنثى، وكذلك الليلك، فقد استوحيته من الأسطورة اليونانية (هيرمس أفروديت) أى الإنسان الكامل؛ ومع هذا كله تراجعت، والسبب أننى اكتشفت أن الذين يقدسون سوزان برنار لم يقرأوا كتابها، وكانت المفاجأة لى أثناء قراءة المجلد الثانى من كتاب سوزان برنار، إذ ألمح مصطلح الشكل المخنث تصف بيه الكاتبة قصيدة النثر».
وأكمل: «الطفرة الشعرية التى حدثت فى الشعر الفلسطينى جاءت فى فترة الستينيات، حيث قبلها كان هناك رواد الشعر الحر قادوا هذا النوع لكنهم ظلوا مقصورين فى النخبة، بينما فى فترة الستينيات نحن الشعراء أوصلنا الشعر الحداثى للشارع العادي، وخرجنا منه من ذلك النفق؛ حيث أصبح النص الفلسطينى على أيدى شعراء جيل الستينات أمثالى وأمثال درويش مرتبطا بالتلقى من داخل النص نفسه لا من خارجه الذى يتأثر بالميديا والمؤثرات.. نجح هذا الجيل فى فرض التوازن بين الحداثة والمقاومة داخل النص الشعري».
وأضاف: «مصطلح المقاومة أصبح فى الشعر الفلسطينى له أبعاد أخرى؛ فالمقاومة لا تنتهى بالسلاح بل من الممكن أن تكون مقاومة للتخلف؛ فأى شىء يعوق الإنسان هو مقاومة؛ ظهر مئات الشعراء فى جيل الستينيات الفلسطينى، ولكن بقى أربعة أو خمسة شعراء متميزين فقط هم من خرجوا بقصائدهم إلى الناس والشارع الفلسطيني».
وعن العالمية وأعماله المترجمة لأكثر من ٢٠ لغة، يقول: «ترجمات الشعر العربى إلى اللغات الأجنبية فى معظمها تأتى بدعم من سفارة بلد الشاعر، أما الذين ترجموا لى فقد كانوا متطوعين، وبعضهم لم أتعرف إليهم حتى اليوم، والشاعر العالمى يعنى أن يكون عالميًا فى النص أو لا يكون قبل الترجمة».
وحول الضغوط التى تعرض لها الأدباء الفلسطينيون وخوفهم من الاتهام بالتطبيع إذا لم تكن القضية الوطنية فى أولى اهتماماتهم أضاف: «هذه النظرة لا تؤثر فينا على الإطلاق.. نحاول قدر الإمكان مواصلة مسيرتنا نحو العالمية وجزئيا نحن معروفون عالميا، وفى العالم العربى وصلنا كليا وإذا مصر اعترفت بك كأديب فلسطينى فهذا شىء عظيم، النقد حق لأى طرف أن يعجب أو لا يعجب بهذا؛ وربعى المدهون لا يؤيد التطبيع ولكن يعالج قضية التداخل والتدافع والصراع الثقافى بيننا وبين الإسرائيليين فعندما تعالج هذه القضية لا يكون هذا تطبيعا».