الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

يا رئيس الوزراء.. ادرءوا الشبهات قبل القرارات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتعمد الحكومة اصطيادها، تترك نفسها فريسة للجميع، للمواطن وللأجهزة الرقابية ولوسائل الإعلام، لا تتعلم من أخطائها، أدمنت دورها وأصبح من الصعب عليها تغييره.
لم يكن قرار إعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك لمدة عام هو الأول، وبالتأكيد لن يكون الأخير، طالما استمرت الحكومة فى نفس النهج ونفس الأسلوب.
القرار به العديد من الشائبات، مثل التوقيت مثلا، يصدر القرار وبعد ٢٤ ساعة تصل شحنات بكميات ضخمة إلى الموانئ، وكأنها كانت فى عرض البحر انتظارا لصدور القرار! 
ربما هى مصادفة فعلا لكن ما يدعونا للتساؤل هو ما أثير حول وجود أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية كأحد أصحاب شحنات الدواجن المستوردة، وهو بحكم منصبه يمكنه الاطلاع على أمور سرية وخاصة جدًا، وله من الاتصالات والعلاقات ما يؤمن تجارته الخاصة ويزيدها ثراء، فضلا عن أن اسمه ومنصبه عالقان بأزمة السكر التى ضربت البلاد منذ شهرين ولا تزال حتى الآن.
ثم هل مارست شركات الدواجن المحلية ابتزازا للدولة وللمواطن برفع الأسعار زيادة فى الأرباح؛ ولذلك كان قرار إعفاء المستورد؟ ولماذا لم توضح الحكومة ذلك وتعلنه للجميع حرصا على سمعتها وكسب ثقة المواطن؟
وهو ما يذكرنى بواقعة غريبة جدا، حين تم تعيين منير فخرى عبدالنور وزيرا للتجارة والصناعة، وهو على صلة نسب برجل أعمال كبير يعمل فى قطاع السيارات، ثم يقوم الوزير بإعداد قانون لتطوير صناعة السيارات، ظاهره حماية الصناعة الوطنية، وباطنه إغلاق عشرات الشركات المستوردة، وأحد المستفيدين الرئيسيين من القانون نفس رجل الأعمال، وبالتالى لا يمكن أن تلوم أحدا يتساءل حول شفافية الأمر.
وبعد خروج الوزير فى التغيير الوزارى، نفاجأ به عضوا فى مجلس إدارة شركات رجل الأعمال (نسيبه)!
إذن الحكومة دائما ما تعطى الفرصة لاتهامها، لن أتحدث عن وزير التموين السابق خالد حنفى، وأزمة استقالته بعد فضيحة فساد القمح وفندق سميراميس.
لن نأتى بفساد وزير الزراعة السابق أيضا، صحيح أن المثالين الأخيرين يصبان فى صالح محاربة الفساد، لكنهما أيضا يوضحان سوء الاختيار.
ومنعا للقيل والقال، يجب على الشركات المستوردة للدواجن المجمدة، نشر توقيتات دخول الشحنات السابقة وكميتها، هل هذه الشحنات طبيعية وتأتى بصورة دورية وبنفس الكميات؟ أم إنها استثنائية؟ وفى الحالة الأخيرة أعتقد أن قرار تحويل الأمر برمته للنائب العام هو فرض عين على رئيس الوزراء، فمعنى ذلك أن هناك من سرّب المعلومة قبلها بوقت كاف، لتستعد الشركات وتجهز نفسها وترسل طلب الاستيراد ويتم الشحن.
لا أشك مطلقا أن القرار يأتى فى صالح المواطن، لكن من قال: إن الفاسدين والفساد لا يأتون فى صورة مصلحة الوطن والمواطن؟
عندما خرج علينا أحمد المغربى وزير الإسكان فى عهد مبارك بقرار بيع الأراضى بالمزاد العلنى لتحقيق أقصى استفادة للدولة، كان قرارا فى مصلحة الدولة بالفعل، لكن فوجئنا جميعا أن الوزير وأقاربه وأصدقاءه لهم أراض خاصة بجانب أراضى المزادات، وكلما ارتفع سعر الأرض ارتفع سعر الأراضى المجاورة، وبالتالى تحققت ثروات هائلة لأشخاص بعينهم.
وأيضا عندما تعلن عن إنشاء محور روض الفرج نفس أيام المغربى، وتتفاجأ بأن شركته وشركات أقاربه نجحت فى شراء أراض بطول المحور قبلها بشهور، وبالتالى ارتفع سعر الأرض إلى السماء بعد الإعلان عن المحور الجديد، كل ذلك كان فى مصلحة الوطن والمواطن، والفاسدين أيضا.
لو أن هناك جهازا ما يتبع الحكومة، تكون مهمته البحث عن المستفيدين من قرارات الحكومة، ومدى علاقتهم بمتخذى القرار، ومعاقبة أحدهم، سيرتدع كثيرون وكثيرون، لكننا لا نبحث عن ذلك. 
انظر من قام بشراء الدولار بكميات مهولة قبل قرارات هشام رامز فى فبراير الماضى، ابحث عن مستوردى الـ٣٦٥ سلعة ومن منهم أدخل كميات إلى البلد قبل صدور قرارات زيادة الجمارك.
الأمثلة كثيرة، وإثبات جريمة التربح أصبحت فى غاية الصعوبة، لكن أيضًا ليست مستحيلة، هى فقط تنتظر إرادة حقيقية تترجم على أرض الواقع من جميع الأطراف.