رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لا للتمويل الأجنبي.. نعم للعمل الأهلي التطوعي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نقولها بأعلى أصواتنا.. ردًا على الضجة التى أثارها متلقو التمويل الأجنبى، الذين يطلقون على أنفسهم «منظمات المجتمع المدنى»، وفى أحيان أخرى نشطاء، مقابل التقارير المسمومة التى يقومون بإعدادها عن جميع مناحى الحياة فى بلدنا الغالي مصر وشعبنا العظيم، وتكون فى أغلب الأحيان أخبارًا كاذبة، وذلك بمناسبة مناقشة قانون الجمعيات الأهلية، التى جرت بمجلس النواب للمشروع الذى تقدم به النائب عبدالهادى القصبى، رئيس لجنة التضامن الاجتماعى، عضو ائتلاف دعم مصر، بعد حصوله على موافقة ٢٠٣ نواب، والذى تمت الموافقة عليه وإرساله لمجلس الدولة لمراجعته، بدلًا من المشروعين الآخرين المقدمين من وزارة التضامن الاجتماعى، والاتحاد العام للجمعيات، فى سابقة هى الأولى من نوعها لدى مجلس النواب، استعمالًا للرخصة المخولة له دستوريًا عملًا بنص المادة ١٠١ من الدستور التى تنص على «يتولى مجلس النواب سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وذلك كله على النحو المبين فى الدستور».
فى حين اعتبره المعارضون له بمثابة رفع الحرج عن الحكومة حتى لا يتم انتقادها دوليًا، وانتقدوه بشدة، وهذا القانون يتضمن ٨٩ مادة موزعة على ٩ أبواب تشمل تعريفًا للجمعيات الأهلية وتأسيسها وأغراضها وحقوقها والتزاماتها ومجالس الإدارات، وعقوبات المخالفين لنشاط الجمعية، وطرق عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية، وصندوق دعم الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وتضمنت مواد الإصدار أحكام تنظيم كيفية الانتقال السليم من تطبيق القانون القائم للجمعيات إلى تطبيق القانون الجديد، وراعت مواد الدستور، حيث نصت على إشهار الجمعية وحصولها على الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار، ولا يتم حل الجمعية أو عزل رئيس مجلس إدارتها إلا عن طريق حكم قضائى وليس بقرار إدارى.
كما استحدث المشروع بابًا جديدًا للتعامل مع التمويل الأجنبى بين المنظمات غير الحكومية الأجنبية، وذلك بالنص على إنشاء جهاز يكون تابعًا لمجلس الوزراء، ويتم تشكيله بقرار جمهورى لمدة ٣ سنوات، وهذا الجهاز منوط به اختصاصات إعطاء الترخيص للمنظمات الأجنبية غير الحكومية لممارسة نشاطها فى مصر.
كما يسمح للجمعيات والمؤسسات الأهلية المصرية بالحصول على تمويل من المنظمات الأجنبية، ويراقب ويتابع هذا الجهاز عملية صرف هذه الأموال والأنشطة المختلفة، ولهذا الجهاز أمانة فنية تتابع الأعمال والقرارات، وأفرد عقوبات للمخالفات التى ترتكب من قبل الجمعيات والقائمين عليها، حيث قرر غرامات مالية للمخالفات المالية والإدارية، والحبس من سنة إلى خمس سنوات لإنشاء ميليشيات عسكرية وممارسة أنشطة محظورة تهدد الأمن العام أو الوحدة الوطنية أو تلقى أموال أجنبية أو إرسال أموال للخارج بدون موافقات الجهاز القومى الخاص، وتمت إضافة مواد جديدة لتلافى القصور فى القوانين السابقة مثل حظر قيام الجمعية بإعطاء شهادات علمية أو مهنية، ولا تجرى أبحاثًا أو دراسات ميدانية إلا بعد موافقة الجهاز المختص، ولا تمارس عملًا فنيًا أو عملًا داخلًا فى اختصاصات الوزارات إلا بعد موافقة الوزارة أو الجهة المختصة، إلا أن الانتقاد الذى يوجه لهذا القانون هو رفع رسوم تسجيل الجمعية من ١٠٠ جنيه إلى ١٠ آلاف جنيه، الأمر الذى يؤدى إلى قصر إشهار الجمعيات على القادرين ماليًا وزيادة رسوم وخدمات المياه والكهرباء والغاز، الأمر الذى يزيد من الأعباء المالية على إدارات الجمعيات، رغم أنها لا تهدف إلى الربح.
