الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصر بين حرائق تل أبيب وقطاع غزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جاءت تصريحات المتحدث الرسمى باسم الخارجية المصرية، المستشار أحمد أبوزيد، بشأن توجه طائرتين مصريتين للمشاركة فى إطفاء حرائق إسرائيل غير حاسمة لمدى دقة الخبر الذى تداولته الصحف الإسرائيلية، مقرونًا بشكر رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، للمساعدة المصرية. 
غير أن جنرالات التحليل السياسى وعناصر اللجان الإلكترونية لجماعة الإخوان الإرهابية استثمروا الخبر إما من باب التنطع والتفذلك، وإما لتشويه النظام المصرى واتهامه بدعم الدولة العبرية، وكأن الحرائق اندلعت بسبب زحف الجيش الإسلامى لتحرير بيت المقدس.
الجميع تغافل عمدًا بقصد تشويه النظام فى مصر عن أن عرب ٤٨ كانوا هم أيضًا ضحايا لتلك الحرائق، علاوة على النساء والأطفال والشيوخ والمدنيين الذين ينتمون للجنس البشرى بغض النظر عن الصراع العربى الإسرائيلى. 
ولطالما كانت الاعتبارات الإنسانية، بعيدًا عن الجنس والدين والعرق والخلافات السياسية، ركيزة أساسية من ركائز السياسة المصرية فى علاقاتها مع جميع دول العالم. 
إلى ذلك تجاهل المتحذلقون التحرك السياسى للدولة تجاه القضية الفلسطينية على نحو مختلف، يتضمن رؤية جديدة لتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية مع الجانب الفلسطينى فى كل من قطاع غزة ورام الله، والتى تبلورت بتوجيه دعوة لجميع الفصائل والقوى الفلسطينية لإطلاق حوار وطنى جديد تحتضنه القاهرة تحت عنوان «الوطن والوحدة»، بحسب ما صرح به أشرف جمعة، عضو المجلس التشريعى الفلسطينى، للصحف الفلسطينية مطلع هذا الأسبوع. 
لقد نجحت دولة الثلاثين من يونيو فى التوصل إلى تفاهمات استراتيجية مع تل أبيب لإجراء تعديلات جوهرية فى اتفاقية «كامب ديفيد» على أرض الواقع بشأن تواجد القوات المسلحة المصرية بطول وعرض شبه جزيرة سيناء بكامل عتادها العسكرى، بما فى ذلك سماء أرض الفيروز التى تسيطر عليها القوات الجوية المصرية.
وهى التفاهمات التى ساعدت مصر على محاصرة فلول الإرهاب داخل الكهوف والجبال الوعرة بوسط سيناء وغلق أنفاق التهريب التى طالما عانت منها مصر والممتدة بين قطاع غزة ورفح المصرية. 
الرئيس عبدالفتاح السيسى كان قد أطلق مبادرة وُصفت بالشجاعة من قلب صعيد مصر، أعلن فيها مد يد السلام إلى إسرائيل فى مقابل اتفاق عادل يعترف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ويضمن حق عودة اللاجئين. 
وخص السيسى دعوته لدعاة السلام فى إسرائيل وكررها أثناء كلمته بالأمم المتحدة. 
السياسة المصرية وفقًا للتحركات المعلنة والتفاهمات التى تتم خلف الأبواب، تبدو ثابتة تجاه القضية الفلسطينية بتمسكها بإقامة دولة متكاملة الأركان والمؤسسات ومترابطة جغرافيًا. 
وقد انطلقت المبادرة المصرية الجديدة للم الشمل الفلسطينى، بحسب مسئولين بالسلطة الفلسطينية وقيادات سياسية فى قطاع غزة، من رؤية جديدة تجاه القطاع تتجاوز آفاق السياسة والتنسيق الأمنى لتصل إلى مستوى تطوير العلاقات الاقتصادية بشكل قانونى لتخفيف معاناة الفلسطينيين داخل القطاع المُحاصر، وبعيدًا عن اقتصاد الأنفاق الأسود الذى تاجر بآلام المحرومين فى غزة وقدم يد المعونة للإرهاب وتجار السلاح والمخدرات ليتسللوا عبر ذات الأنفاق إلى أرض الفيروز. 
يصل إلى القاهرة خلال أيام - حسب الصحف الفلسطينية - وفد يضم رجال أعمال وشخصيات دينية فلسطينية، بالإضافة إلى القيادات السياسية للفصائل المتواجدة فى قطاع غزة، وتأتى زيارة الوفد بعد تقديم مصر رؤية متكاملة للحوار الفلسطينى - الفلسطينى، وملامح جديدة للأجندة المصرية تجاه القطاع. وقد نقلت تلك الرؤية قيادات حركة الجهاد إلى الساسة فى رام الله وغزة ليعدوا من جانبهم تصورًا ملائمًا للحوار الذى سيجمعهم فى القاهرة مجددًا. 
الرؤية المصرية بين حرائق تل أبيب وحرائق الوضع المعقد فى قطاع غزة ورغم الممارسات العدائية من قبل حركة حماس، مُتسقة ولا تحمل فى طياتها تناقضًا ولا تزال محافظة على ركائزها الأساسية المبنية على ثوابت الأمن القومى المصرى والعربى وحل القضية الفلسطينية حلًا عادلًا، وربما يكون المتغير الوحيد ما ذُكر بشأن رؤيتها لتطوير العلاقات الاقتصادية مع الجانب الفلسطينى فى إطار الشرعية القانونية الدولية، وهى الرؤية التى تتفق مع السياق العام لسياسة الدولة المصرية فى محاربة عصابات التهريب ومكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه.