الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

أحمد فؤاد نجم.. الثوري المناضل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"شيد قصورك ع المزارع
من كدنا وعمل إيدينا
الخمارات جنب المصانع
والسجن مطرح الجنينة
واطلق كلابك
في الشوارع
واقفل زنازينك
علينا
وقلّ نومنا في المضاجع
أدي احنا
نمنا ما اشتهينا
واتقل علينا بالمواجع
احنا اتوجعنا
واكتفينا
وعرفنا
مين سبب جراحنا
وعرفنا روحنا
والتقينا
عمال وفلاحين
وطلبة
دقت ساعتنا
وابتدينا
نسلك طريق
مالهش راجع
والنصر قريب من عنينا
النصر أقرب
من إدينا"
قصيدة " شيد قصورك" من كلمات المبدع الذي عاش ومات وسط الغلابة والبسطاء من أبناء الشعب المصري، فهو من وقف ضد السُلطة منذ الاحتلال الإنجليزي وحتى وافته المنية، وترك كلماته التي ما إن يبدأ أحد بسرد جزء منها حتى يُكملها الباقون، إنه الشاعر العربي أحمد فؤاد نجم الذي تحل يوم غد السبت 3 ديسمبر الذكرى الثالثة لوفاته.
ولد أحمد فؤاد نجم في الثالث والعشرين من مايو عام 1929، لأب يعمل بالشرطة وأم فلاحة أمية من الشرقية، وكان ضمن سبعة عشر ابنًا لم يبق منهم سوى خمسة، والسادس فقدته الأسرة ولم يره، وكعادة أهل القرى التحق بعد ذلك بكتّاب القرية، ثم توفيَّ والده فانتقل إلى بيت خاله حسين بالزقازيق، حيث التحق بملجأ للأيتام، وهو الذي قابل فيه عبد الحليم حافظ، وتركه في سن السابعة عشرة، وعاد لقريته للعمل بها، ثم انتقل للقاهرة عند شقيقه؛ إلا أنه طرده بعد ذلك ليعود إلى قريته.
عمل نجم في معسكرات الجيش الإنجليزي متنقلًا بين مهن كثيرة، وعندما ذهب إلى فايد التقى بعمال المطابع الشيوعيين، وكان في ذلك الوقت علّم نفسه القراءة والكتابة، واشترك مع الآلاف في المظاهرات التي اجتاحت مصر عام 1946 وتشكلت أثناءها اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال؛ وخرج مع الآف العمال من المعسكرات الإنجليزية بعد أن قاطعوا العمل فيها إثر إلغاء معاهدة 1936، وكان يعمل بائعًا، فعرض عليه قائد المعسكر أن يبقى وإلا فلن يحصل على بضائعه، لكنه رفض؛ وكان أهم ما قرأ في تلك الفترة رواية "الأم" للروسي مكسيم جوركي، وارتبطت بذهنه فيما بعد ببداية وعيه الحقيقي، ولم يكن قد كتب شعرًا حقيقيًا، وإنما كانت أغاني عاطفية، وكان في ذلك الحين يُحب ابنة عمته، لكن الوضع الطبقي حال دون إتمام الزواج لأنهم أغنياء.
وحتى اندلعت حرب السويس عمل نجم في السكك الحديدية، وبعد المعركة قررت الحكومة المصرية أن تستولي على القاعدة البريطانية الموجودة في منطقة القنال وعلى كل ممتلكات الجيش هناك، وكانت ورش وابور الزقازيق تقوم في ذلك الحين بالدور الأساسي لأن جميع وابورات الإسماعيلية والسويس وبور سعيد تم ضربها في العدوان.
وشهدت تلك الفترة أكبر عملية نهب وخطف حيث أخذ كبار الضباط والمديرون ينقلون المعدات وقطع الغيار إلى بيوتهم، وقال نجم عن تلك الفترة: "فقدت أعصابي وسجلت احتجاجي أكثر من مرة.. وفي النهاية نُقلت إلى وزارة الشئون الاجتماعية بعد أن تعلمت درسا كبيرا، أن القضية الوطنية لا تنفصل عن القضية الاجتماعية، كنت مقهورًا وأرى القهر من حولي أشكالًا ونماذج.. كان هؤلاء الكبار منهمكين في نهب الورش، بينما يموت الفقراء كل يوم دفاعًا عن مصر"، وعندما اعترضهم كاشفًا ما يجري تم اتهامه بجريمة تزوير لاستمارات شراء، مما أدى إلى الحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، قضاها بسجن قره ميدان.
بعد خروجه من السجن عُين نجم موظفا بمنظمة تضامن الشعوب الآسيوية الأفريقية، وأصبح أحد شعراء الإذاعة المصرية، وأقام في غرفة على سطح أحد البيوت في حي بولاق الدكرور بعد ذلك تعرف على الشيخ إمام في حوش آدم، وسرعان ما جمعتهما الصداقة، ليُقرر نجم أن يسكن معه ويرتبط به حتى أصبحا ثنائيا معروفا وأصبحت الحارة ملتقى المثقفين.
توفي أحمد فؤاد نجم في يوم الثلاثاء، 3 ديسمبر 2013 عن عمر يناهز أربعة وثمانين عاما بعد عودته مباشرة من العاصمة الأردنية عمّان، التي أحيا فيها آخر أمسياته الشعرية برفقة فرقة "الحنونة" بمناسبة ذكرى اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.