الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"البوابة نيوز" ترصد حكايات أشهر أدباء السجون في العالم

البوابة نيوز ترصد
"البوابة نيوز" ترصد حكايات أشهر أدباء السجون فى العالم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"شكري" أديب مغربي حطم رمزية السلطة.. و"لوركا" الإسباني شاعر الحرية.. والأدباء المسيحيون فروا من "الخميني" في إيران.. ومعتقل سميح القاسم ورفاقه بالأرض المحتلة تحول لنادي أدب.
تعالت في الفترة الأخيرة الأصوات المطالبة بالإفراج عن الكتاب المحبوسين وإلغاء كافة القوانين التي تتعلق بتقويض حرية الفكر والإبداع وتجلت تلك النداءات بعد حبس كل من الأديبين أحمد ناجي وفاطمة ناعوت لتعود مرة أخرى بعد تشكيل لجنة العفو الرئاسي التي أفرجت عن إسلام البحيري؛ فدفعت البعض للمطالبة بإدراج اسمي ناجي وناعوت ضمن الدفعات التالية من قائمة المفرج عنهم والمتوقع إعلانها في الأيام المقبلة؛ ولارتباط الأدباء بالسجن باع طويل منذ مهد تاريخ الأدب في كافة بقاع الأرض، ما دفع الأديب السوري ممدوح عدوان لوضع تعريف خاص بأدب السجون، قال فيه إنه نوع من الأدب الذي استطاع أن يكتبه أولئك الذين عانوا السجن والتعذيب، خلال فترة سجنهم وتعذيبهم أو بعدها، أو كتابه الذين رصدوا تجارب سجناء عرفوهم أو سمعوا عنهم؛ وترصد "البوابة نيوز" مسيرة أبرز كتاب العالم الذين حملوا على عاتقهم هذا النوع من الأدب بعد أن نالت المعتقلات من سنين عمرهم.
محمد شكري الأديب المغربي المتشرد المحطم لرمزية السلطة
قضى الأديب المغربي محمد شكري المولود عام 1935 في إقليم الناظور شمال المغرب جزءا كبيرا من حياته متسكعا في حواري وأزقة طنجة تلك المدينة المغربية الساحلية دفعه ذلك التشرد للمكوث سنوات طويلة في السجن وتأتي روايته الخبز الحافي خير شاهد على سيرته الذاتية فتعد من أشهر النِّتاج الأدبي له كتبها بالفرنسية وترجمت إلى ثمانية وثلاثون لغة أجنبية.
تحكي الرواية مأساة إنسان أبت ظروفه إلا أن يبقى في ظلمات الأمية حتى العشرين من عمره فكانت حداثته انجرافًا في عالم البؤس حيث العنف وحده قوت المبعدين اليومي، في بيئة مسحوقة خاضعة تحت وطأة الاستعمار وما ينتج عنه من انتشار الفقر والجوع والجهل والأوبئة، الأكل من المزابل وطقوس الشعوذة مثل حادثة شرب الدم بقصد التداوي، حيث كانت أم بطل الرواية تلجأ إلى "الشوافات" وتشعل الشموع على أضرحة الأولياء بقصد التقرب إلى الله لكي يخرج زوجها، واضطرت امه إلى بيع الخضار والفواكه في اسواق المدينة بينما كان شكري يقتات من مزابل الأوروبيين النصارى الغنية لا مزابل المغاربة المسلمين التي كانت فقيرة حسب قوله. تعايش الصبي من خلالها بأفراد وجماعات منحرفة أخلاقيا؛ ترعرع بطل الرواية وسط أسرة كان دور الأب فيها ظالما وقاسيا، يتعاطى السعوط ويسب الإله. العنف الذي نشأ فيه الابن، يفضي إلى تدميره روحيا وقيميًا وأخلاقيا، ويجعله رافضا سلبيا لنظام الأسرة التقليدي، الذي يتموضع الأب في قمته. ويسعى الكاتب بذلك إلى تدمير مكانة الأب الرمزية، وتحطيم سلطته التي تعد سبب شقائه، فكان يشعر بعدم الرضاء من ضحكات أمه مع أبيه؛ هرب من الريف إلى طنجة حيث يوجد الأجانب والدعارة والحشيش في هذه المناخات، وعاش الراوي في العالم السفلي، يطارد الراوي النساء طوال حياته بدءا من البهيمية مرورا بكل من آسية وفاطمة وسلافة والباغيات، مقيما حياته على هذا النمط إلى درجة أنه يصير يمتهن البغاء، جاء شكري إلى المدينة قهرا وليس اختيارا، بينما كان أباه هاربا من جيش فرانكو وقبض عليه وسجن سنتين امضاهما بين طنجة واصيلة؛ وفي ميناء طنجة باع شكري السجائر والحشيش للأجانب وكان يقود الجنود الأمريكيين إلى المواخير الأوروبية.


