رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

رئيس شئون المعلومات لدى "ساكسو بنك" في حواره لـ"البوابة نيوز": مصر محطة مهمة للاستثمار الأجنبي.. والاقتصاديات العالمية ستتأثر بأمريكا.. والدولار سيستقر عند 14 جنيهًا

ستين جاكوبسن
ستين جاكوبسن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مجلس الاحتياطى الأمريكى سيرفع أسعار الفائدة نهاية العام

حذر ستين جاكوبسن، رئيس الاقتصاديين ورئيس شئون المعلومات لدى ساكسو بنك، من تدخل البنك المركزى لحماية الجنيه، قائلًا إن مصر ستصبح قبلة الاستثمارات، وإن الاقتصاد العالمى يسير نحو الركود، وفوز ترامب سيدخل الاقتصاد العالمى فى كبوة، مضيفًا فى حواره مع «البوابة» أن هناك عدة دول كبرى تتفاءل بمستقبل مصر الاقتصادى الذى نتوقع له أن ينخفض معدل التضخم فيه إلى 7% مع ترك السوق وسط حرية سعر العملة، فالسلع ستعاود دورتها ويتم التسعير الحقيقى داخل الاقتصاد الكلى، والاقتصاد المصرى بدأ فى التحسن، إلى نص الحوار.
■ كيف ترى الوضع الحالى للاقتصاد المصري؟
- الاقتصاد المصرى يواجه الكثير من التحديات، ولكن توليفة تعويم الجنيه المصرى، بالإضافة إلى قرض صندوق النقد الدولى، خلقا برنامجًا جديدًا، إذا ما أُعطى الوقت له يُمكن أن يسهم فى استعادة مكانة مصر باعتبارها دولة وشريكا إقليميا قويا للعالم، ولن تأتى تلك التغييرات بسهولة، ولكن رغبة المرونة والتغيير جزء لا يتجزأ من قرار تعويم العملة، وهو يُظهر الشجاعة والترتيبات الجديدة المُتسقة مع الواقع وهو أمر واعد، خاصة أن الاقتصاد المصرى يجب أن يعتمد على المشروعات الصغيرة بنسبة ٨٠٪ و٢٠٪ للمشروعات الكبرى، لكننا نلاحظ أنه خلال السنوات العشر الماضية حصلت المشروعات الكبرى على الائتمان بنسبة ٨٠٪ بينما حصلت المشروعات الصغيرة على ٢٠٪، وحصلت الشركات الكبرى على ٨٠٪ من الأرباح وبالتالى نجد أن الدولة قدمت ١٠٠٪ للمشروعات الكبرى دون النظر لموقع الإنتاج وعدد الوظائف، فالمشروعات الكبرى توفر ٢٠٪ من حجم سوق العمل بينما المشروعات الصغيرة توفر ٨٠٪، وقد ظهر جليًا استحواذ الشركات الكبرى على الصغيرة لنجد أن ١٠٠٪ من الدعم والحوافز حصلت عليها الشركات الكبرى فقط دون وجود نتيجة فاعلة عبر حوافز فى الأراضى والضرائب وتناست الاستثمار فى البشر الذى كان يمكن أن يكون حلًا جذريًا لمسألة البطالة، لو تم التركيز على المشروعات الصغيرة على الرغم من أن هناك عدة مكونات تتحكم فى هذه التوجه منها عوامل الديمقراطية والإنتاجية التى ترتبط بنسبة ٨٠٪ من نموها على المشروعات.
■ قرار تحرير العملة فى مصر.. هل هو قرار صائب أم خاطئ؟
- مسألة تحرير العملة خطوة صغيرة جدًا على طريق انفتاح مصر على العالم، وقدمت مصداقية للعالم أجمع على أن مصر تسير فى اتجاه اقتصاد حقيقى، وأتعجب من قلق المصريين من هذا القرار، ولدينا مثال واضح روسيا مثلًا عندما حررت أسعار النفط لم يتدخل البنك المركزى هناك، ولم يستهدف التضخم، فالبنك المركزى هناك يقف على الحياد، ولم يتحكم فى سعر العملة، فالاتجار بالعملة بشكل حر يعطى مصداقية أكبر، ولا شك أن عدة دول كبرى تتفاءل بمستقبل مصر الاقتصادى الذى نتوقع له أن ينخفض معدل التضخم فيه إلى ٧٪ مع ترك السوق وسط حرية سعر العملة، فالسلع ستعاود دورتها ويتم التسعير الحقيقى داخل الاقتصاد الكلى، والاقتصاد المصرى بدأ فى التحسن وحزمة الصندوق فاعلة لكنها لا بد أن ترتبط بأجندة اقتصادية حقيقية تختلف عن أجندة السنوات العشر الماضية.
