السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"ميزو".. خلاصة مرحلة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يصدمنى محمد عبدالله نصر الشهير بـ«ميزو» عندما قال: «أنا المهدى المُنتظر.. وأطالب شعوب الأرض بمبايعتى»، فربما فات عليه أن يدعى النبوة ويقول أنا نبى هذا الزمان، وأحمل لكم دينًا جديدًا، كما لم أتوقف كثيرًا عند كل هذا الجدل والهرى الذى ـ والله أعلم ـ يبدو وكأنه يأتى ضمن خطة محبوكة لإلهاء هذا الشعب عن قضايا كثيرة مهمة وإدخاله فى مستنقع الخلاف على أرضية دينية يصعب معها الوصول إلى الحق المبين وتنتشر فيها أحكام التكفير واحتكار الدين على فئة بعينها.
لم يكن «ميزو» أول من أطل علينا بكلام غريب عن ثقافة هذا المجتمع، ولا أول من دخل حلبة الإفتاء بغير علم، ولا أول من ظهر بكثافة على شاشات الفضائيات فى مرحلة الانفلات الإعلامى ولن يكون الأخير، ولا أول من كسّر قواعد الحوار فى البرامج بالردح والشتيمة، ولا أول من خلع الحذاء ولوح به للمشاهدين وهو يعلق على رأى متصل بالبرنامج، أو يرد على ضيف معه فى الحلقة، ولا أول من ادعى البطولة على الشاشات، وقال أنا لا أخاف أحدًا، ولا أول من تطاول على علماء وأساتذة وخبراء متخصصين فيما يقولون، ولا أول من استرزق من الظهور المتكرر ومنطق خالف تعرف، ولا أول من كانوا فى مقدمة أجندات ضيوف البرامج بسبب غرابة ما يقولون، ولا أول من قذفوا فى قلوب المذيعين وخصومهم من الضيوف الرعب وهم يتحاورون بصوت عالٍ، ولا أول من كانت تسعى إليه برامج الليل وآخره لتحقيق نسب مشاهدة عالية، ونسب أعلى على اليوتيوب بعناوين حراقة ومسفة، ولا أول.. ولا أول.. حتى نصل لنهاية قوائم الإسفاف والخروج عن المهنية وتغييب العقل!
«ميزو» خلاصة مرحلة مرت فيها مصر انقلبت فيها المعايير رأسًا على عقب، لبس فيها الباطل ثوب الحق، وألبس الكثيرون فيها الحق ثوب الباطل.. ركب فيها أنصاف المثقفين الموج المتقلب، وجلسوا على منصات الحكمة، وارتدوا فيها أثواب قادة الرأى بالصوت العالى، واعتمدوا شعار لا صوت يعلو فوق صوت الثورة، ولا شباب غير شباب الثورة، ولا حُكم إلا للثورة.. مرحلة عاش فيها الكثيرون حالة الزعيم.. والزعيم لا يخاف، ولا يبطن رأيه بمعسول الكلام.. الزعيم يقول وعلى الجميع السمع والطاعة! مرحلة «ميزو» بدأت بخطيب الميدان ـ وكم من جرائم وقعت باسم الميدان ـ وتطورت ليصبح خطيب الثورة، وكان ذلك يكفى لأن تنكفئ الفضائيات على وجهها ويصبح «ميزو» سوبر ستار البرامج، وكان مذيع البرنامج لا يجرؤ على مناقشته، ولا يستطيع أن يواجهه بضيف مثقف وعالم.. الهدف كان الإثارة بالغريب والعجيب من القول.
هل نلوم «ميزو» إذا ادعى النبوة؟! هل نعيد إنتاج مرحلة ميزو من جديد فيعود للأضواء وتشتعل البرامج بالتطاول وقلة الأدب فى حضرة المشاهدين؟ هل نسينا ما كان أم ندعى النسيان ونحن فى مرحلة دقيقة من عمر مصر؟ هل وراء ما يحدث هدف لا نراه ولا ندركه؟
ما قاله «ميزو» ليس غريبًا، لأن مقدمات ومعطيات المرحلة الضبابية التى مرت فيها مصر تؤدى إلى هذه النتائج وأكثر، ولعلنا لا ننسى، ولا يجب أن ننسى نماذج صنعها الإعلام على عينه، وقدمها للمجتمع باعتبارها قادة رأى وثورة كانت تخرج علينا تفخر بجرائمها وتعتز بأفعالها المخالفة للقانون، وتهين وتسب كل رموز المجتمع ومؤسساته، وتهتف بسقوط الجيش، وتتباهى بالقتل والحرق والتدمير والتخريب، وتعترف بقتل ضباط وجنود الشرطة.. تقول ذلك على الشاشات وهى تضحك بينما الشعب يبكى على الوطن، لعلنا لا ننسى دومة وماهر وعادل وعلاء وإسراء وأسماء وسوكا والنجار وحمزاوى وغيرهم، فالقائمة طويلة.. هؤلاء هم نجوم مرحلة «ميزو» وتلك خلاصة المرحلة.. فلماذا العجب؟!.