الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الموصل بعد "داعش"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تطهير الموصل من «داعش» قد يستغرق أيامًا أو أسابيع. لكنها ستعود فى نهاية المطاف إلى أهلها. السؤال الذى يتداوله العراقيون اليوم يتناول مستقبل الموصل بعد هزيمة «داعش» المتوقعة.
كان رئيس إقليم كردستان مسعود بارزانى أول من أطلق صفارة الجدل، حين قال إن حدود الإقليم هى النقطة التى ستصلها قوات البيشمركة المشاركة فى عمليات الموصل.
وهذا يعنى تقريًبا أطراف محافظة نينوى الشمالية والشرقية. لكن يبدو أن ما يسكت عنه أهل السياسة هو مرادهم وليس ما يقولونه. يريد بارزانى على الأرجح المساومة بورقة الموصل على ضم ما يسمى المناطق المتنازع عليها إلى إقليم كردستان، وهذه المناطق تضم المدن التى يسكنها خليط من الأكراد وغيرهم، وأبرزها كركوك المدينة النفطية الرئيسية فى الشمال، فضلًا عن أجزاء من محافظة ديالى الشرقية، التى تعتبر هى الأخرى نصف كردية.
عدد من وجهاء الموصل، أبرزهم محافظها السابق أثيل النجيفي، أراد استباق الأحداث، فحاول تشكيل ميليشيا محلية، واستعان بتركيا التى أرسلت بالفعل ٢٠٠٠ جندى لتدريب ما قيل إنه آلاف من الضباط الذين سبق أن خدموا فى الجيش العراقى. لكن النجيفى أفلح فى استقطاب ١٢٠٠ عنصر فحسب، أطلق عليهم اسم حرس الموصل. برر الرئيس التركى دخول قواته إلى الأراضى العراقية بالحيلولة دون تغيير ديموغرافى للموصل بعد تحريرها. ونعرف أنه يشير إلى العراقيين التركمان الذين تريد تركيا وضعهم تحت حمايتها. لكن مشكلة التركمان ليست فى الموصل، فمعظم هؤلاء يقطنون فى تلعفر وهى أقرب إلى الحدود التركية من الموصل، ومحافظة كركوك، التى يطالب بها الأكراد. كثير من أبناء النخبة الموصلية يدركون التعقيدات التى تحيط بمحافظتهم. يعلمون أن تحريرها من سيطرة «داعش» قد يكون بداية لجولة جديدة من الصراع بين القوى التي تتنازعها وتلك التى تتخذها ورقة فى نزاعات أخرى. مجموعة من هؤلاء من أبرزهم المؤرخ المعروف سيار الجميل بادروا لطرح مشروع اعتبروه طريقًا للتقاطعات الخطرة للقوى المحلية والإقليمية التى تتنازع المحافظة. يقترح هذا المشروع تحويل محافظة نينوى إلى إقليم فيدرالي، يتألف مبدئيًا من ست محافظات. وقد جرى اختيار حدود المحافظات بحسب أكثريتها السكانية. فسهل نينوى سيكون محافظة واحدة أو اثنتين للمسيحيين والأقليات الدينية الأخرى، وستكون كل من مدينة الموصل وجنوبها محافظتين للعرب، وسنجار للإيزيديين، ومخمور للأكراد، وتلعفر للتركمان، مع إمكانية فصل جزء من تلعفر ليكون محافظة أو اثنتين واحدة لعشائر ربيعة العربية وأخرى لعشائر زمار الكردية.
يعتقد الدكتور الجميل أن محافظة نينوى تتمتع بهوية خاصة متمايزة عن محيطها كله، وأن هذا يبرر فكرة الإقليم الذى لن ينفصل عن العراق، لكنه سيشكل تجربة ثانية بعد إقليم كردستان، لا سيما أن الدستور العراقى يتسع لتحول محافظة أو أكثر إلى إقليم ذى صلاحيات واسعة.
لكننى أميل إلى الظن بأن القلق من التصارع الإقليمى والمحلى على الموصل، هو الدافع الرئيسى لهذا المشروع. فهو يقول ببساطة لكل المتنازعين: بدلًا من أن تتقاتلوا، دعونا نتفق على التفارق دون حرب. التطليق بإحسان يعطى كل طرف ما يريده بالتوافق مع الأطراف الأخرى.
أظن أن معظم العراقيين العرب سيعارضون الفكرة، لأنها تشير إلى التقسيم البغيض فى الثقافة العربية. لكن ثمة من يقول إن الأمريكان يودون تطبيقها. وهى على أى حال أحد الحلول المحتملة، مع أن إقرارها يحتاج للكثير من النقاش.
نقلًا عن الشرق الأوسط