■ هل تعتقد أن يحدث انخفاض للدولار مقابل الجنيه فى الفترة المقبلة؟ 
- أعتقد أن الدولار سيقفز إلى ما أكثر من ١٥ جنيهًا لفترة لكنه سرعان ما سيعود ويستقر عند ١٤ جنيهًا فى ظل ازدهار البورصة، ولو تركت الحكومة كل شيء يسير دون استهداف للعملة ستصبح مصر فى مقدمة الاقتصادات العالمية وستجتاحها ثورة صناعية وتصديرية يجب أن يقابلها خفض فى الاستيراد وتقديم حوافز ودعم للقطاع الخاص.
■ البعض يرى أن عدد الوزارات كبير حاليًا.. فما رأيك؟
- للأسف يعتقد البعض أن خفض عدد الوزارات أو ما يسمى بوزارة إدارة الأزمة شىء سيئ، وعدم وجود حكومة أو خفض عدد الوزارات سيصيب الدولة بالشلل والعشوائية، فإذا علمنا أن الواقع العملى عالميًا يقول إن بلجيكا ظلت ٢٤ شهرًا دون حكومة وتحسن اقتصادها رغم عدم تغيير السياسات، أيضًا إسبانيا ظلت ١٦ شهرًا دون حكومة وحققت توقعات نمو عالية وانخفض العجز.
■ ما أهم المشكلات التى يعانى منها الاقتصاد المصرى فى الوقت الحالي؟
- أعتقد أن السيطرة على عجز الموازنة والأجور والدعم والروتين فى مصر والنظام الجمركى ما زال كما هو، فجيد أن يكون لدينا برلمان لكنه ما زال لم يقم بإصدار أى قوانين اقتصادية حقيقية، ولا بد من إعادة النظر فى هيكلة الطاقة والخبز، ولو كنت رئيسًا لمصر لعملت على اتساع ميزانية التعليم، وخصصت له أكبر قدر ممكن من الدخل، فتعليم الجميع يسهم فى البحث والابتكار، وأتعجب من حمل المصريين لعدة هواتف لا تستغل فى عملية التعليم عن بعد، فى مصر عدد قليل جدًا من الناس حاليًا يجد كل ما يحتاجه وآخرون لا يستطيعون توفير احتياجاتهم، ويجب أن تكون هناك فرص متاحة ومتساوية للجميع، فالحلول دائمًا لا تكون سهلة ولا بد من حصول الجميع بشكل متساو على خدمات التعليم والسكن وغيرهما، لا بد من دور أكبر للمغتربين المصريين بالتوجه للاستثمار فى مصر عبر مجموعة من التسهيلات، وأعتقد أن وجود سعر عملة غير حقيقى ومصطنع سيظل لفترة بسيطة لكن سيقابله استقرار فى أسعار السلع وزيادة فى التدفقات النقدية وللحق لا يوجد رئيس بنك مركزى فى العالم لا يتدخل فى الاقتصاد والعملة.
■ ما النصيحة التى توجهها للبنك المركزى المصري؟
- أنصح مسئولى المركزى فى مصر الابتعاد عن الـ«فيس بوك» والعالم الافتراضى والتعامل مع الواقع الفعلى، وخلال سنوات من تحفيز الاستثمارات الخاصة تنتقل مصر من نظام العملة الثابت إلى المحرر كليًا وأعتقد أن هناك تدابير ستطبقها مصر بمصداقية فى عملها مع الاقتصاد خلال المرحلة المقبلة، خاصة سياسة الرقابة ورفع قيمة رقم الاحتياطى النقدى عبر توقع أى متغيرات داخلية أو عالمية، ويجب أن تكون الحكومة قادرة على التغيير، ولا شك أن مشروع قناة السويس الجديدة قد قدم رسالة صحية للعالم حول الاقتصاد المصرى، وأعتقد أن كبار المستثمرين يدرسون السوق المصرية الآن تمهيدًا لأن تكون الثلاث سنوات المقبلة أمل مصر فى جذبها.
وللحق، المصريون كانوا يعلمون ويعرفون ما سيحدث فى النهاية، والنظام المصرفى والبنوك المصرية لديها معدلات فائدة عالية جدًا مقابل مخاطر جمة تعانى منها يوميًا، ولا بد من النظر إلى تكلفة رأس المال التى أصبحت فى مصر عالية لكننى أرى أيضا أنه لا يمكن تغيير معادلة النظام، وعلى المركزى التدخل لخفض هامش الفائدة الخاص بالإقراض فى رأسمال الشركات.
وللأسف أجد البعض قلقًا من الديون المصرية، لكن الحقيقة هى أن مصر أكبر من حجم ديونها، ولديها إمكانيات بشرية ومواد خام وعوامل أخرى غير مستغلة، فحجم الدين فى مصر وإن كان ٨٠٪ فإنه فى أمريكا والصين يصل إلى ٢٥٠٪، وأعتقد أن تكلفة الديون ستنخفض مع قروض الصندوق وسيؤدى ذلك لزيادة الحدود المتوفرة للاستثمارات.