وهذا المشروع تقدم به صاحبه فى سبتمبر الماضى قبل انتهاء دور الانعقاد الأول للمجلس، وناقشته لجنة التضامن قبل أسبوعين من عرضه فى ٧ اجتماعات مع ممثلى الاتحادات الإقليمية والنوعية، وشارك أكثر من ١٠٠ من ممثلى الجمعيات فى مسودته.
كما أنه حدد مدة ٦ أشهر لقيام الجمعيات بتوفيق أوضاعها، ويلزم الحكومة بعمل حصر للكيانات التى لم توفق أوضاعها من خلال لجنة أو أكثر بها ممثل المحافظة التى تقع بها مقر الجمعية، وإتمام الحل عقب صدور الحكم القضائى بالحل لعدم توفيق الأوضاع، كما تضمنت المادة ١٥ منه على أن رؤساء وأعضاء مجالس إدارات الجمعيات وغيرها من الكيانات يخضعون لقانون الكسب غير المشروع، وهذه المواد أزعجت متلقى الأموال الأجنبية بالرغم من خلو مشروع القانون من أى مادة تقضى بمصادرة الأموال الكبيرة التى تلقتها هذه العناصر قبل إصدار هذا القانون.
وظهر الاستقواء بالخارج الأمر الذى قوبل برد قوى وحاسم من الحكومة ومجلس النواب، ويظهر بجلاء من خلال مذكرة وزارة التضامن الاجتماعى ضد عضو مجلس النواب محمد أنور السادات، لرئيس المجلس، وإحالته للجنة القيم، ونسب إليه أنه قام بتسريب نسخة من مشروع القانون لسفير هولندا، وأنه قام بتزوير توقيعات بعض النواب، وقامت هيئة مكتب مجلس النواب بإجراء التحقيقات التى استمرت قرابة ساعتين ونصف الساعة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تم القبض على أحد مساعديه، وتمت إحالته لنيابة أمن الدولة التى أجرت معه تحقيقًا وأمرت بحبسه احتياطيًا بتهمة سب وقذف رئيس مجلس النواب، وقيامه بإعادة نشر حكم بطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وأن جزيرتى تيران وصنافير مصريتان، واحتدم النقاش والحوار ما بين رئيس مجلس النواب والمعارضين لهذا القانون وصل لحد القول بأن المهاجمين لمشروع هذا القانون غالبيتهم مطلوبون على ذمة القضية الشهيرة ٢٥٠ أمن دولة عليا، وأفادت التقارير بأن القضية رقم ١٧٣ لسنة ٢٠١١ أوشكت التحقيقات فيها على الانتهاء والتصرف فيها، خاصة الشق الثانى منها بعد سماع أقوال غالبية المتهمين على ذمتها، والتى يتوقع المراقبون بأنها ستكون بمثابة قنبلة قوية ستنفجر فى وجه متلقى التمويلات الأجنبية، وستكشفهم أمام الرأى العام، ويكفى فقط أن هذه الكيانات أبلغت نظام المخلوع أنها تلقت فقط حوالى ٥٠ مليون دولار، إلا أنه حين تمت مداهمة مقار المنظمات الأجنبية تم العثور على مستندات تفيد بأن هذه الجمعيات تلقت أكثر من ١٧٠ مليون دولار دون علم السلطات المصرية، وهذه الأموال أفسدت النخبة المصرية كما دمرت العديد من الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية، وكاد الوطن نفسه أن يدمر لولا يقظة قواتنا المسلحة وشعبنا المصرى العظيم، وإلا كان مصيرنا هو ذات مصير الدول العربية التى تعرضت للتقسيم والتفتيت وويلات الحروب الأهلية، وعلينا ألا نخشى الأصوات العالية لهذه الفئة القليلة، لأنها لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من حجم جمعيات العمل الأهلى فى مصر البالغ عددها ٤٦ ألف جمعية، ونأمل مراعاة الملاحظات التى أبداها المخلصون للعمل الأهلى فى مصر، عقب عودة هذا القانون لمجلس النواب، وتخفيض رسوم إشهار الجمعيات والنفقات المالية الباهظة على هذه الجمعيات، لأن هذه المواد تصب فى مصلحة القلة التى تصرخ، لأنها تتمتع بقدرات وإمكانيات مالية هائلة تحصلت عليها فى الفترة السابقة من الجهات الأجنبية، فعلينا تشجيع العمل الأهلى التطوعى والشعب المصرى سباق فى هذا المضمار، ونأمل من رجال الأعمال بدلًا من صرف أموالهم على الهلس أن يوجهوها للعمل الأهلى التطوعى لصالح الشعب ورد الجميل له أسوة بالدول المتقدمة.. والله ولى التوفيق.