الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

إيليا أبو ماضي.. تذكار الماضي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قصائده الوطنية والسياسية كانت وجهته، عندما جاء إلى مصر في أوائل القرن العشرين، فبعد أن اشتد به الفقر بلبنان سلك طريقة لمصر ليصبح من أهم شعراء المهجر، "لست أدري" أحد قصائده الفلسفية التي ما تزال محل إثارة وإعجاب لما حملته من أسلوب فلسفي خاص بالشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي الذي تحل ذكرى وفاته اليوم 23 نوفمبر وعلى مدى مشواره الإبداعي في مجال الشعر تميزت أشعاره بالعمق الشديد الذي ظهر جليًا في قصيدته "الطلاسم" التي احتشدت بالكثير من الرموز التي عبرت عن الكون والخليقة، وهو يطرح من خلالها الكثير من الأسئلة التي كانت تدور في ذهنه والتي كانت تعبر عن تحليقه الدائم للبحث عن إجابات وكأن رحلته كانت تتلخص في جملتين "لست أدرى".
رحلة إيليا أبو ماضي بدأت من مصر عندما سافر إليها مع عمه الذي كان يتاجر بالتبغ، ولكن تشاء الأقدار ليلتقي بالأديب والكاتب الصحفي أنطون جميل، ليقتحم الشاعر عالم الصحافة التي نشرت في مجلة "الزهور"، وكذلك جميع بواكير شعره التي جمعها في ديوان بعنوان " تذكار الماضي" عن المطبعة المصرية عام 1911 وكان يبلغ عمره حينها 22 عاما. 
وعلى مدى مسيرته مع الشعر لم يسلم الشاعر من المناوشات السياسية ذات الطابع الوطني، مما جعله في مواجهة المطاردات بينه وبين السلطة خلال حياته، فاضطر للهجرة إلى الولايات المتحدة عام 1912 حيث استقر أولا في سينسيناتي بولاية أوهايو وأقام فيها مدة أربع سنوات عمل فيها بالتجارة مع أخيه البكر مراد، ثم رحل إلى نيويورك وفي بروكلين، شارك في تأسيس الرابطة القلمية في الولايات المتحدة الأمريكية مع جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة. 
أصدر الشاعر مجلة "السمير" عام 1929م، التي تعد مصدرًا أوليًا لأدب إيليا أبي ماضي، كما تعد مصدرًا أساسيًا من مصادر الأدب المهجري، حيث نشر فيها معظم أدباء المهجر الشمالي كثيرًا من إنتاجهم الأدبي شعرًا ونثرا لتستمر في الصدور حتى وفاته.
يعتبر إيليا من الشعراء المهجرين الذين تفرغوا للأدب والصحافة، ومن يقرأ قصائده الشعرية سيجد غلبة الجانب الإنساني على سائر أشعاره نظرا للطبيعة التي كانت تحيطه من كل جانب في قريته " المحيدثة" والتي كانت تزخر بكل أشكال الجمال الأخضر والجداول المغردة للجمال، فتعلم حب الطبيعة وتعلق بمناجاتها رغم نشأته في ظل ظروف فقيرة وقاسية جعلت منه رسولا للفقراء، وهو ما جعله ينحاز إلى الكتابة عن المساواة الاجتماعية كما تميز شعره بالجنوح باتجاه الغربة نظرا للتشرد الذي عانى منه الشاعر الذي اغترب عن وطنه.
أما الوطن، فلم يغب، فكان لبنان محور يوميات ايليا أبو ماضي، اثنان أعيا الدهر أن يبليهما، لبنان والأمل الذي لذويه" وأجاد مع الحرب العالمية في ترجمة الحنين إلى العائلة والأرض شعرًا: "يا جارتي كان لي أهلٌ وإخوان، فبتت الحرب ما بيني وبينهم، كما تقطع أمراس وخيطان، فاليوم كل الذي فيه مهجتي ألم، وكل ما حولهم بؤس وأحزان، وكان لي أمل إذا كان لي وطن.