■ هل ستؤثر نتيجة الانتخابات الأمريكية فى الاقتصاد العالمي؟ 
- بالطبع نتيجة الانتخابات الأمريكية جاءت كتصويت من أجل التغيير، فى حين تبدو التوقعات الاقتصادية الأمريكية كنوع من التحدى فى ظل ارتفاع توقعات التضخم، وهو ما يزيد من احتمال حدوث ركود فى العام المقبل، واختيار ترامب لا يتعلق بوجود مشاكل بل تمثل التمرد ضد العولمة والبيئة المؤيدة للتجارة والسعى نحو التغير الاجتماعى اللازم للتعامل مع ظروف عدم المساواة الاقتصادية والسياسية.
والركود فى الولايات المتحدة قد يستمر على الرغم من توقعات الطفرة المالية تحت رئاسة دونالد ترامب والجمع بين قوة الدولار الأمريكى مع نية مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى رفع أسعار الفائدة بحلول شهر ديسمبر من هذا العام يضمن تقريبًا زيادة كبيرة فى احتمال حدوث ركود فى الولايات المتحدة، ولن ينال ترامب رضاء الأمريكيين رغم أنهم يرونه أفضل رئيس، فأسهم الشركات الصغيرة قد انهارت بعد انتخابه وسيكون لذلك أثر طويل المدى وسيطرح منتجات مالية جديدة لكنه لن يجد من يشتريها، ومعها سينخفض معدل الفائدة خلال ٥ أو ٦ أشهر، وأتوقع بعدها أن ترتفع أسعار الفائدة مرة أو مرتين خلال العامين المقبلين وسيتراجع الاقتصاد الأمريكى مؤثرًا نوعًا ما على باقى الاقتصاديات ومنها مصر، لكن هذه الأسواق ستستوعب هذا الانخفاض عبر العمل والإنتاج وسيكون معدل النمو معقولًا.
■ هل معنى ذلك أن القادم أسوأ؟
- من واقع نظرتى للاقتصاد الكلى فى ظل وجود أسواق حرة مع انهيار السياق الاجتماعى وتأثير الاقتصاد بالسياسة، والثروات وعدة عوامل أخرى فى المجتمع، أستطيع أن أقول بنظرة مخالفة إن الاقتصاد العالمى سيتجه خلال المرحلة المقبلة للأسوأ، فالجميع على مستوى العالم يرى أنه لا وسيلة للتغيير فى الوقت القريب، وإن كان البعض يرى أنه يسير للأفضل إلا أن لدىّ نظرية واضحة معاكسة، فمعدلات النمو ما زالت منخفضة ومعدلات التضخم ما زالت مرتفعة، لكن هناك معدلات أعلى للتجارة فى سوق المال، ومن شأن الركود فى أكبر اقتصاد فى العالم أن يكون له تأثير واسع المدى، لا سيما الخطر الذى يشكله الأداء الضعيف للاقتصاد الأمريكى، والذى قد يؤدى إلى تباطؤ النمو العالمى. 
■ وحتى نهاية العام كيف ترى الصورة؟
- نهاية عام ٢٠١٦ ستشهد قوة الدولار الأمريكى وضعفًا فى أسعار السلع والأسهم، ولكن رؤيتنا لعام ٢٠١٧ بالكامل تعتمد على دورة إضعاف للدولار الأمريكى من أجل إشعال أسعار النفط والذهب أولًا، وبعد ذلك إحلال الاقتصاد الحقيقى فيما يبدل التذبذب بتغيير النظام النقدى بعيدًا عن التسهيل الكمى للسماح لاستثمارات أكثر إنتاجية مثل البنية التحتية والتعليم. 
■ وهل نتيجة لذلك ستتأثر أسعار النفط؟
- سعر النفط الخام ينبغى أن يظل داخل نطاق ٣٥-٦٥ دولارًا أمريكيًا للبرميل، إلا أن سحب الاستثمارات سوف يزيد من الضغوط السعرية خلال ٢٠١٧ على الرغم من الدلائل التى تشير إلى تباطؤ إنتاج الدول النفطية، ووفقًا للسيناريو الأساسى المتوقع لدينا فإن ضعف الدولار الأمريكى بالإضافة إلى النمو المتوقع للصين يمكن أن يصل بمتوسط سعر برميل النفط إلى ٥٠ دولارًا أمريكيًا، وسعر النفط عالميًا متحكم فى متغيرات كثيرة، وأعتقد أن هناك فرصة فعلية لتغيير الأسعار، فأكبر الدول إنتاجًا مثل السعودية غيرت أسعارها عبر العرض والطلب، وسيعقب هذا التغيير إحداث توازن خلال السنوات الخمس المقبلة ليصل ما بين متوسط ٣٥ دولارًا ثم إلى ٦٥ دولارًا لحظة ذروة الطلب التى أتوقع أن تكون خلال عامين.