رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

"أكرم".. رحلة رائد فضاء من مدارس الحكومة إلى "ناسا"

درس فى الجامعة الألمانية وطار إلى ميونخ

اكرم امين
اكرم امين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أفلام الخيال العلمى هوايته المفضلة، ينبهر بأولئك الذين يذهبون للفضاء، ويعودون ثانية وكأنهم فى نزهة إلى حديقة لا تستغرق بضع ساعات، كيف يتحملون الجاذبية، بماذا يشعرون عندما تلمس أقدامهم سطح القمر، هل يتمنون قضاء المتبقى من حياتهم هناك فى الفضاء البعيد حيث العالم الغامض؟ أسئلة كثيرة تدور فى ذهن الطفل أكرم أمين.
ينمو الطفل على أخبار رواد الفضاء، عاكفًا على قراءة الكتب التى يجلبها له والده الضابط فى سلاح الدفاع الجوى، ومستمعًا جيدًا لصوت الجد والالتزام، الذى تعزفه والدته الأستاذة بكلية التربية الموسيقية، حتى يتخرج «أمين» فى مدرسة عمر بن الخطاب التجريبية للغات بمنطقة السبع عمارات، وينهى شهادة الثانوية العامة عام ٢٠٠٥ وكان ترتيبه آنذاك الـ١٦ على مستوى الجمهورية.
الحلم ينمو بالتحاقه بكلية الهندسة بالجامعة الألمانية بالقاهرة، وتبدأ خطوة الألف ميل فى تحقيق العلم فى اليوم الذى وطئت فيه قدما «أمين» أرض مدينة «شتوتجارت» الألمانية عام ٢٠٠٩، لإكمال دراسته والحصول على شهادة الماجستير.
يروى أمين كيف واجهته الصعوبات فى ألمانيا: «تقدمت بعدة طلبات للعمل لدى عدد من شركات الفضاء الأوروبية، بعدما سافرت ألمانيا، لكن كل الطلبات كانت ترفض، وكل محاولاتى باءت بالفشل نظرًا لعدم وجود مؤهلات كافية، وأخيرًا فى النهاية نجحت فى الالتحاق بالمركز الألمانى للطيران والفضاء».
«متدرب».. هكذا التحق بالمركز الألمانى للفضاء، صفة لا ترضى غرور أحلامه الممتدة لعنان الفضاء الواسع، ولكنها أمر مؤقت حتى حصوله على درجة الماجستير فى مجال «هندسة الاتصالات وتكنولوجيا الإعلام»، وانتقاله إلى الجامعة التقنية فى مدينة ميونخ بألمانيا، لإكمال دراسته والحصول على درجة الماجستير فى «علوم وتكنولوجيا الفضاء المتعلقة بالكرة الأرضية».
«بدأت شغلى فى ٢٠١١ كمهندس تطوير لدى المركز الألمانى للطيران والفضاء فى مدينة أوبر بفافنهوفن، وفى نفس الوقت كنت بشتغل على إعداد أطروحة الدكتوراه فى قسم ديناميكية أنظمة الطيران فى الجامعة التقنية ميونخ».. وهكذا بدأت حياة «أمين» العملية تسير بخطى واثقة نحو النجاح.
خمس سنوات إلى الوراء، من هنا كانت بداية كل شيء، عندما ظهرت وكالة «ناسا» فى الأفق تلوح له بالأمل وتؤكد أنه لم يسع وراء السراب وإنما الحقيقة المطلقة، وذلك عندما أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية عن مسابقة لإرسال تجارب علمية إلى المحطة الفضائية الدولية.
يتذكر «أكرم» تلك الفترة: «تعاونت مع الزميلة هناء جابر فى جامعة ميونخ لتصميم تجربة لإرسال بروتين فيروس سى للفضاء لينمو بدون جاذبية، ليساعدنا هذا على فهم الفيروس وذلك من خلال برنامج يتلقى تمويلًا من (ناسا) وهو تصميم لتجربة السفر إلى الفضاء لارتفاع ١٠٠ كم من أجل دراسة الغلاف الجوى على هذا الارتفاع».
هكذا وجد «أكرم» بغيته ولذلك سيفعل أى شيء للوصول إلى الفضاء على متن مركبة فضائية ضخمة، ليبدأ حلمه ليجيب عن التساؤلات التى طالما طرحها عن هذا العالم الغامض، دون أن يثقل كاهله بهم البحث عن تمويل لرحلته الاستكشافية، فالبرنامج الذى أطلقته «ناسا» يعطى الفرصة من خلال بعض الشركات الخاصة لكثير من الأفراد للالتحاق ببرامج الفضاء، والذى كان سابقًا يحتاج إلى تمويل ضخم ولهذا كانت وكالات الفضاء تعمل مع أبناء وطنها فقط.
المنافسة كانت قوية كما يصفها أكرم: «الموضوع كان صعبًا بعد الإعلان عن البرنامج، والمسابقة تقدم لها مئات لاغتنام الفرصة التى لن تتكرر، وفى النهاية بعد منافسة قوية اختارت ناسا ١٢ شخصا فقط لتنفيذ البرنامج، وكنت أنا واحدا منهم».
يقترب الحلم أكثر وأكثر، ويشعر بأنه على الطريق الصحيح عندما بدأ فى الخضوع لتدريبات البرنامج، الخاصة بتدريب رواد فضاء وخاصة التمارين التى تساعد على تحمل أربعة أضعاف قوة الجاذبية.
يلتزم «أكرم» ببرنامج «ناسا» ويبحث عن المزيد والمزيد من العمل فى هذا المجال الذى عشقه منذ صغره، فيلتحق فى نفس الوقت بالمنظمة الخيرية «آسترونتس فور هير»، ويصبح عضوًا فيها، حيث يتم فى هذه الجمعية تدريب الأعضاء على القيام بمهام الفضاء، ويحصل على دروس لتعلم الطيران وعلى شهادة ممارسة الغوص، وبعد كل هذه التدريبات الأساسية لرواد الفضاء كان «أكرم أمين» جاهزًا كليًا لدخول المركبة الفضائية والانطلاق بعيدًا إلى حيث حلمه الكبير.
كانت هذه رحلة الشاب المصرى من مدرسة عمر بن الخطاب إلى الفضاء الفسيح، حيث قضى نصف عمره تقريبًا يعمل جاهدًا ليكون فخرًا لأسرته ولبلاده، ويشكر كل من سانده قائلاً: «لولا دعم أسرتى وزوجتى وابنى الصغير وكذلك أصدقائى فى مصر ما كان لهذا الحلم أن يتحقق».
والآن ينتظر «أكرم أمين» فى مكان عمله، وصول رسالة من وكالة «ناسا» الفضائية تخبره بأنه قد تم اختياره فى إحدى المهمات الفضائية التى تنطلق فى ٢٠١٧، بعد أن اختتم كل تدريبات رواد الفضاء، وحصل على الشهادات اللازمة التى تؤهله ليكون واحدًا من المجموعة التى ستسافر إلى الفضاء لتحل لنا مزيدًا من الألغاز الكونية.