يجلس على سريره حاملًا حاسوبه، يضع أفكاره المختلفة ولمساته على عمل فنى، ينفصل عن الواقع ليدخل عالمًا خياليًا يمكنه من إنتاج أعمال تذهل من يشاهدها، دخوله لكلية الصيدلة لم يمنعه من تحقيق أحلامه، فاختير ضمن أفضل ٢٥ مصممًا شابًا فى العالم، واختارته شركة أدوبى ليكون مسئولًا عن صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعى، وتحولت فنونه لتحتل مكانها على طوابع البريد البريطانية.
رغم كونه طالبًا فى كلية الصيدلة، إلا أن حبه لمجال المواقع والمنتديات منذ أن كان بعمر ٧ سنوات دفعه للبحث عن طريقة لتصميم الصور ليستخدمها فى تلك المواقع والمنتديات، فكان يطلب من أصدقائه ممن يملكون خبرة فى التصميم أن يساعدوه، إلى أن تعلم طريقة التصميم عبر برنامج «فوتوشوب»، لتبدأ الرحلة.
لم يكن للفتى الصغير سبيلاً سوى المواقع الأجنبية ليتعلم منها طرق التصميم المختلفة، وكيفية مزج العناصر الفنية والألوان، واعتمد على التعلم عبر الإنترنت فى تصميم الصور الصغيرة للمواقع والمنتديات التى يصممها، إلى أن تخصص فى مجال Photomanipulation، وهو أحد فنون التصميم العصرية، نظرًا لأنه أحب الأعمال التى كان يراها فى مواقع التصميم الأجنبية، وقرر أن يكمل طريقه فى ذلك المجال: «اخترت المجال ده بالذات لأنه ممتع جدًا وشيق وكبير».
لاحظ الوالد تفوق ابنه فى ذلك المجال، فشجعه وذهب به إلى مركز قوى ليتعلم فنون التصميم من أساتذة متخصصين، وتلقى الفتى دعمًا هائلًا من أسرته وأصدقائه مع كل تصميم ينفذه، إلى أن بدأت إبداعاته فى الظهور بشكل مميز ولافت للأنظار، ورغم أن «عماد الدين» عانى لبعض الوقت، بسبب الإحباط والاكتئاب اللذين تسللا إلى نفسه، لكنه كان يقوم سريعا ليستمر فى التصميم والإبداع، واضعًا أهدافه نصب عينيه.
اللحظة الفاصلة فى حياة «عماد الدين» كانت عندما اختارته فرقة موسيقى الروك البريطانية الشهيرة «بينك فلويد» ليصمم لها غلاف الألبوم الغنائى الخاص بها، والذى حمل عنوان «نهر لا نهاية له»، وقدم الشاب المصرى تصميمًا لافتًا لرجل يجدف على قاربه وسط بحر من السحاب، ليبدأ العالم فى التحدث عن الشاب المصرى الذى وصلت أعماله إلى العالمية.
لم تتوقف الأخبار السارة، فقد تم اختيار المصمم الشاب كواحد من أفضل ٢٥ فنانًا ومصمم جرافيك حول العالم، من قبل شركة Adobe العالمية، الرائدة فى مجال برامج التصميم والجرافيك، بل وتم اختياره ليصبح مسئولًا عن صفحاتها على موقعى فيسبوك وانستجرام، والتى يزيد متابعوهما حول العالم على ١٠ ملايين شخص، وذلك ليضع تصميماته غلافًا لتلك الصفحات، وآخر نجاح حققه الفنان الشاب هو أن تصميماته أصبحت يتم تداولها واستخدامها يوميًا، بعدما تحولت إلى طابع بريد رسمى فى شركة «رويال ميل» البريطانية.
يستلهم الفنان الشاب أعماله من الطبيعة المعكوسة، حيث ينظر إلى الأشياء بنظرة مختلفة، بحيث يكون العمل الفنى غريبًا ومعكوسًا، بالإضافة إلى تركيزه المستمر على الأعمال الفنية المتعلقة بالأحداث التى تمس القضايا الإنسانية، فهو يحاول دائمًا تحويل الأحداث السياسية السلبية وعنف الحروب والذكريات الصعبة التى يمر بها العالم إلى أعمال فنية تشع أملًا وبهجة قدر إمكانه، فأنتج أعمالًا فنية متعلقة بأحداث الحرب فى سوريا وأحداث ١١ سبتمبر الإرهابية والهجوم على برجى التجارة العالمية بنيويورك، ليحولها إلى تجسيد لأفكار السلام والأمل.
يرى «عماد الدين» أن مستوى المصممين فى مصر جيد، ويحتاجون فقط إلى العمل بجهد مستمر حتى يحققوا أهدافهم، حتى وإن تأخرت، مؤكدا أن هناك شركات مصرية قوية فى مجال التصميم، لكن الشركات العالمية الكبيرة تحتكر مجال التصميم فى الأسواق العالمية، نظرا لقوتها المادية، ولذلك نادرًا ما تظهر أسماء الشركات المصرية عالميًا.
لا ينظر «عماد الدين» إلى المكانة التى وصلت إليها أعماله الفنية، فهو يسعى أن يطور من نفسه فى الفترة المقبلة، من أجل الوصول إلى مستوى أعلى، وعدم الوقوف كثيرا فى المرحلة التى وصل إليها: «أتمنى إنى أتطور أكتر ومستوايا يبقى أعلى وأفضل فى المنافسة».