السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأزهر والدولة وأزمات حرية الفكر والتعبير

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ربما أصبحت عبارة الفكر لا يواجه إلا بالفكر ملازمة لكل من ينادى بتجديد الخطاب الدينى، وعلى رأسهم الرئيس عبدالفتاح السيسى وفضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ولكن ما يحدث على أرض الواقع غير ذلك تمامًا، ربما أصبحت العبارة فى الواقع سيئة السمعة وقول حق يراد به باطل من قبل الأزهر. فعلى الرغم من أن السلطة بدأت فى إجراءات الإفراج عن المحبوسين من الشباب وبعض سجناء الرأى، إلا أن الأزهر استخدم طريقًا آخر لمواجهة المفكرين الشاذين أو المختلفين عن منهجه أو مبادئ الوسطية السهلة والسمحة التى يأمر بها وهى الحبس وملاحقتهم بالدعاوى القضائية لإيقافهم ومنعهم من الظهور تمامًا، وهذا حدث من قبل مع العديد من أصحاب الفكر من المجتهدين سواء كانوا مثقفين أو أدباء أو إعلاميين أو صحفيين أو نقابيين وأطباء وكان أبرزهم مؤخرًا قضية الباحث الإسلامى والإعلامى إسلام بحيرى الذى خاض شوطًا طويلًا خلال برنامجه المذاع على فضائية «القاهرة والناس» آنذاك، ينتقد فيه بعض كتب الأزهر، ووصف الأئمة الأربعة بأنهم بشر قد يصيبون ويخطئون وأن من حقه الفكر والتوصل إلى صحة كتبهم، كما انتقد بحيرى مذهب الأمام الشافعى - الذى نسير عليه فى مصر - وانتقد عقيدة الأشاعرة التى يتبناها الأزهر الشريف، مما دعا الأزهر إلى إقامة دعواه القضائية بشكل رسمى للمطالبة بوقف بث برنامجه بحجة ازدراء الأديان السماوية والتشكيك فى عقيدة المسلمين، وأنه سيسهم بشكل غير مباشر فى تفكيك مبادئ الدين الذى تربى عليه المصريون، الأمر الذى انتهى بالحكم عليه بالسجن عامًا بتهمة ازدراء الأديان! ربما لا يدرك الأزهر أن هذا المنع قد يضاعف من مشاهدة برنامجه تباعًا من منطلق «الممنوع مرغوب»! كما تم الحكم بحبس الكاتبة المستنيرة فاطمة ناعوت التى نشرت صورة للأضاحى على صفحتها الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» واصفة ما يحدث فى الاحتفالات بالعيد بـ«المذبحة»، فضلًا عن كتابتها منشورًا على «تويتر» تنتقد فيه ذبح الأضاحى وتصف رؤية النبى إبراهيم بالكابوس القدسى، بالتزامن مع الاحتفالات بعيد الأضحى المبارك. الأمر الذى أثار حفيظة الأزهر وتقدم ضدها ببلاغ للنائب العام يتهمها فيه بازدراء الأديان، بالرغم من وجود العديد من الصور التى تسخر من أوضاع دينية وسياسية واقتصادية وثقافية كثيرة لدى وسائل التواصل الاجتماعى، وانتهت المحاكمة بحبسها ثلاث سنوات ودفع غرامة ٢٠ ألف جنيه! ومن قبل قرر الأزهر الشريف التقدم بدعوى قضائية جنحة مباشرة ضد المفكر سيد القمنى، لتعمده الإساءة وتشويه مؤسسة الأزهر بالسب العلنى، بعدما شن القمنى خلال استضافته فى إحدى الفضائيات هجومًا على منهج الأزهر واتهامه بنشر الإرهاب! وكأن الأزهر لا وظيفة له سوى رفع الدعاوى القضائية والحبس بدلا من مواجهة الفكر بالفكر والحجة بالحجة والمنطق بالمنطق وفقًا للعبارة الشهيرة «البينة على من ادعى واليمين على من أنكر» ! وكان الأولى بهم أن يهتموا بقضايا الأزهر وتجديد الخطاب الدينى وتصحيح صورة الإسلام بالخارج والدعوة إلى إسلامنا الجميل بالحكمة والموعظة الحسنة وباستكمال بناء وتجهيز جامع الأزهر بوسط القاهرة منارة الإسلام فى العالم الذى يتوافد عليه المصلون من كافة الجنسيات فى مساحة ربعه فقط على الأكثر بسبب أعمال البناء التى بدأت منذ أكثر من ٣ سنوات ولم تنته بينما يدخل ويخرج المصلون سيدات ورجال من باب واحد فقط صغير بتزاحم شديد، خاصة فى صلاة الجمعة، ومشادات بين الرجال والسيدات على أسبقية المرور داخل المسجد والخروج منه بشكل يتنافى مع الحياء المفترض وبدون نظام ومن مخرج لا تتعدى مساحته مترًا ونصف المتر!! وأرى كل هذا بنفسى، فضلًا عن عدم وجود دور للأزهر فى توحيد الفتوى فى القضايا الحياتية وعدم السعى جديًا إلى التجديد وفقًا لما نادى به الرئيس السيسى من قبل. ما يفعله الأزهر مع منتقديه والمشككين فى منهجه وتتنهى فى أغلب الظروف لصالح الأزهر! وكان ينبغى أن يؤكد الأزهر على احترامه الشديد لحقوق الإنسان الذى كرمه الله فى الفكر والتعبير عن الرأى ومواجهة المخطئ بالفكر لأن معركته فكريًا إما يثبت صحة قوله أو يثبتون هم صحة ما يقولون ولا يلجأ إلى القضاء إلا فى السب الشخصى والتطاول دون أدلة. 
ربما يرى البعض من جانب آخر أن مؤشر الحريات العامة بدأ ينخفض قليلًا عن مستواه المطلوب على الرغم من تأكيد الرئيس السيسى بأنه لم يحبس أى شخص بسبب رأيه، فمجرد برنامج يذاع لمواطن بسيط يعمل فى وظيفة «سائق توك توك» يتم العصف ببرنامج «واحد من الناس» ومقدمه عمرو الليثى الذى تم منعه من السفر دون أى قضايا مرفوعة ضده! كما تم توجيه اتهام إلى د. منى مينا، الأمين العام لنقابة الأطباء، من قبل الحكومة ووزارة الصحة وجامعة القاهرة بسبب تصريحات «السرنجة»، بتكدير الأمن والسلم الاجتماعيين، ونشر الفزع والرعب بين المواطنين! بعد تصريحها بأن أحد الأطباء أخبرها بوجود تعليمات من وزارة الصحة باستخدام الحقن (السرنجات) أكثر من مرة، ولكنها خرجت بكفالة ١٠٠٠ جنيه! ناهيك عن قضية حبس نقيب الصحفيين وعضوى مجلس النقابة على ذمة اتهامهم بإيواء الزميلين المتهمين عمرو بدر ومحمود السقا داخل النقابة! والسعى إلى تركيع الصحفيين للسلطة فى شكل يتنافى مع مواثيق حرية التعبير الدولية. فهل عادت من جديد سلطة الرقيب لتكون سيفا على رقاب المفكرين وأصحاب الرأى بعد أن كانت اختفت تماما حتى فى عصر الفساد والاستبداد..! نريد إجابة تشفى صدورنا ونطمئن إليها، فنحن جميعا نعمل لهدف واحد هو مصر الوطن العزيز الغالى الذى ننتمى حبًا وعشقا إليه..!