لوركا.. شاعر الحرية
فيديريكو غارثيا لوركا شاعر إسباني وكاتب مسرحي ولد في غرناطة عام 1898. يعده البعض أحد أهم أدباء القرن العشرين كما تعتبر مسرحيتيه عرس الدم وبيت برناردا ألبا من أشهر أعماله المسرحية فيما كانت قصيدة شاعر في نيويورك من أشهر أعماله الشعرية. أُعدم من قبل الثوار القوميين وهو في الثامنة والثلاثين من عمره في بدايات الحرب الأهلية الإسبانية وبهذا أعتبر شاعر الحرية فلإعدامه قصة كبيرة فقد وصل إلى غرناطة في 14 يوليو 1936، أي قبل أيام قليلة من البداية الرسمية لانقلاب الجنرال فرانكو. ذهب عند أهله في ضيعة سان فيثنتي، لكن النبأ سرعان ما انتشر بين الناس بواسطة الصحافة المحلية ليحيط الجميع علما بأنه عاد إلى مسقط رأسه.
بعد سقوط حامية إشبيلية، سقطت في 20 يوليو حامية غرناطة بدورها في يد الإنقلابيين، ولم يلبث أن ألقي القبض على زوج شقيقته الصغرى وعمدة غرناطة بالوكالة. أقيمت بعض المتاريس العبثية في الأحياء العليا للمدينة، لكن ذلك كان دون طائل؛ إذ لم تلبث أن سقطت المدينة نهائيا يوم 23 يوليو؛ فقام لوركا يوم 18 يوليو رغم الخوف الذي كان يشعر به بزيارة صهره في السجن وبعد ورود بلاغ مجهول ضده، تم في 16 أغسطس القبض عليه في منزل أحد أصدقائه، وهو الشاعر لويس روزاليس، الذي حصل على وعد من السلطات الوطنية توعدت فيها بإطلاق صراح لوركا "إذا لم تكن هناك أي شكوى ضده". تم إعطاء أمر تنفيذ الإعدام من قبل الحاكم المدني لغرناطة، خوسيه فالديز غوزمان، الذي كان قد أمر سابقا النائب رامون رويز ألونسو اعتقال الشاعر. وأُعدم لوركا رميًا بالرصاص بتهمة كونه جمهوريا ومثلي الجنس، في الأيام الأولى من الحرب الأهلية الإسبانية، وقد جرى إعدامه كما يظن في الطريق بين فيثنار وألفاكار، على التلال القريبة من غرناطة ولكن جسده كما تنبأ في إحدى قصائده، لم يعثر علي حيث كتب: "وعرفت أنني قتلت؛ وبحثوا عن جثتي في المقاهي والمدافن والكنائس؛ فتحوا البراميل والخزائن؛ سرقوا ثلاث جثثٍ؛ ونزعوا أسنانها الذهبية؛ ولكنهم لم يجدوني قط".


أحمد فؤاد نجم
يُعتبر الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم أكثر شاعر ألقت به السُلطة المصرية في عهودها المُختلفة في غياهب السجون، حيث بلغت فترات سجنه ما يُقارب الثمانية عشر عامًا، وكتب أول دواوينه داخل السجن كانت بداية نجم مع السجون في أوائل الخمسينيات عقب إلغاء المعاهدة المصرية الإنجليزية –معاهدة 1936- حينما دعت الحركات الوطنية المصريين العاملين بالمعسكرات الإنجليزية إلى تركها، وكان نجم من أوائل من لبّوا الدعوة، وعينته حكومة الوفد كعامل بورش النقل الميكانيكي، ولكن في تلك الفترة قام بعض المسئولين بسرقة المعدات من الورشة، وعندما اعترضهم كاشفًا ما يجري تم اتهامه بجريمة تزوير لاستمارات شراء، ما أدى إلى الحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، قضاها بسجن قره ميدان؛ وفى عام 1959 الذي شهد أولى حلقات الصدام مع السُلطة، كان نجم شاهدًا على الصدام بين السُلطة الاشتراكية، والمُمثلة في نظام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وبين قوى اليسار في مصر، وهو الموقف الذي حكى عنه نجم "وفى يوم لا يغيب عن ذاكرتي أخذوني مع أربعة آخرين من العمال المتهمين بالتحريض والمشاغبة إلى قسم البوليس، وهناك ضربنا بقسوة حتى مات أحد العمال، وبعد أن أعادونا إلى المصنع طلبوا إلينا أن نوّقع إقرارًا يقول إن العامل الذي مات كان مشاغبًا، وأنه قتل في مشاجرة مع أحد زملائه".

وربما كان السجن فاتحة خير على نجم، حيث التقى هُناك الكاتب والروائي عبدالحكيم قاسم، الذي كان عضدًا له، كما أن أحد ضباط السجن كان من هواة الأدب، فشجّعه على الكتابة ونسخ له قصائده على الآلة الكاتبة وأرسلها إلى وزارة الثقافة، والتي كانت تقيم آنذاك مسابقة شعرية، وفاز بها ديوانه الذي يحمل اسم "صور من الحياة في السجن" بالجائزة الأولى، وكانت مقدمة الديوان بقلم الراحلة سهير القلماوي فأصبح العامل المفصول وهو في السجن شاعرًا مشهورًا بعد أن نشرت وزارة الثقافة الديوان عام 1962.
أطول مدة قضاها نجم في السجن ثلاث سنوات كانت أيضًا في عهد الرئيس جمال عبدالناصر، الذي أصدر أوامره بسجن نجم والشيخ إمام بعد انتشار أغنيتهما "الحمد الله"، التي هاجم فيها النظام الحاكم عقب نكسة 1967، وصدر الحكم عليه بالسجن المؤبد، ولكنهما خرجا من السجن عقب وفاة عبدالناصر.
وفي عام 1977، إبان حكم الرئيس الراحل أنور السادات تم القبض على نجم مرة أخرى، ووجهت إليه تهمة تلاوة قصيدة "بيان هام" في إحدى كليات جامعة عين شمس، وأصدر الرئيس السادات قرارًا بإحالته إلى محاكمة عسكرية، التي أصدرت عليه حكما بالسجن لمدة عام.
وعاد نجم للسجن مرة أخرى عام 1981 في بيت باحثين علميين فرنسيين، اللذين عقدا مؤتمرًا صحفيًا في باريس نشرته جريدة لوموند الفرنسية أعلنا فيه أنهما تعرضا للتعذيب في سجن القلعة، وقالا إن نجم تعرض أيضا للتعذيب في سجن طرة، بينما كان نجم قابعًا في السجن مُعلنًا الإضراب عن الطعام حتى الموت إذا لم يفرج عنه.

ومن إيران.. مارينا نعمت
كاتبة كندية من أصل إيراني، مسيحية أرثوذكسية من طهران، وسجينة سياسية سابقة في سجن إيفين بطهران في عهد آية الله الخميني، من أشهر أعمالها الأدبية رواية سجينة طهران واجهت إثر الثورة الإيرانية عقوبة الإعدام بعد أن لفقت لها تهمة معاداة الحكومة الإيرانية، وهي حينها كانت ابنة السادسة عشر. لتنجح مارينا في الفرار لكندا وتستقر حاليًا هناك مع زوجها وأولادها كاتبةً لنا أبرز مشاهد المعاناة والتعذيب التي شاهدتها خلال مدة حبسها في سجن إيفين بعد أن خفف عليها حكم الإعدام. استمرت مارينا محتفظة بسرها وذكرياتها طوال 20 عاما إلى أن قررت إصدار الكتاب وتعريف العالم على قصتها في 2007، وقد صدرت ترجمة الكتاب للعربية في 2011 عن دار كلمات عربية.

سميح القاسم شاعر لم يعرف القيود 
سُجِن الشاعر الفلسطيني سميح القاسم أكثر من مرة كما وُضِعَ رهن الإقامة الجبرية والاعتقال المنـزلي وطُرِدَ مِن عمله مرَّات عدّة بسبب نشاطه الشِّعري والسياسي وواجَهَ أكثر مِن تهديد بالقتل، في الوطن وخارجه. اشتغل مُعلمًا وعاملًا في خليج حيفا وصحفيًا؛ وسميح القاسم أحد أهم وأشهر الشعراء العرب والفلسطينيين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والمقاومة من داخل أراضي العام 48، رئيس التحرير الفخري لصحيفة كل العرب، عضو سابق في الحزب الشيوعي؛ ولد لعائلة درزية في مدينة الزرقاء يوم 11 مايو 1939، وتعلّم في مدارس الرامة والناصرة؛ وعلّم في إحدى المدارس، ثم انصرف بعدها إلى نشاطه السياسي في الحزب الشيوعي قبل أن يترك الحزب ليتفرغ لعمله الأدبي؛ وسميح القاسم شاعر غزير الإنتاج يتناول في شعره الكفاح ومعاناة الفلسطينيين، وما أن بلغ الثلاثين حتى كان قد نشر ست مجموعات شعرية حازت على شهرة واسعة في العالم العربي؛ كتب أيضًا عددًا من الروايات، ومن بين اهتماماته إنشاء مسرح فلسطيني يحمل رسالة فنية وثقافية عالية كما يحمل في الوقت نفسه رسالة سياسية قادرة على التأثير في الرأي العام العالمي فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية.

ومن المعتقل صار "يوسف فاخوري" أديبًا
الأديب المصري يوسف فاخوري يقول إن اعتقاله مطلع الثمانينيات كان تجربة ثرية له، فهو الذي جعلنى أديبا، حيث قابل في المعتقل الأديب محمد المخزنجى والأديب محمود الوردانى، كانا يكتبان القصص في المعتقل ويحفظانها ويرويانها شفهيًا، حالة بديعة دفعته لكتابة أول قصص بهذا الشكل الشفاهى قبل أن ينقلها على الورق بعد خروجه من المعتقل؛ ومن المعتقل صار فاخوري أديبا.
"الحلاج" شهيد الشعر
أحد أكبر شعراء الصوفية على مر العصور؛ ولد في 26 مارس عام 922 بالعراق، وقد ذاعت شهرته وأخباره وراج أفكاره المخالفة لآراء الخليفة عند كثير من الناس، حتى وصلت لوزير الخليفة العباسي المقتدر بالله وفي يوم الثلاثاء 24 من ذي القعدة سنة 309هـ تم تنفيذ حكم الخليفة، وعند إخراجه لتنفيذ الحكم فيه ازدحم الناس لرؤيته. ويقال إن سبب مقتله يكمن في إجابته على سؤال أحد الأعراب الذي سأل الحلاج عما في جبتهِ، فرد عليهِ الحلاج "ما في جبتي إلا الله" فاتهم بالزندقة وأقيم عليهِ الحد، وقيل إن السبب قد يكون سياسيًا آنذاك.